باتت المرأة الجزائرية تنافس الرجل في كافة الميادين، خاصة العلمية منها والسياسية والثقافية...الخ من مجالات فتحت الباب امام العنصر النسوي لاظهار قدراته وطاقاته العملية والمهنية في ظل الانفتاح على العولمة والتطور التكنولوجي الذي تشهده الجزائر، غير ان اللافت للانتباه، كون هذه المنافسة لم تتوقف عند هذا الحد فحسب ولم تكن ايجابية في كامل الاحيان، بل خطت منعرجا خطيرا واخذت اتجاها سلبيا، حسبما يشير اليه تقرير قيادة الدرك الوطني، حول تورط النساء في مختلف أنواع الجرائم خلال السداسي الأول لسنة ,2009 والذي اظهر انه على اثر معالجة 25529 قضية، تم توقيف 33145 شخص مجرم من بينهم 1068 امرأة متورطة في مختلف أنواع الجرائم. ورغم ما يعبرعنه هذا الرقم من تكثيف لنشاط وحدات الدرك الوطني في مجال مكافحة الجريمة والجريمة المنظمة والتقليل من حدتها السلبية على مختلف المستويات، الا انه يدق بالموازاة مع ذلك ناقوس الخطر حول تنامي ظاهرة جديدة تكمن في اقتحام المراة الجزائرية لعالم الاجرام وتورطها اكثر فاكثر في القضايا المسجلة من قبل الاجهزة الامنية، الامر الذي سيكون له اثر وخيم على المجتمع وبنيته الاساسية، خاصة لما للمرأة من دور في بناء قوام الاسرة التي تمثل النواة الاساسية لاي دولة. وما يمكن الإشارة إليه حسب نفس الدراسة، أن عدد النساء الموقوفات خلال هذه المدة يعتبر مرتفعا، فبناء على الدراسات السابقة حول إقبال المرأة على ارتكاب الجريمة في الجزائر، تم تسجيل سنة ,2007 توقيف 1065 امرأة مجرمة، حيث تبدو الخطورة في تقارب الرقمين رغم أن الأول لستة أشهر فقط والثاني لسنة كاملة، مما يؤكد أن إقبال المرأة على الإجرام في تزايد مستمر رغم المكافحة والردع المستمرين من طرف وحدات الدرك الوطني. وحول طبيعة القضايا المعالجة ومختلف أنواع الجرائم التي ارتكبتها المرأة خلال السداسي الأول لسنة ,2009 فانه حسب الإحصائيات المسجلة يظهر تورط النساء في ارتكاب أكثر من 25 نوعا من الأفعال الإجرامية، برزت فيها 10 انماط أقبلت عليها المرأة في هذه المدة بكثرة وأوقف بسببها عدد كبير من النساء المجرمات. ويتعلق الامر بالضرب والجرح العمدي، التهريب، الهجرة غير الشرعية، السرقة، الدعارة، الفعل المخل بالحياء، تجارة المخدرات، تكوين جمعية أشرار وكذا القتل العمدي، حيث عالجت وحدات الدرك الوطني على مستوى 48 ولاية، 1923 قضية ضرب وجرح عمدي، أوقف من خلالها 2895 شخص من بينهم 99 امرأة، كلهن ارتكبن هذا الفعل الإجرامي العنيف الذي يلحق الأذى بالضحية وقد يكون مع سبق الإصرار والترصد. كما تتصدر هذه الجرائم قضايا التهريب، اين تم احصاء 1994 قضية، اوقف على اثرها 1147 شخص من بينهم 97 امرأة، ويعتبر التهريب بمختلف أشكاله جريمة خطيرة جدا، لكونه يلحق الضرر بالاقتصاد الوطني بالدرجة الأولى، والأخطر من ذلك هو ارتفاع عدد النساء الموقوفات بسبب التهريب، حيث سجل في إحصائيات الدراسة السابقة في الشهرين الأولين لنفس السنة، توقيف 40 إمرأة بخصوص هذه الجريمة، بحيث تجدر الاشارة الى أن شبكات التهريب أصبحت تقحم المرأة من أجل مغالطة حواجز الدرك الوطني عبر الشريطين الحدوديين (الشرقي والغربي) للبلاد، لكن فطنة وحدات الدرك لهذا التحايل الذي لجأت إليه شبكات التهريب، جعلت عناصر السلاح الاخضر يوقفون النساء المهربات وبالتالي إجهاض عمليات التهريب التي تشارك فيها المرأة المجرمة. والى جانب ذلك فقد عالجت وحدات الدرك الوطني خلال نفس الفترة، 950 قضية ادت الى توقيف 3593 شخص من بينهن 83 امرأة غير أن معظم النساء الموقوفات بسبب الهجرة غير الشرعية هن نساء أجنبيات دخلن إلى الجزائر بطريقة غير شرعية، وفي الغالب نجدهن من النساء الإفريقيات السوداوات، ويتم إيقافهن على الشريط الحدودي أو داخل التراب الوطني، والأخطر في هذه الجريمة