200 وحدة صناعية لتحويل وتصدير الانتاج و10 آلاف عامل موسمي خالد لعرابي مدير المصالح الفلاحية: «سيقواز» علاقة جزائرية تجاوزت الحدود تعود زراعة الزيتون بمنطقة معسكر إلى حقب متقدمة من تاريخ منطقة شمال إفريقيا وحوض البحر المتوسط، بحسب المختص في التاريخ الأستاذ شاطو من جامعة معسكر، الذي قال أن عامل المناخ ساعد في انتشار زراعة الزيتون وتطويرها بهذه المنطقة، لاسيما خلال فترة الوجود العثماني والفترة الاستعمارية الفرنسية التي استغلت تواجدها بالجزائر لاستنزاف وتحويل خيرات البلاد إلى ما وراء الأبيض المتوسط. الأهم من ذلك، أنه وبفضل احتكاك أهالي منطقة سيق وغيرها من المناطق التي تشتهر بزراعة الزيتون في ولاية معسكر، تمكن سكان المنطقة من اكتساب خبرات المعمر في مجال زراعة الزيتون حتى أصبح ذلك إرثا متداولا بين الأجيال المتعاقبة، كما زاد الاهتمام بزراعة الزيتون في الجزائر منذ حلول الألفية، أين قررت الحكومة تبني سياسات راشدة تغني البلاد عن التبعية لقطاع المحروقات فجاءت الإصلاحات القانونية وإجراءات دعم الفلاحين ملازمة لتلك السياسات التي أفرزت انتعاشا ملحوظا في قطاع الإنتاج الفلاحي لاسيما القرار المتعلق بتكثيف زراعة الزيتون وغرس مليون شجرة زيتون عبر تراب الوطن. تحدي لتكثيف زراعة الزيتون وتوسيع المساحة المُنتجة تنتشر زراعة الزيتون بمعسكر عبر كامل إقليم الولاية على مساحة تفوق 15 ألف هكتار، منها 12 ألف هكتار مساحة منتجة، يتموقع 50 بالمائة منها بإقليم مدينة سيق ذات الشهرة الواسعة بزراعة الزيتون، تليها منطقة وادي التاغية في جنوب الولاية التي تعتبر من الركائز الأساسية لزراعة الزيتون بمعسكر على مساحة تقدر بألف هكتار، إضافة إلى غرسات جديدة ضمن مشروع فلاحي طموح استفادت منه منطقة سهل غريس تعتبر تحديا لإنتاج وزراعة الزيتون إضافة للزراعات الأخرى، وبمنطقة سيق، نشاط زراعة الزيتون له أبعاده الاجتماعية لارتباطه الوطيد بتقاليد المنطقة وهويتها الاجتماعية، حيث تتواجد بمدينة سيق التي اكتسب أهلها خبرة متوارثة مجال تحويل الزيتون وتصبيره بطرق تقليدية، أكثر من 200 وحدة صناعية لتحويل وتصبير الزيتون بدون ذكر ما ينشط خارج الأطر القانونية، وتستقبل هذه المنطقة في كل موسم لجني المحصول حوالي 10 ألاف من العمال الموسميين، نسبة منهم تتوافد على المنطقة من الولايات المجاورة لمعسكر، حيث تتأثر المنطقة بحملة جني الزيتون إيجابا، فتنتعش التجارة المختلفة بمنطقة سيق وتدب الحركة الشديدة بها فتتحول البيوت وكل محل تجاري إلى مكان لإيواء اليد العاملة الموسمية التي تستقر بالمنطقة طيلة فترة الحملة الفلاحية، على خلاف باقي المناطق المعروفة بزراعة الزيتون التي يقصدها العمال الموسميين لجني المحصول وتحويله للمصانع المتمركزة بمدينة سيق، ففي الأسبوع الأخير من شهر نوفمبر من فترة جني الزيتون بلغت الحملة حدود 70 بالمائة، ولا زالت خلال هذه لفترة مدينة سيق بنفس نشاطها الدؤوب، كما لا تزال حبات الزيتون متراصة في غصونها عبر مناطق عديدة من الولاية وقد بدأ لونها يحول إلى السواد القاتم. وفرة الإنتاج خلال هذا الموسم مدير المصالح الفلاحية خالد لعرابي قال إن الموسم يبشر بالخير لوفرة المنتوج و غياب الأمراض التي تصيب الأشجار المثمرة خلاف بعض المواسم، بمعنى أن إنتاج الزيتون بولاية معسكر قد يصل إلى 100 قنطار في الهكتار الواحد، حيث تتوقع المصالح الفلاحية بمعسكر أن تجني نصف مليون قنطار من الزيتون هذه السنة، إضافة إلى إنتاج الولايات الغربية للبلاد الذي يحول لمنطقة سيق ويرفع حظوظ المنطقة في إنتاج زيتون المائدة إلى مليون قنطار، مؤثرا بذلك في عامل استقرار أسعار زيتون المائدة في الأسواق، كما ستغني وفرة المنتوج هذه السنة أصحاب المصانع ووحدات التصبيرعن رحلات البحث المضنية عن محاصيل الزيتون من خارج الولاية وأحيانا من خارج الوطن وذلك تلبية للطلب المتزايد على نوعية زيتون المائدة سيقواز. وسم علامة «سيقواز» وفتح أفاق التصدير والاستثمار إلى هنا، نعود لذكر عامل الخبرة الذي يتميز به أهل منطقة سيق في تحويل و تصبير زيتون المائدة بجودة ونوعية عالية، فحسب لعرابي خالد، فإن عامل الخبرة التي يتمتع بها رواد الصناعة التحويلية