تحيي الجزائروتونس، اليوم، ذكرى عزيزة على قلوب الشعبين تؤرخ لفترة حاسمة من التاريخ التحرري الذي غطى بقيمه النضالية على الشمال الإفريقي، وسوق لقيم تحررية دونت بأقلام من ذهب، انتفاضة شعب أقسم أن يحرر أرضه ويعيش السيادة التامة في ربوعها. اليوم نقف وقفة إجلال وإكبار لأولئك الأبطال الذين حملوا على عاتقهم أمانة تحرير الوطن، ولا ينسى الشعب الجزائري الهبة الشعبية التي ساندت المجاهدين على الشريط الحدودي وتوغل العدوان الفرنسي إلى التراب التونسي تحت غطاء “حق الملاحقة “ لإخماد لهيب ثورة تحدت الآلة الاستعمارية وقالت بكلمة واحدة لا للمستعمر على أراضينا بعد اليوم “ ليختلط الدم الجزائري بالدم التونسي والجلاد واحد، دون أن يعي أن هذه الأمة هي واحدة وما الخطوط الحدودية سوى خطوط وهمية رسمها الاستعمار في ذهنه وألغاها شعبا البلدين أمام وحدة المصير ووحدة العدوان والظلم . يؤرخ أستاذ التاريخ بجامعة محمد الشريف مساعدية ولد أحمد عبد القادر لهذه المرحلة الحاسمة تحت شعار قوتنا في وحدتنا ومصيرنا لا يمكن أن يفصل تحت أي مسمى كان، نحن بحاجة ماسة اليوم أكثر من أي وقت مضى لأن ندعم هذه القيم النبيلة في نفسية الشعبين. عاد عبد القادر ل«الشعب” إلى أهم كرونولوجيا الأحداث قائلا :« إن العدوان كان عبارة عن ذريعة لقطع الذراع الذي تمده تونس للثورة الجزائرية، كقاعدة خلفية لعلاج الجرحى وتمرير المؤن والسلاح، سبق القصف الجوي لساقية سيدي يوسف عدة تحرشات فرنسية على القرية لكونها نقطة استقبال لجرحى ومعطوبي الثورة التحريرية، وتوالت الاعتداءات عليها بعد اضطرار السلطات الفرنسية تحت تأثير ضغط القيادات العسكرية الفرنسية بالجزائر اعتماد أسلوب جديد للقضاء على معاقل الثوار الجزائريين”. العدوان وقع تحت غطاء “حق الملاحقة “.. وقع الاعتداء الجوي مستهدفا ساقية سيدي يوسف الآمنة، ولم يكن هذا الهجوم أول خرق للتراب التونسي، ولا أول صدام مع الجيش الفرنسي، بل كان حسب المصادر التونسية الاعتداء الرابع والثمانين على السيادة التونسية منذ استقلالها عام 1956. في حدود الساعة الحادية عشرة وخمس دقائق من يوم السبت 8 فيفري 1958، وهو يوم السوق الأسبوعية، أقدمت طائرة استكشافية وإحدى عشرة طائرة مقنبلة وست طائرات أخرى، وثماني طائرات من نوع Mistral على اختراق المجال الجوي التونسي، وهاجمت طوال ساعة وعشرين دقيقة قرية سيدي يوسف التونسية، والمنجم المحاذي لها، مخلّفة تحت الأنقاض مائة وثلاثين قتيلا وأربعمائة جريح حسب بيان سفارة فرنسابتونس يوم 26 فيفري، وكان من بين هؤلاء: نساء وأطفال أغلبهم من التلاميذ، كما أصيبت ثلاث سيارات شحن تابعة للصليب الأحمر الدولي كانت بصدد توزيع المواد الغذائية، والملابس على السكان، وعلى اللاجئين الجزائريين، إلى جانب تهديم جزء كبير من بنايات القرية، منها مائة وثلاثون مسكنا، وخمسة وثمانون متجرا، ومدرستان، إلى