أصدر فخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة تعليمة رئاسية متعلقة بتفعيل مكافحة الفساد، ترمي الى محاربة هذه الظاهرة، التي استشرت مع الاسف في المجتمع الجزائري وهي من حيث وضعيتها فريضة من قبيل الواجب الوطني. وهذه التعليمة تعد بمثابة ورقة الطريق ومرجعية أساسية للتنفيذ، والتسيير الراشد للاعتمادات العمومية، والمحافظة عليها واستغلالها احسن استغلال، بما يخدم المجموعة الوطنية، ويجنب بلادنا التأثيرات السلبية لهذا الداء الاجتماعي القادر على ارباك مجرى التنمية الوطنية وعلى الاخلال بتوازن المجتمع بل وحتى على المساس بأمننا الوطني حسب ماتضمنته هذه التعليمة في خاتمتها. وقد جاء في التعليمة الرئاسية رقم 03 المؤرخة في 13 ديسمبر 2009 والتي تحوز »الشعب« نسخة منها، والموجهة الى الوزير الاول السيد أحمد اويحي على وجه الخصوص مايلي: »يجب ان تكون مكافحة الفساد مسعى تدأب عليه السلطات العمومية، ويشمل سائر مجال النفقة العمومية، كما يجب ان يتجسد فيما يخص الحكومة بصياغة وتطبيق برنامج حقيقي متسق ودائم أول مايتوخى تعزيز مكافحة هذه الآفة، وترقية أخلقة الحياة العامة على نحو أوفى«. وفي هذا الإطار شددت التعليمة على وجوب تعزيز مكافحة الفساد ودعمها بكافة الإجراءات التي سيتم اتخاذها في مجال المراقبة ومكافحة اشكال الغش، او اهدار الممتلكات والاموال العمومية، وهي تنص وجوبا على ان »تنكب الحكومة عاجلا على تطبيق جملة من الإجراءات والتدابير، منها. التعجيل بتنصيب الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته التي تم انشاؤها في نوفمبر 2006 . تعزيز مسعى الدولة باحداث ديوان مركزي لقمع الفساد. التعجيل بتجديد خلية معالجة الاستعلام المالي. الاطراد في تنشيط دور كل من مجلس المحاسبة والمفتشية العامة للمالية وبنك الجزائر في مجال محاربة الفساد. وتطرقت التعليمة الرئاسية الى الصعيد العملياتي للوقاية من الفساد ومكافحته، مبينة بان ذلك يحتاج الى الاطر التشريعية والتنظيمية الآمر بالصرف في مجال تدبير الاقتصاد والمالية العمومية، وضرورة التكيف المتواصل والصارم لهذه النصوص، لكي يتأتى الحكم في قضايا الفساد المطروحة على العدالة، وفقا لخطورة الأفعال المقترفة. وتلح ذات الوثيقة الهامة على »ان مراجعة القوانين السارية في هذا المجال باتت حتمية لامناص منها بحيث يكون معالجة قضايا الفساد من قبل خلايا متخصصة (اقطاب مالية) على مستوى العدالة ومصالح الشرطة القضائية، كما ان دعم الجهات القضائية وتخصيصها هي واعوانها سيحسن من فعالية المحاربة. ومن بين العوامل الأساسية في عملية الوقاية من الفساد ومحاربته حسب ماتضمنته التعليمة الرئاسية تحسين الشفافية في التعاطي مع الصفقات العمومية، وذلك من خلال تعبئة القدرات البشرية المتوفرة (من قضاة، ونواب عامين ومحامين) واحداث مناصب أو وظائف المستشارين القانونيين القادرين على اعمال الخبرة وعلى اجراءات المتابعة في مجال النفقات العمومية«. كما تلح التعليمة على وجوب تحديد المجال الذي يبرر اللجوء الى شركاء متعاقدين أجانب، وفرض