أوضح مصطفى فاروق قسنطيني، رئيس اللجنة الاستشارية الوطنية لترقية وحماية حقوق الانسان، بأن مسألة العفو الشامل التي تعد من صلاحيات رئيس الجمهورية، ستكون محل استفتاء، مؤكدا ضرورة الاستفادة من تجارب الدول التي عاشت حروبا أهلية انتهت بالعفو وتوقع في سياق مغاير تسليم عبد المؤمن خليفة، قبل نهاية العام الجاري، واعتبر بأن الوضع العام لحقوق الانسان في الجزائر حقق تحسنا مستمرا. تطرق المسؤول الأول عن اللجنة الاستشارية الوطنية لترقبة وحماية حقوق الانسان في خرجته الاعلامية الأخيرة الى أهم المواضيع المطروحة في الساحة الوطنية وفي مقدمتها مسعى العفو الشامل الذي أعلن عنه الرئيس بوتفليقة، عشية الفترة الرئاسية الثالثة وتحديدا خلال الحملة الانتخابية، وفي هذا الشأن أكد قسنطيني ضرورة استفادة الجزائر من تجاوب الدول التي عاشت ظروفا مماثلة على اعتبار أن الحروب الأهلية بشكل عام تتوج بعفو. ومثلما أوضح رئيس الجمهورية، شهر مارس الماضي، فإن الكلمة الأخيرة تعود الى الشعب الجزائري، إما بقبوله الفكرة أو رفضها، خلال استفتاء يتوقع أن ينظم خلال الفترة الجارية، ذلك أن العفو شكل جوهر المعالجة السياسية للأزمة في برنامج رئيس الجمهورية، ليكمل ذلك مسار المصالحة الوطنية التي شكلت محور الفترة الرئاسية الثانية وقبلها الوئام المدني في الفترة الأولى. وبرأي قسنطيني، الذي أكد بأن المصالحة الوطنية تجسدت بنسبة 90 بالمائة، مرجعا تعطل الحسم فيما تبقى من الملفات الى التماطل البيروقراطي، فإن الدولة مطالبة بتقديم اعتذار رسمي لعائلات المفقودين، واقترح ترسيم يوم وطني للمفقود، لأن من شأن ذلك المساهمة في اعادة الاعتبار للمفقودين خلال المأساة الوطنية الذين لم يكونوا متورطين في أعمال إرهابية. ولم يفوت رئيس ذات الهيئة الفرصة لتقديم توضيحات تخص هيئة الأممالمتحدة، حيث أشار الى أن لجنته لم تكن أبدا محل إقصاء من قبلها، كونها أنشئت بمقتضى مرسوم رئاسي بدل قانون، مذكرا بالمناسبة بأن الأممالمتحدة طالبت من اللجنة شهر أفريل من العام 2008 بتعديل نص إنشاء اللجنة لتعويضه بنص قانوني وأن يتم تعيين أعضائها في الشفافية، لكن الطلب لم يقص اللجنة من الهياكل الأممية، كما أنه لا يقتصر على الجزائر فقط وإنما شمل بلدانا أخرى طلب منها مطابقة هيآتها المكلفة بحقوق الانسان لنص قانون. وفي نفس السياق، كشف قسنطيني عن تسوية الوضعية القانونية للجنة في غضون أكتوبر الداخل واستنادا الى توضيحاته، فإن من شأن ذلك تعزيز نشاطها على المستويين الداخلي والخارجي، مع العلم أنه تمت المصادقة خلال الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء على مرسوم رئاسي يتعلق باللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الانسان وحمايتها، توخت منه الحكومة تعزيز أسسها القانونية ودعمها على المستوى الدولي. غير أن غياب قانون، لم يمنع اللجنة من أن تنشط منذ انشائها سنة 2001 بكل حرية واستقلالية بطريقة منتظمة، حسبما أكد قسطنيني وسلمت تقريرها السنوي الى رئيس الدولة وكذا تقاريرها التي تعالج مواضيع معينة وذهب الى التأكد بأنه، تم الأخذ في الحسبان عديد الاقتراحات التي تقدمت بها اللجنة من أجل تحسين وضع حقوق الانسان في الجزائر، منها الحبس الاحتياطي الذي يعد حالة استثنائية بالمراقبة القضائية. وقد سجل الوضع العام لحقوق الانسان في الجزائر تحسنا مستمرا، حسب تقييم قسنطيني الذي أكد بأن تعميم ثقافة حقوق الانسان مسار طويل وخلص الى القول بأنه للمواطن حقوق وللدولة حقوق ولابد من احترام متبادل من الطرفين. وجدد قسنطيني التأكيد بالمناسبة بأن ظاهرة ''الحراڤة'' مشكل اجتماعي وليس قضائي، داعيا الى إلغاء عقوبة السجن بالنسبة للاشخاص المعنيين الذين هم في حاجة، وفيما يخص المعتقلين في سجن »غوانتانامو« وتوقع حل المشكل نهائيا مطلع العام المقبل الذي يتزامن وغلق السجن، مشيرا الى أن البعض من الجزائريين رفضوا ترحيلهم كونهم لايدركون التغيير الذي حصل أو لديهم ضغوطات عليه. جدير بالذكر، أن قسنطيني توقع تسليم عبد المؤمن خليفة، المتورط الأول في قضية الخليفة قبل انقضاء العام الجاري، نظرا لعدم وجود أي عائق أمام هذا التسليم سواء قانوني أو اقتصادي أو تجاري.