جانب تهديم بنايات مدنية. وتحضر ولاية سوق اهراس برنامجا ثريا لإحياء هذه الذكرى المجيدة تحت شعار “حتى لا ننسى ..” واستذكارا لهذا الحدث المفصلي من تاريخ الثورة التحريرية المجيدة، ودفعا للمصير المشترك للشعبين الجزائري قدما نحو علاقات أمتن في ظل الشراكة الحدودية التي تحتم إحياء قيم التكافل والتعاون. بن حبيلس: الساقية محطة للأخوة والتضامن اعتبرت رئيسة الهلال الأحمر الجزائري الذكرى 59 لأحداث ساقية سيدي يوسف الدموية، مرجعا وشعلة لتقوية أواصر الأخوة بين الشعبين، ووفاء منا كشعبين لشهداء الساقية، داعية إلى المحافظة على هذه الروابط وتدعيمها أكثر خاصة في ظل تنامي ظاهرة الإرهاب الدولي التي استفحلت في السنوات الأخيرة وباتت تهدد الدول الشقيقة. ودعت بن حبيلس إلى العناية بالتاريخ المشترك، وجعله مرجعيا للتعاون والتنسيق الأمني والاقتصادي والتجاري والوقوف باتحاد في وجه كل ما يهدد استقرارالمنطقة. أكدت بن حبيلس أن الجزائر تعتبر أرض العمل التطوعي الإنساني خلال الأزمات، مشيرة إلى أن 37 بالمائة من الخدمات الصحية المقدمة بتمنراست سنة 2016 استفاد منها رعايا أفارقة من دول الساحل وأن المريض الذي لا يمكن علاجه هناك ينقل عبر الطائرة إلى مستشفيات الجزائر العاصمة، كما أن العمليات التضامنية والإنسانية التي قام بها الهلال الأحمر الجزائري في العديد من الدول لقيت استحسانا كبيرا من طرف عدة جهات دولية، داعية إلى عدم تقزيم دور الهلال لأنه يعتبر إهانة لمؤسسيه ومن ضحوا من أجله. وأشارت رئيسة الهلال الأحمر الجزائري في حديثها إلى ضرورة دعم الشعوب المستعمرة على غرار فلسطين والصحراء الغربية. وبعدما دعت الجمعيات لأن تكون مكملة لمجهودات الدولة أعلنت بن حبيلس أنه سيتم إنشاء فضاء باسم “أصدقاء الهلال الأحمر الجزائري” وهو فضاء غير رسمي يجمع المراجع الدينية والتاريخية والثقافية ويكون تحت شعار (الثقافة في خدمة الإنسانية) من أجل ضمان عمل تشاركي جواري لمؤسسة الهلال الأحمر الجزائري في الأوساط الاجتماعية وتدعيم العمل التضامني. وكانت الزيارة فرصة لتدشين المركز الاجتماعي والإغاثة بعين سينور ببلدية المشروحة، يقع بنقطة سوداء على الطريق الوطني رقم 16 المؤدي إلى ولاية عنابة والمعروف بكثافة تساقط الثلوج، يضم وحدة صحية وروضة للأطفال وورشة خياطة ومخزن للمواد الغذائية والأفرشة ومأوى ب 15 سرير، حيث اعتبرته تكملة لمجهودات الدولة الرامية إلى تنمية المناطق الحدودية. كما أعطت أيضا إشارة انطلاق قافلة مساعدات لفائدة 100 عائلة من الجالية الجزائرية المقيمة بالكاف وتونس وعدد من العائلات التونسية وذلك بحضور والي الولاية عبد الغني فيلالي، القافلة تضم مواد غذائية وبطانيات وأفرشة مقدمة من طرف الهلال الأحمر الجزائري لفائدة هذه العائلات خاصة في ظل الأجواء الشتوية الباردة وموجة الأمطار والثلوج التي شهدتها المنطقة.