حتمية مراقبة الملاءمة فيما يتعلق في اختيار الشركاء المتعاقدين من قبل المتعاملين العموميين، وتجميع دراسات الجدوى والملاءمة المنجزة على المستوى المركزي، قصد احداث بنك مراجع ومعلومات يستفاد منها في اعداد البرامج الحكومية، بالاضافة الى اقرار تصريح بالنزاهة يتعين التوقيع عليه من قبل الشركاء المتعاقدين الجزائريين والأجانب، يتضمن التزاما بعدم منح اي عمولة للوسطاء. ويسري العمل بالتصريح بالنزاهة على جميع المتعاملين العموميين والخواص الجزائريين والأجانب وعلى جميع انواع الصفقات ابتداء من المستوى المحلي الى المستوى الوطني. وفيما يخص عملية مراقبة الفساد والوقاية منه يتعين على الحكومة حسب التعليمة العمل على الاطراد في تعبئة الامرين بالصرف وتعبئة المراقبين الماليين، والمحاسبين العموميين على اعتبار ان احلال هذه المحاربة من اولوياتهم، وتصور »بنية تنظيمية« محيدة تضمن أفضل مراقبة فعلية للاجراءات المتعلقة بالصفقات العمومية ودعم المراقبة الادارية من الناحية القانونية وتحيين الاجراء القانوني للتصريح بالممتلكات على ان يشمل هذا التصريح الزوجة والاولاد، والتصريح للمناصب المنتظم اجباريا من اطارات بما طرأ من مستجدات، وشددت التعليمة في ممتلكاتهم الفردية والعائلية وتقديم مبرراتها، المعالجة الملائمة لمؤشرات الفساد من مثل مظاهر الثراء السريع للموظف والتحكم في المعاملات العقارية وتأطيرها بعدة تنظيمية مناسبة، تعزيز عمليات تقفي مجريات العمليات البنكية. كما انه لابد من المنظومة الجبائية ان تتكيف بسرعة حتى تسهم بفعالية في محاربة الفساد، وكذا دعم اجراء التصريح بالمداخيل بتنظيم جديد من اجل محاربة أساليب التستر والتدليس التي يعمد اليها الاقتصاد الموازي، كما ان محاربة الفساد يفرض كذلك انشاء بنوك للبيانات الضريبية والمالية والجمركية تسمح بتشبيك المجال ومراقبة نشاطات الفاعلين الاقتصاديين وتحركاتهم. وتؤكد التعليمة الرئاسية أن الاجراءات التي تتضمنها ليست شافية اذ يتعين على المسؤولين كل وفق صلاحيته ان يعززوا بنية الاجراءات القانونية والعملياتيه، التي تسهم في المحاربة الناجعة لآفة الفساد، التي تعني كافة القطاعات. وهذه المحاربة ستكون اكثر فعالية ان هي اعطت الأسبقية للقطاعات الأكثر عرضة للظاهرة. أما فيما يخص بقية القطاعات فمن الأهمية بمكان ان يتم وضع خارطة للمناصب الحساسة المعرضة للفساد. وشددت التعليمة الرئاسية في الأخير على ان البرنامج الذي سيشرع فيه الفساد بالنسبة للآمرين بالصرف والمتعاملين، والرأي العام طابع مجرد حملة عابرة لأن الامر يتعلق بقرار سياسي ومهيكل ودائم يرمي الى المحافظة على جذوة تنمية البلاد. وتجدر الإشارة الى ان الوزير الأول السيد احمد اويحي قد اصدر بعد تلقيه هذه التعليمة مذكرتين الى الحكومة قصد الشروع في تنفيذها، مؤكدا ان هذا الملف سيكون مجال متابعة دورية في إطار الاجتماعات الحكومية التي ستجرى فيها، فضلا عن ذلك وبتوتيرة سريعة مداولات حول المشاريع والنصوص التشريعية والتنظيمية المطلوب تنفيذها والمنبثقة عن التعليمة الرئاسية.