أعرب المبعوث الدولي الخاص إلى ليبيا غسان سلامة، عن تقديره لجهود جميع الحكومات والمنظمات التي تعمل على تعزيز السلام والمصالحة بين الليبيين، وحذّر في المقابل ممّا أسماه تكاثر المبادرات الساعية للتوسط بين الأطراف الليبية، لأنها تؤدي إلى إرباك المشهد السياسي في البلد. قال سلامة أثناء تقديم إحاطته الأولى لمجلس الأمن عن التطورات في ليبيا منذ توليه منصبه، إن هناك حالة من عدم اليقين بخصوص ما تعنيه نهاية الفترة الانتقالية التي نص عليه الاتفاق السياسي. وأكد أن من المهام العاجلة الآن المساعدة على بناء توافق في الآراء بين الليبيين بشأن الأهمية القانونية والسياسية لذلك التاريخ، مشددا على أن الفراغ المؤسساتي في هذا التوقيت الحاسم لن يخدم مصالح ليبيا. وذكر غسان سلامة أن نقاشاته مع الليبيين تركزت حول أفكار بشأن تعديل الاتفاق السياسي، مؤكدا وجود توافق في هذا السياق، وآملا في الوقت نفسه أن يتمكن من الإعلان في الأيام القادم عن بعض التطورات في هذا الخصوص. وأشار سلامة في إحاطته لمجلس الأمن إلى وجود دعوات متزايدة وواسعة النطاق لإجراء انتخابات جديدة، لكنه يرى أن من الحكمة العمل على معالجة الشروط السياسية والتقنية المسبقة لانتخابات ناجحة، لاسيما التزام كل الأطراف بقبول نتائجها. وقدّم سلامة صورة مأساوية عن الوضع الإنساني في ليبيا، قائلا: “من خلال اجتماعاتي مع الليبيين، بدأت الصورة تتكشف، إذ يسيطر الإحباط على الناس إزاء تدهور أوضاعهم المعيشية”. وتابع: “فقد مررت بنفس المصرف في طرابلس عدة مرات من الساعة العاشرة صباحاً وحتى الساعة العاشرة ليلاً ورأيت الكثير من الناس لدرجة اعتقدت أنها مظاهرة. لم تكن كذلك! كانوا ينتظرون فقط الحصول على جزء ضئيل من مرتبهم الشهري، ما يعادل الآن ما قيمته 25 دولارا”. وألمح إلى وجود فساد متغلغل بقوله “الانطباع بوجود اقتصاد سياسي متجذر قائم على السلب أضحى أمراً ملموساً، كما لو كانت البلاد تغذي أزمتها بمواردها ذاتها وذلك لصالح القلة وخيبة أمل الكثيرين”. ولفت إلى مخاوف الليبيين من الوضع الأمني مسجّلا “أن ثمة خوف كبير من الإجرام ومن الاختطاف والتهديدات التي يشكلها انتشار الأسلحة على نطاق واسع”، مضيفا: “ويتعرض المدنيون للقتل أو الإصابة في جميع أنحاء ليبيا نتيجة للاشتباكات المسلحة المتفرقة والمتفجرات من مخلفات الحرب. كما يتم احتجاز الآلاف لفترات مطولة من الزمن، مع استبعاد احتمالية حصول الكثير منهم على محاكمة عادلة”. وفي الشق السياسي، دعا المبعوث الأممي إلى ضمان تلبية الشروط السياسية والفنية الأساسية اللازمة لإنجاح الانتخابات، ولا سيما التزام جميع الأطراف بقبول نتائج الانتخابات، قبل الذهاب نحو إجرائها. أزمة معقّدة في السياق، شدّد سلامة على أن جهود التوصل إلى حل “يجب أن تكون بقيادة ليبية وبملكية ليبية، والأمم المتحدة هنا لدعمهم في مساعيهم، لا لتحل محلهم بالتأكيد”، مضيفا: “سنعمل معهم على وجه الخصوص على تعزيز إعادة توحيد مؤسساتهم السياسية والمالية بشكل سريع”. وقال سلامة: “إن مشاكل ليبيا لا تقتصر على الشعب الليبي فحسب، فوجود داعش الإرهابي والجماعات الإرهابية المرتبطة بالقاعدة والمقاتلين الأجانب والمرتزقة، والاتجار بالأسلحة، واقتصاد السوق السوداء عبر الحدود، تشكل تحديات تمتد عبر حدود ليبيا وتؤثر على دول الجوار والمجتمع الدولي الأوسع نطاقا”. وأوضح أن “حجم الإيرادات التي تولدها الهجرة غير الشرعية لشبكات المهربين أثبتت، أنها تشكل تهديداً مباشراً للاستقرار في أجزاء من ليبيا. ناهيك عن معاناة مئات الآلاف من المهاجرين واللاجئين العالقين في ليبيا من الإساءات والاحتجاز في ظروف لا إنسانية”.