أنها تؤدي إلى مشاكل وآفات أخرى، على غرار انتشار مرض السيدا وتجارة المخدرات ومختلف أنواع التزوير، أي أن جريمة واحدة يمكن أن تفتح المجال لهؤلاء النساء لارتكاب جرائم أخرى . وبخصوص السرقة، فقد تم احصاء 2940 قضية على مستوى التراب الوطني، أوقف من خلالها 2537 شخص مجرم، من بينهم 67 امرأة، حيث تم إيقاف 30 امرأة بتهمة السرقة خلال الشهرين الأولين لهذه السنة بما يعكس ارتفاع تورط النساء في هذا الفعل الإجرامي، وتعتبر هذه الجريمة مألوفة لدى الجنسين وهذا الارتفاع يجعلنا نتوقع كم هو رقم نهاية السنة، في إقدام المرأة على جريمة السرقة. من جهة اخرى فان تورط المراة لم يتوقف عند هذا الحد، بل تمادى في ميادين نسائية محضة، وفي مقدمتها الدعارة، حيث عالجت وحدات الدرك خلال هذه المدة 24 قضية، وأوقف من خلالها 86 شخصا من بينهم 40 امرأة تمارس جريمة الدعارة التي اعتدتها النساء، وانتشرت في مختلف مناطق الوطن رغم تفاوتها من ولاية لأخرى، بعد ان احترفتها فعلا، وأصبحت تتخذها مهنة ودخلا فرديا، وأحيانا تمارس بشكل جماعي في مجموعة تديرها امرأة أو رجل، وذلك الى جانب جريمة أخلاقية اخرى تتورط فيها المرأة أساسا وتمس بالآداب العامة وتتعلق بالفعل المخل بالحياء، حيث تم تسجيل 374 قضية أوقف على اثرها 540 شخص من بينهم 36 امرأة، بحيث تكمن خطورة هذه الجريمة في كونها تساهم بشكل مباشر في تفكك وانحلال الأخلاق، وبالتالي تفكك المجتمع، وهذا ما يجر إلى جرائم أخرى، على غرار الإغراء على الطريق العمومي التي تعتبر جريمة أخلاقية تمس بالآداب العامة للمجتمع، تقف فيها العاهرات على قارعة الطريق العمومي أمام مرأى المارة سواء من الراجلين أو الذين يقودون سياراتهم النفعية، وهنا تقوم ذات النساء المجرمات بإغراء زبائنهن من الرجال من أجل جرهم إلى ممارسة الدعارة والرذيلة، بحيث احصت وحدات الدرك الوطني في هذا السياق 69 قضية وأوقف من خلالها 97 شخصا منهم 30 امرأة. وزيادة الى كل ما تم ذكره، فان اخطر ما اقترفته المراة الجزائرية خلال هذه الفترة، ممارستها لتجارة المخدرات وتسويقها، فالملاحظ ان وحدات الدرك الوطني عالجت خلال السداسي الأول لسنة 1586 ,2009 قضية أوقفت على اثرها 2451 شخص من بينهم 32 امرأة، وقد ارتفع تورط في الجريمة المنظمة مقارنة بالإحصائيات السابقة، بحيث تجدر الاشارة في هذا الصدد إلى أن الاتجار بالمخدرات له علاقة بجريمة التهريب فهذا الأخير هو مصدر وصول مختلف أنواع المخدرات وأكثرها ڤ الكيف المعالج، وكما ذكرنا أن شبكات الجريمة المنظمة وجمعيات الأشرار أصبحت تقحم عنصر النساء لمغالطة أفراد الدرك الوطني، لكن فطنة وخبرة رجال السلاح الاخضر جعلتهم يكافحون الجريمة المنظمة رغم تحايل المجرمين. غير ان اللافت للانتباه كون فضول المراة الجزائرية ومغامرتها تجاوزت كل الحدود وفاقت كامل التصورات، واتخذت منعرجا خطيرا، خاصة بعد ان ارتبط اسمها بالجماعات والتنظيمات الاجرامية الخطيرة، وباتت عنصرا رئيسيا ضمن هذه العصابات التي تقوم بإلحاق الضرر بالأشخاص والممتلكات العامة والخاصة، وبالتالي المساس بالسكينة والهدوء والأمن، هذا وقد عالجت وحدات الدرك خلال هذه المدة 489 قضية، ادت الى توقيف 1378 شخص من بينهم 23 امرأة، ورغم أن عدد الرجال الموقوفين بخصوص هذه الجريمة أكبر من عدد النساء إلى أن الأمر خطير جدا بالنسبة للمرأة حيت يتم استغلالها وإقحامها في مختلف أنواع الجرائم والجريمة المنظمة، الامر الذي يجعلها مجرمة بكامل الصفات، خاصة ان البعض منهن لم تترددن خلال هذه الفترة في ارتكاب ابشع الجرائم واعنفها على الاطلاق، حيث تورطت ما لا يقل عن 20 امراة من مجموع 192 شخص، في ارتكاب القتل العمدي، والتي حسبما تؤكده بعض القضايا، فان إقدام النساء على القتل غالبا ما يتعلف بأقرب الأشخاص كالزوج والوالدين والأبناء.