تحولت شوارع وأرصفة العديد من بلديات بومرداس إلى أسواق مفتوحة على الهواء الطلق حيث غزاها الباعة الفوضويون من الشباب الذين أرهقهم شبح البطالة وتحدوا كل العراقيل بما فيها تهديدات رجال الشرطة وشكاوى أصحاب المحلات الذين حذو حذوهم في النهاية بنشر سلعهم من الخضر والفواكه على أرصفة الطرقات بهدف لفت انتباه الزبائن.. الظاهرة التي ازدادت اتساعا في السنوات الأخيرة ربطها الكثير بمشكلة غياب نقاط البيع المحددة والمنظمة كالأسواق المغطاة التي توفر الشروط القانونية بما فيها الصحية للمستهلك، وقد تسببت هذه الفوضى التجارية في عدة متاعب للبلديات خاصة في مجال البيئة وغياب النظافة جراء كمية الأوساخ و المخلفات من أكياس بلاستيكية وعلب ترمى على الأرضية يوميا، ولم يقتصر الأمر على منطقة واحدة بل شملت اغلب البلديات التي لا تتوفر على مثل هذه الأسواق بدءا من بومرداس مركز، تيجلابين، الثنية، برج منايل، الناصرية، زموري، سيدي داود وغيرها وكلها تشترك في وضعية واحدة أصبحت من اليوميات التي تطبع هذه المدن بالرغم من حجم الأضرار التي قد تتسبب فيها سواء المرتبطة بصحة المواطن أو من حيث عرقلة السير على الأرصفة إلى درجة أن تحولت الطرقات إلى ممر للراجلين. واقعيا وإذا أردنا أن نتعمق أكثر في هذا السلوك الذي يميز مدننا يحمل العديد من الخلفيات والأبعاد اغلبها اقتصادية بالنظر إلى الظروف الاجتماعية الصعبة التي تمر بها العديد من العائلات الجزائرية التي أنهكها الغلاء المعيشي كما يمكن أن تحمل روايتين الأولى على لسان الباعة الشباب الذين حاولنا الاقتراب منهم حيث اتفقت إجابتهم على أن هذه الأماكن التي هي في الواقع مساحات عمومية تعفيهم من التبعات كعملية الكراء والضرائب وعليه فهم يلجؤون إلى هذا الحل السهل والسريع من اجل ضمان لقمة العيش دون تعقيدات، بالمقابل وجدت هذه الطريقة في البيع لدى المستهلكين متنفسا في محاولة لاقتصاد بعض السنتيمات بالنظر إلى انخفاض أسعار هذه السلع مقارنة بما هو موجود في المحلات مع اتفاقهم أيضا على أن المنتجات التي يبيعها هؤلاء الشباب خاصة الخضروات تكون في الغالب جديدة ولم تتعرض إلى أشعة الشمس وعملية النقل في أسواق الجملة ووصل الأمر في بعض المدن إلى درجة أن تنقل أصحاب طاولات البيع في الأسواق إلى الأرصفة تحت طائل المنافسة الشيء الذي خلق هذه الفوضى في مدننا وافقدها بريقها خاصة الساحلية منها التي من المفروض أن تكون قبلة للسياح وطالبي الاستجمام دون الحديث عن المشاكل البيئية ومخاطرها الصحية بسبب الأوساخ والقاذورات التي يعمد إلى تركها هؤلاء بعد الانتهاء من عملية البيع، وتبقى في النهاية المسالة بأيدي السلطات المحلية التي لها سلطة تنظيم هذا النوع من التجارة حيث تحولت إلى نوع من الفوضى التي ألحقت الضرر حتى بالمواطن المنزعج من صراخ الباعة وأبواق السيارات وهي تجوب الأحياء والأزقة أو ما يعرف بالتجارة المتنقلة التي ازدادت اتساعا في الفترة الأخيرة بطريقة غير قانونية وبدون سجل تجاري وهو ما افقد مصلحة الضرائب خسائر كبيرة جراء هذا النشاط غير المنظم .