في مجال تحويل الزيتون بسيق دفع السلطات المركزية الوصية إلى التفكير في توسيم العلامة التجارية للمنتوج المحلي من زيتون المائدة بغية فتح أفاق واسعة لتصديره نحو الخارج، وهو ما يتم على وتيرة متقدمة بعد بلوغه آخر مرحلة من الإجراء الذي يشرف عليه جانب من الخبراء الدوليين، ومشاركة اثنين من الجمعيات المحلية لمنتجي زيتون المائدة بسيق ويرتقب أن يصادق على ملف ودفتر شروط إجراء توسيم علامة «سيقواز» مطلع شهر مارس من السنة المقبلة، الأمر الذي سيمكن لا محالة من تثمين الإنتاج المحلي لثمار الشجرة المباركة وفتح أفاق الاستثمار والتصدير كشق محوري للبعد الاقتصادي المرجو من توسيم زيتون «سيقواز» . مشاريع طموحة لمضاعفة المساحة المغروسة مقابل أساليب ضعيفة لتحويل المنتوج كما تحدث مدير المصالح الفلاحية لمعسكر، عن الجهود المضاعفة التي تبذل لقاء تطوير وتوسيع مجال زراعة الزيتون بالمنطقة الفلاحية الغنية بمؤهلاتها الطبيعية وذات المناخ والتربة الملائمة لزراعة الزيتون، من خلال غرسات جديدة تصل إلى غرس 200 إلى 300 هكتار من أشجار الزيتون سنويا، ومشروع لمضاعفة المساحة المزروعة بسهل سيق المتخصص في زراعة الزيتون لبلوغ 8900 هكتار بعد توسعة المحيط المسقي بسيق. هي ذاتها الشروط والعوامل المساعدة على تطوير إنتاج الزيتون وتعترضها غالبا مشاكل متعلقة بالطلب المتزايد على حصص السقي الفلاحي وتقابلها دعوة المصالح الوصية على القطاع باستغلال تقنيات السقي الحديثة لتكثيف الإنتاج و توسيع المساحة المسقية، وإدخال المكننة وعصرنة أساليب إنتاج زيتون المائدة بوحدات التحويل والتصبير، التي وإن ركب بعض المنتجين المحليين موجة العصرنة وأحدث التقنيات التكنولوجية فمازال أكثرهم يزاولون نشاطهم بطرق تقليدية، تعتمد على اليد العاملة الموسمية الرخيصة التي يستدرج فيها الأطفال و النساء للعمل داخل وحداتهم الإنتاجية، وفي حال أهملنا التركيز على هذه النقطة المهمة تجنبا للتأثير السلبي على أرزاق هذه الشريحة الهشة من العمال الموسميين التي تتقاضى نحو ألف دج يوميا أو أقل مقابل العمل لأكثر من 13 ساعة يوميا، فتجدر الإشارة أيضا إلى الأساليب التقليدية المعتمدة في إنتاج الزيتون الموجه للاستهلاك الواسع بداية من حملة القطاف إلى عمليات فرز حبات الزيتون بحسب اللون والحجم ثم التحضير استعدادا للتسويق التجاري. استرجاع النواة وتصنيعها...جانب آخر من الإنتاج يتوّجه الخواص من منتجي زيتون المائدة بمدينة سيق نحو استرجاع مخلفات عملية تحويل الزيتون، واستغلالها في إنتاج مواد التجميل وصناعة الزجاج، في تجربة لا تزال لم تعتمد بعد لغياب الخبرة والتقنيات اللازمة في هذا المجال، حيث تعتبر فكرة تحويل بقايا تحويل زيتون المائدة من النواة الطبيعية للزيتون مشروعا اقتصاديا مهما وقابل للتحقيق، في ظل احتدام المنافسة وتركيز الجهود على الاستثمار في كل ما هو موجود، حيث يقول رئيس مصلحة الإحصائيات الفلاحية لدى مصالح القطاع بمعسكر، السيد حاج احمد مصطفى، أن ما وزنه 300 ألف قنطار من نواة الزيتون يرمى كفضلات غير منتجة، في المقابل هناك فوائد لا تعد يمكن الحصول عليها من مخلفات زيتون المائدة، على غرار النواة التي كانت تستخدم في وقت ما في التدفئة، مشيرا انه كانت هناك مبادرات لتحويل نواة الزيتون إلى أسمدة فلاحية، غير أن ذلك قوبل بالفشل كونه لا يرجى من هذه الأسمدة أي فائدة على المنتوجات الفلاحية، وعليه وبسعي من المنتجين في منطقة سيق تم التوصل إلى تجربة أجنبية نجحت في تحويل نواة الزيتون في صناعة الزجاج، مؤكدا أن هناك مشروع للاستثمار في مخلفات زيتون المائدة في صناعة مواد التجميل وهو الأمر الذي لا يزال قيد الدراسة من قبل مستثمر خاص في منطقة سيق، غير ذلك يسعى بعض المنتجين في هذه المنطقة إلى تطوير إنتاجهم بتنويع طرق التصبير والتحضير، أهمها تلك الطريقة التقليدية في تصبير الزيتون بتقنية طبيعية خالية من المواد الكيميائية الكاشطة التي لها تأثيرا سلبيا على صحة المستهلك في حال لم يراع المنتج الكمية المحددة في تصبير الزيتون، فتوسيع مجال إنتاج الزيتون بالطرق التقليدية والتقنيات الطبيعية لا يزال هو الأخر يحتكم إلى العامل التجاري الذي يسعى خلفه المنتجون.