من جملة الاتهامات التي توجهها الحكومة اليمنية للتمردين الحوثيين هو سعيهم لإعادة الإمامة الزيدية التي أطيح بها إثر انقلاب عسكري عام .1962 فما هي هذه الإمامة ؟ وهل فعلا يسعى الحوثيون لاعادتها ؟ أم أن خوف المسؤولين اليمنيين مبالغ فيه وغير منطقي؟. لقد بسط العثمانيون سلطانهم على شمال اليمن مسرح الحرب هذه الأيام عام 1849 في حين كان البريطانيون قد احتلوا الجنوب عام .1839 ولما رحل العثمانيون من الجزء الشمالي حل محله نظام الإمام، القائم على الدين والنسب الذي يجسده إمام شيعي يحكم بطريقة أكثر من الديكتاتورية، حيث عزل شمال اليمن عن محيطها ورفض كل محاولات الانفتاح أو معايشة عملية التطور التي تخوضها شعوب المعمورة. ولم يكن الامام يكترث بأحوال الناس أو بتطوير حياتهم حتى تحول الشعب اليمني الى واحد من أفقر شعوب العالم وأكثرها فقرا وتخلفا. واستمر الشعب اليمني خاضعا لحكم الإمام »يحيى« الفاشل من بداية القرن الماضي والى غاية منتصف الثلاثينات، حيث بدأت المعارضة ترفع صوتها للمطالبة بالاصلاح والتغيير متأثرة بالتطورات التي تشهدها المنطقة. كما أخذت هذه المعارضة تتهيكل في جمعيات وحركات وتدعو الى إقامة الحكم الدستوري، لكن النضال السياسي السلمي لم يأت بنتيجة، فبدأ الأحرار في الاعداد للاطاحة بالامام وحكمه. وفي سنة 1948 نجحوا في قتل الامام »يحي« لكنهم اخفقوا في الاطاحة بنظامه، إذ تمكن نجله »سيف الاسلام أحمد« من حشد القبائل و دخل صنعاء و قضى على حركة الاحرار وقتل وسجن وشرد زعماءها، ثم أعلن نفسه إماما خلفا لوالده ولقب نفسه »بالناصر لدين الله«. تجاوزت المعارضة نكستها وأعادت تنظيم صفوفها، واستطاعت بدعم من مصر بعد نجاح ثورة الضباط الاحرار بها أن تقود عام 1955 محاولة فاشلة ضد الامام، وفي عام 1961 حاول ضباط اغتيال الامام »سيف الاسلام« لكنهم فشلوا، و مع ذلك فقد أصيب بجروح بليغة أدت الى وفاته عام 1962 فخلفه إبنه »البدر محمد«، و بعد اسبوع من بداية حكمه انفجرت الثورة اليمنية التي أطاحت بالامامة يوم 26 سبتمبر 1962 وجرفت الحكم الذاتي ليحل محله الحكم الجمهوري. كما قلنا في البداية فإن الدافع الأول الذي يحرك النظام اليمني لمحاربة المتمردين الحوثيين هو خشيته من إحياء نظام الامامة، خاصة وأن بعض قادة الحوثيين لم يخفوا مطلقا رغبتهم الجامحة في إعادة بعث نظام الحكم الديني الشيعي، مستنكرين إدخال ما يصفونه بالاصولية السنية والوهابية الى معاقلهم.