تعزيز السياسة الاحترازية للتصدي للمخاطر ومواصلة الاقتصاد اعتبر جون فرانسوا دوفان رئيس بعثة صندوق النقد الدولي»افامي»، أن النشاط الاقتصادي في الجزائر تمكن من المحافظة على صلابته، بالرغم من أن نسبة النمو لم تتجاوز 3.4 بالمائة عام 2016، مؤكدا في سياق متصل أن احتياطي الصرف مازال معتبرا حيث بلغ 113مليار دولار، بالرغم من انخفاضه بنحو 30 مليار دولار، منوها بتحسين مناخ الأعمال وإرساء نموذج اقتصادي للنمو من أجل تشجيع وترقية أداء القطاع الخاص بهدف تنويع الاقتصاد، واصفا الخطة المجسدة للضبط المالي للفترة الممتدة إلى 2019 بالطموحة، ويرى أن القطاع المصرفي مازال يحافظ على مستويات مقبولة من السيولة والربحية، وشهد بالموازاة مع ذلك انخفاضا بخصوص عجز الميزانية العامة. أكد جون فرانسوا دوفان رئيس بعثة «الافامي» في تقرير لهم عن الوضعية الاقتصادية والمالية للجزائر عقب زيارة مدتها 13يوما والالتقاء خلالها بالسلطات العمومية، أن المستوى المنخفض للدين العام في الجزائر يسمح بتجسيد الضبط المالي بتدرج مقارنة بإطار الموازنة المتوسط الأجل. ودعمت البعثة بقوة خطوات تحرر الجزائر من التبعية النفطية وتحرير القطاع الخاص، بهدف توفير الثروة والمداخيل واستحداث مناصب الشغل، مقترحا أنه ليتحقق ذلك يجب إرساء سلسلة من الإصلاحات الهيكلية الواسعة النطاق، من بينها المزيد من التحسين في مناخ الأعمال وتوفير التمويل وتعزيزه وتكريس الشفافية وإنعاش سوق العمل، إلى جانب تلاءم ما تطرحه المنظومة التربوية مع متطلبات سوق العمل وترقية مشاركة المرأة في عالم الشغل، مع الاستمرار في انفتاح الاقتصاد الجزائري على الاستثمارات الأجنبية. التضخم قفز إلى 8.1 بالمائة في جانفي 2017 وذهبت بعثة صندوق النقد الدولي، التي التقت بالعديد من الوزراء من بينهم وزير الصناعة والتجارة والسكن والتربية والعمل ومحافظ بنك الجزائر، إلى القول على لسان رئيسها «دوفان»، أن الجزائر في الفترة الراهنة تواجه العديد من التحديات، بفعل انخفاض أسعار النفط، معترفا في نفس المقام أن النشاط الاقتصادي بوجه عام تمكن من المحافظة على صلابته، لكن النمو ذكر أنه مازال بطيئا خارج قطاع المحروقات، على اعتبار أنه قدر ب 3.4 بالمائة في عام 2016، غير أن التضخم قفز من 4.8 بالمائة في 2015 إلى 6.4 بالمائة في 2016 واستقر في جانفي 2017 عند8.1 بالمائة حيث تم تقدير هذه النسب على أساس سنوي. وأشار تقرير «الأفامي» حول الوضعية الاقتصادية والمالية للجزائر، إلى تسجيل ارتفاع في نسبة البطالة إلى حدود 10.5 بالمائة شهر سبتمبر2016، بينما تبقى جد مرتفعة وسط فئة الشباب ب26.7 بالمائة، أما لدى النساء فلم تقل عن20.1 بالمائة، وواصل رئيس بعثة الأفامي توضيحاته بخصوص الضبط لأوضاع المالية في عام 2016، لكنه يرى أن العجز بقي معتبرا في المالية العامة والحساب الجاري، إلى جانب تسجيل زيادة في الدين العام، مع وفرة في احتياطي الصرف بالعملة الصعبة الذي ناهز113 مليار دولار. ووقفت البعثة على الجهود التي تبذلها الجزائر بهدف التكيف مع صدمة أسعار النفط، ولم تغفل عن تحقق بعض المؤشرات الإيجابية من بينها نجاح الدولة في تخفيض محسوس فيما يتعلق بعجز المالية العامة في2016، بفضل الخطة الطموحة للضبط المالي المخصص للفترة الممتدة ما بين 2017 و 2019 يضاف إلى ذلك، تحقيق تقدم في مجال تحسين مناخ الأعمال والسهر الجاري على وضع استراتجية طويلة المدى لتكريس نموذج اقتصادي للنمو، من أجل تشجيع نشاط القطاع الخاص لتنويع الاقتصاد الجزائري، وقال «دوفان» إن البنك المركزي الجزائري يعمل على تطويع أدوات السياسة النقدية لتجاوز النقص في السيولة. إعادة النظر في الدعم الاجتماعي وتوجيهه مباشرة للفئات الهشة ومن التحديات الجوهرية التي أقرتها بعثة صندوق النقد الدولي للمرحلة الحالية، ما وصفته بانتقاء مزيج من السياسات التي يمكنها أن تساعد الاقتصاد على التكيف مع صدمة أسعار المحروقات، على نحو قابل للاستمرار وبأقل تكلفة ممكنة، من أجل القفز إلى مستويات أعلى من النمو واستحداث مناصب الشغل. ودعا «دوفان» إلى توسيع القاعدة الضريبية تحسبا لتوقعات استمرار انخفاض أسعار النفط، وترشيد الإعفاءات الضريبية والإنفاق الجاري، وإعادة النظر في دعم الطاقة المكلف الذي تستفيد منه الطبقة الثرية واستبداله بالدعم المباشر للطبقة الأكثر احتياجا، مع الاستمرار في الاستثمار في مجال الصحة والتعليم الموجهة لمن يحتاجها، مع إقرار توصية تقوية إطار الموازنة ومراقبة دقيقة للمخاطر، التي قد تتعرض إليها المالية العامة. ولم يخف رئيس البعثة أنه حان الوقت أن تدعم سياسة سعر الصرف والسياسة النقدية وكذا السياسات المالية عملية التكيف مع صدمة أسعار النفط، من خلال الجهود المبذولة لجعل سعر الدينار منسجما مع أساسيات الاقتصاد في ظل وجود خطوات لامتصاص سوق الصرف الموازي، وتحدث في نفس الوقت عن ما يعكف على تحضيره بنك الجزائر، ويتعلق الأمر باستحداث ما أسماه بعمليات السوق المفتوحة، وأعلن أن القطاع المصرفي يتمتع بمستويات كافية من رأس المال والربحية، مقترحا الانتقال إلى إطار رقابي قائم على المخاطر مع تعزيز دور السياسة الاحترازية الكلية ودعم حوكمة البنوك. حول السوق الموازية، أكد رئيس البعثة على استحداث إجراءات تنظيمية من أجل امتصاصها والتوجه نحو إرساء الاقتصاد الرقمي وتسهيل التمويل البنكي. وحول قيمة الدينار ذكر أنها تتجه نحو التوازن، مقترحا تبني إصلاحات قاعدية يحركها القطاع الاقتصادي الخاص والقطاع العمومي، يكون منعشا للنمو واستحداث مناصب الشغل.