يصر نتنياهو على الاعتراف الفلسطيني بيهودية إسرائيل كدولة مقابل القبول المبدئي بالدولة الفلسطينية ، والى أن يحصل على ذلك لن يكون هناك وقف للتوسع الاستيطاني ولا حتى التجميد المؤقت مهما كانت الضغوط . ولهذا معني واحد هو إفراغ مطلب الدولة الفلسطينية من مضمونه ، لأن ما تبقي من أرض في القدس والضفة الغربية أيضا متنازع عليه . وقد بات واضحا أن التوسع الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية لم يعد يشغل الرئيس الأمريكي باراك اوباما بقدر انشغاله في مسألة التطبيع العربي مع إسرائيل ومن دون ربط هذا التطبيع بتعهد ما أو بالتزام إسرائيلي من اى نوع . حتى أن نتنياهو رفض دعوة أوباما لتحقيق تقدم في الملف الفلسطيني كتجميد التوسع الاستيطاني ولمدة محدودة مقابل اشتراك العرب في الحرب على إيران سواء كانت ساخنة أو باردة ، مما اضطر اوباما إلى الضغط على العرب للالتحاق بسياساته نحو إيران . كل ذلك يكشف لعرب أمريكا زيف الرهان على حدوث تحول إيجابي في الإدارة الأمريكية وأن خطابات اوباما الموجهة للمسلمين من تركيا والقاهرة ليست أكثر من خطابات علاقات عامة لم تستطع الصمود أمام ضغوط اللوبيات اليهودية والمحافظين الجدد الذين هالهم جميعاً خطابات التصالح مع الإسلام والمسلمين. إن ما يحدث اليوم للمسجد الأقصى من انتهاكات صهيونية يؤكد زيف الادعاءات الأمريكية بحل الدولتين وأن التحالف الأمريكي الصهيوني هو الأصل، وأن العرب عليهم فقط أن يقبلوا بما يملي عليهم من مطالب وشروط . فمسلسل الاقتحامات المتكررة من قبل المتطرفين اليهود بحماية من جيش الاحتلال يؤشر إلى وجود مشروع يجري تنفيذه على مرحلتين، الأولى تبدأ بفرض تقسيم الأقصى بين اليهود والمسلمين، والثانية تفرض التهويد الكامل على الحرم القدسي في تزامن كامل مع عملية فرض القدس الموحدة عاصمة للدولة اليهودية . تقسيم الأقصى بدأت عملياته منذ فترة من خلال سيناريو تكرار تلك الاقتحامات وهو ذات السيناريو الذي استخدم مع الحرم الإبراهيمي في مدينته الخليل، فقد أفضت تلك الاقتحامات في نهاية الأمر إلى تقسيم الحرم الإبراهيمي بين اليهود والمسلمين الذين لم يعد لهم حرية العبادة في هذا الحرم، وأضحى تحت السيطرة اليهودية الكاملة. البداية هي الاقتحامات من أجل إيجاد مكان داخل الحرم لصلاة اليهود بشكل دائم. هذه الاقتحامات ليست إلا بالونات اختبار لرصد رد الفعل العربي والإسلامي لتنفيذ المرحلة الأولى من المشروع وهي فرض تقسيم الأقصى بين اليهود والمسلمين، إلى أن يأتي تنفيذ المرحلة الثانية. فالأقصى محاط الآن بسلسلة من الكنس اليهودية . وتقوم سلطات الاحتلال حاليا بشق شبكة من الأنفاق تحته والطرق حوله وازالة الاثار التاريخية من حولة بما فيها الباب الذي دخل فيه الرسول صلوات الله عليه ليلة الإسراء والمعراج. وتيرة الاقتحامات تتزايد ولن تطول كثيراً المرحلة الفاصلة بين فرض التقسيم رسمياً وإعلان بدء صلاة اليهود في المسجد الأقصى، وبين فرض التهويد الكامل للأقصى وإقامة الهيكل مع استكمال تهويد المدينة المقدسة وطمس كل أثر إسلامي فيها . تهويد فلسطين ستكون ذروته إقامة المدينة المقدسة على ثرى القدس والأقصى، والعرب والمسلمون مشغولون بالحوار مع إدارة أوباما والبحث عن مبررات التطبيع والتخلص من القضية الفلسطينية .