أكّد رئيس بلدية القليعة بولاية تيبازة السيّد جيلالي حمايدي زورقي على أنّ موضوع اعتماد نمط جديد في التسيير المحلي من خلال تثمين الموارد المالية المحلية بعيدا عن الجباية البترولية يعتبر في الواقع السبيل الأمثل لتسيير المرحلة المقبلة، مشيرا إلى أنّه لابد من توفير صلاحيات أوسع من خلال تعديل قانون البلدية والولاية لتمكينه من تحصيل موارد مالية كافية تتيح له تسيير الشأن المحلي في ظروف مريحة، ومن ثمّ فلابد من تجسيد التوصيات الواردة باللقاء على أرض الواقع في فترة وجيزة، ويتجلى ذلك واضحا من خلال هذا الحوار. ❊ الشعب: هل ترون بأنّ قانون البلدية والولاية هو فعلا بحاجة إلى تعديل؟ ❊❊ جيلالي حمايدي زورقي: فعلا، فوفقا لتجربتي المتواضعة على رأس بلدية القليعة، واستنادا إلى قرارات لقاء الحكومة مع الولاة والذي توسّع الى مختلف الشركاء الاجتماعيين أعتقد بأنّ البلدية كجماعة محلية مصغّرة بحاجة الى صياغة نظرة جديدة لتسييرها، بحيث يعتمد النظام الحالي والذي دام لعقود كثيرة من الزمن على الوصاية بالدرجة الأولى للحصول على الموارد المالية لتسيير الشأن المحلي. ولغرض إقحام البلدية في معركة التحصيل المالي والاعتماد على نفسها في التسيير المحلي، فلابد من مراجعة قانون البلدية و الولاية وفقا لما يوضّح ميكانيزمات تحقيق هذا المبتغى. ❊ ماهي أهم النّقاط التي يجب أن يشملها التّعديل المرتقب؟ ❊❊ من بين أهم المحاور التي يجب التطرق إليها بالتفصيل وبدقة في هذا التعديل نجد محور الاستثمار، الذي بوسعه توفير ثروة هائلة للجماعة المحلية، في حين أنّ المستثمر حاليا يقدّم ملفه للشباك الوحيد على مستوى الولاية، وينتظر فترات زمنية طويلة نسبيا لمعالجة ملفه والرد على طلباته، يجب أن تمنح سلطة القرار ومنح رخصة الاستثمار للبلدية مباشرة دون الرجوع الى الوصاية وفقا لما يعود عليها بالفائدة من حيث يجب فرض يد عاملة محلية على المستثمرين مع ضمان توطين المقر الاجتماعي للمستثمر بنفس البلدية، كما أنّ عملية تحيين أسعار الأملاك البلدية تقتضي وفقا للقانون الحالي تقديم اقتراحات بهذا الشأن لمصالح أملاك الدولة التي تحقق في الامر قبل موافقتها، مع إعداد مراجعة محتملة قبل أن تنجز المداولة البلدية الخاصة بهذا الشأن وترسل الى الوصاية المعنية، وهي كلها خطوات تحمل في طياتها كمّا كبيرا من أوجه البيروقراطية، ونحن نطالب باختصار الطريق وإعطاء المنتخب المحلي سلطة اتخاذ القرار وفقا لما يخدم الجماعة المحلية ودون الحاق الضرر بأيّ كان، كما تترجم هذه الخطوات نظرة غير بريئة تجاه رئيس البلدية تعتبره قاصرا لا يفقه في امور التسيير شيئا، والأمر نفسه بالنسبة للأراضي الفلاحية التي يجب أن تخضع عمليات الاستثمار فيها لمراقبة مباشرة من السلطات البلديةو بحيث يجب أن تستفيد هذه الأخيرة منها باعتبارها أراض تقع على محيطها الاقليمي على عكس ما هو حاصل حاليا، بحيث تكلف البلدية بمحاربة البناءات الفوضوية المشيّدة فوق الاراضي الفلاحية، غير أنّها لا تستفيد في الواقع من مداخيل هذه الأراضي، الأمر الذي لا يمكن لأيّ عقل تقبّله. ❊ هل ترون بأنّ طريقة تحصيل الجباية المحلية مفيدة بشكلها الحالي؟ ❊❊ حاليا يتم تبليغ المصالح البلدية بقيمة الجباية المرتقب تحصيلها خلال سنة مسبقا عن طريق ورقة تقييم تنجزها مصالح الضرائب، ولكنه بالنسبة لبلدية القليعة فإنّ القيمة الحقيقية للجباية المحصلة لم تبلغ أبدا تلك التي يتم التصريح بها مسبقا، ويتم بناء الميزانية المحلية وفقا لمعطياتها، ونحن نطالب بتعديل الاجراء وفق ما يسمح للبلدية الاستفادة من حسابات دقيقة تعتمد عليها في بناء ميزانيتها. وقد تمّت الاشارة الى نسبة 70 بالمائة من الجباية المحلية التي يرتقب بأن تستفيد منها البلدية مستقبلا عقب إجراء عملية تعديل القانون حسب ما تمّ تداوله بلقاء الحكومة مع الولاة، ونحن نعتبر هذا الرقم مشجّعا ومحفّزا على العمل بجدية. ❊ بالنسبة لقضية إنشاء مؤسسات ذات طابع تجاري وصناعي على مستوى لبلدية، لماذا تأخّر رؤساء البلديات عن تجسيدها على أرض الواقع بالرغم من كون قانون البلدية والولاية الساري المفعول ينص عليها بصريح العبارة؟ ❊❊ القانون الساري المفعول حاليا فيه نقاط إيجابية كثيرة فعلا، ومن بينها امكانية إنشاء مؤسسات ذات طابع تجاري أو صناعي تحت إشراف رئيس البلدية، غير أنّ ما يعاب على هذه القضية كون تفاصيل العملية يشار اليها عن طريق مراسيم تنظيمية لم يتم استصدارها الى حدّ الساعة، والمطلوب في التعديل المرتقب للقانون تجسيد تفاصيل أكثر وضوحا حول هذه القضية الهامة التي بوسعها جلب مداخيل مالية أكبر للبلدية. ❊ ما هي الصّلاحيات الأخرى التي تطالبون بها لترقية طرق تسييركم للبلدية؟ ❊❊ البلدية هي الخلية الأساسية في الهيكل التنظيمي للدولة، ومن ثمّ فلابد من عدم تقييد مسيّريها بالشكل الذي يحد من اجتهاداتهم وتجسيد اقتراحاتهم البنّاءة، ونحن نريد من رئيس البلدية بأن تكون له صلاحيات تسيير واسعة تمكّنه من توفير مصادر دخل كافية ومريحة لبلديته بعيدا عن سلطة الوصاية، بحيث يجب رفع القيود عنه وتمكينه من مزيد من سلطة اتخاذ القرار بالتنسيق مع المجلس البلدي، ولابد من التخلي عن ثقافة اعتبار رؤساء البلديات قصر أو من فئة محترفي السرقة مع التقليل من آليات المراقبة السلبية، وتدعيم أوجه المراقبة الايجابية بمعنى أنّه لابد من ترك رئيس البلدية يتصرّف وفق ما يراه مناسبا لمصلحة بلديته مع تفعيل آليات مراقبة وجهة الأموال المرصودة بطريقة آنية وفعالة، والتخلي عن ثقافة التطويل التي تولّد ثقافة اليأس لدى المواطن. ومن الأمثلة على ذلك ممّا هو مطبّق حاليا كون قانون الصفقات العمومية الساري المفعول يتطلب فترة زمنية لا تقل عن 3 أشهر للصفقة قبل وضعها حيّز الخدمة، وقد تطول المدة إلى فترة أطول الأمر الذي يعيق آليات التنمية المحلية. ❊ معنى هذا أنّ رئيس البلدية بحاجة إلى مرافقة ميدانية دون ضغوط؟ ❊❊ فعلا، نحن نطالب بليونة أكبر في مجالات المراقبة الأدبية والمالية التي تستهلك حاليا فترات طويلة تحد من وتيرة التنمية، ونحن نطالب بترسيم مستشارين ذوي خبرة توكل لهم مهام مرافقة رئيس البلدية في أداء مهامه وفقا لما ينص عليه القانون، ناهيك عن توسيع دائرة التسيير الالكتروني لدواليب التنمية مثلما هو حاصل في عملية إعداد وثائق الهوية ووثائق ترقيم السيارات التي انتقلت من الدائرة الى البلدية كخلية أساسية في هياكل الدولة. ومن منطلق تقريب الادارة من المواطن وتفعيل آليات خدمته، وكذلك الأمر بالنسبة لرئيس البلدية الذي يبقى بحاجة ماسة الى تمكينه من آليات التسيير دون الضغط عليه بالشكل الذي يلحق به الملل، والاعتقاد بكونه قاصرا مع إعادة النظر في أجره باعتباره يتقاضى حاليا راتبا لا يحسد عليه اطلاقا. ❊ هل من كلمة أخيرة للجهات المعنية؟ ❊❊ لقد جاء موضوع لقاء الحكومة مع الولاة في محله، بحيث أنّه كان لابد من التفكير في هذا الأمر منذ فترة طويلة، وعدم انتظار حلول الأزمة المالية التي أصبحت تعصف بنا حاليا، وأنا أطالب بتسريع تنفيذ مجمل التوصيات المنبثقة عن هذا اللقاء وعدم تضييع مزيد من الوقت لأنّنا أصبحنا فعلا بحاجة إلى تثمين الموارد المالية المحلية بعيدا عن الجباية البترولية.