مطالب بالاستثمار في تثمين الأسماك المرباة وإعادة تدوير مخلفاتها اعتبر العديد من المشاركين في الصالون الدولي للصيد البحري وتربية المائيات (سيبا 2017)، أنّ هذه التظاهرة المتخصّصة «فرصة سانحة» لطرح العديد من الانشغالات والملاحظات والاقتراحات، وذلك من خلال تسليط الضوء على جوانب واقعية وحيوية استهدفت مختلف الميادين، بما فيها الاحتياجات من البلاعيط وعلف السمك وتشجيع الاستثمار في الصناعة التحويلية للرقي بالقطاع وتذليل كل هذه العقبات. وأعاد الصالون في طبعته «السابعة» التي اختتمت، أمس الأحد، بعد 4 أيام من النشاط، طرح إشكالية ترقية الصناعة التحويلية للمنتجات الصيدية، قصد إعطاء دفع قوي لهذا القطاع وفق التوجهات العصرية، التي طرحت في مائدة مستديرة، عرفت مشاركة إطارات ومسؤولي الوزارة في مختلف مجالاتها وكذا أساتذة وطلبة وباحثين ومتعاملين ومختصين من بعض الدول. كما نوّهوا إلى ضرورة استغلال الإمكانيات الهامة التي تتمتّع بها الجزائر بسواحلها الطويلة المتنوعة وموقعها الإستراتيجي، من خلال توجيه الاستثمار في هذا المجال نحو تربية الحيوانات المائية، ولاسيما منها الأسماك التجارية التي تمثّل اليوم مصدرا مهما لتوفير الأمن الغذائي، لإقامة المزيد من المؤسسات الصناعية لاستغلال هذه الثروة، من جهة أخرى. 80٪ من الجزائريين يستهلكون الأسماك الطازجة ومن أهم العراقيل التي تواجه هذا النوع من الصناعات بالجزائر، أشارت زوادي شهيناز إطار بالمديرية العامة للصيد البحري وتربية المائيات إلى مشكل نقص المادة الأولية، لاسيما بالنسبة للسمك الأزرق على غرار السردين والتونة، مستدلة في هذا الإطار بدراسة حديثة تقدّر معدل استهلاك الجزائريين من الأسماك الطازحة ب80 بالمائة، فيما يستهلكون 3.1 بالمائة من الأنواع المجمدة و3.1 بالمائة من المواد المعلبة. كما أشارت في هذا السياق إلى التجربة التونسية التي غطت هذا النقص باستيراد المادة الأولية من الأسماك من البلدان الأفريقية، ثم بيعها على أساس أنها منتج تونسي، بعد معالجتها وتحويلها من خلال تتبيلها أو تخليلها وإعطائها القيمة في إطار ما يعرف بالأسماك المعلبة. ومن جانب آخر، أكّد المشاركون على أهمية تجنّد الجميع من أجل النهوض بقطاع تربية المائيات وتوسيع نشاطات استغلال الثروات البحرية التي تعدّ رافدا حيويا وموردا ماليا ومستداما للحكومات ومن الموارد المتجددة، متفقين على ضرورة تقدير الناتج غير التجاري والذي يلقى أغلبه في عرض البحر أو في المزابل عند تنظيف وتقطيع وسلخ الأسماك، ناهيك عن مخلفات مزارع الأسماك بمختلف أشكالها وأنواعها. حيث شدّدوا على ضرورة الاستثمار في مخلفات الأسماك وتحويلها إلى منتج صديق للبيئة ذا عائد اقتصادي مجد، نظرا لفوائدها البالغة كمصدر للبروتين والتغذية الحيوانية والتسميد الزراعي، ومن أبرز هذه المنتجات تطرقوا إلى الزيوت والمادة المعروفة بفرينة الأسماك. 60٪ من وزن السمك عبارة عن نفايات كما أشار إطارات بالمديرية العامة للصيد البحري وتربية المائيات في هذا الصدد إلى دراسة أخرى أجراها المركز الوطني للبحث والتنمية في الصيد البحري وتربية المائيات ببوسماعيل، قدّرت حجم مخلفات الأسماك في الجزائر ب 30-60% من وزنها، وتكون هذه المخلفات على هيئة قشور وأحشاء ورأس وذيل وزعانف وجلد، ومن بين 90 مليون طن من الأسماك المصطادة، 20 مليون طن عبارة عن مخلفات السمك غير التجاري، الذي يتخلص منه الصيادون عند عملية الفرز. كما أكّد المشاركون على دور الإعلام والإشهار في التعريف بالفوائد الصحية والغذائية للأسماك المرباة، لاسيما أسماك المياه العذبة التي لا يحبّذ المواطن الجزائري استهلاكها مقارنة بالأنواع الأخرى، بدعوى أنها خالية من النكهة ولا تتوفر على القيمة الغذائية المرجوة إلا أن بعض المختصين يؤكدون قيمتها الغذائية العالية، وبناء على ذلك أعدّت الدولة برامج لتطوير إنتاج هذا النوع. كما دعا آخرون إلى الاستثمار في الأنواع التي ليس ها قيمة تجارية عالية، بهدف إعطاء قيمة مضافة للمنتوج، من خلال تحويله إلى مواد أولية لتموين الصناعات المختصة في تثمين المواد الغذائية وتحويلها إلى أعلاف وأسمدة عضوية وغيرها من المنتجات الأخرى التي تلبي رغبات وذوق المستهلك، على غرار المعلبات والمصبرات. كما حثوا على بذل المزيد من الجهود لتثمين وتطوير منتجاتهم، لاسيما ما تعلق بالتحويل والتغليف واعتماد التكنولوجيات الحديثة في مجال التصنيع السمكي، انطلاقا من تفعيل التكوين المتواصل في مجال الصناعات التحويلية للأسماك المائية، ولاسيما السمك الأزرق ومصبرات السردينة، ضمانا لتحقيق إنتاج ذي جودة يمكن تسويقه داخليا وخارجيا. «أريس» للتبريد والتجميد توفّر الحل الأمثل لإشكالية فائض الإنتاج بدوره، أكد المدير العام للمؤسسة الجزائرية «أريس» المختصة في الحفظ والتبريد والتجميد بوحفص مصطفى أنهم « يوفرون الحل الأمثل لإشكالية فائض الإنتاج» إضافة إلى «أنهم يسعون جاهدين لتوفير أفضل مستوى من الخدمة بقدرة وكفاءة عالية». وأعلن بوحفص في تصريح ل»الشعب» عن مشروع جديد لإنجاز وحدة أخرى لتعليب المواد الغذائية، بما فيها الأسماك المرباة، لافتا إلى مساعيهم الجادة لإبرام العديد من الصفقات التجارية مع المنتجين والناشطين في مجال تربية المائيات، من خلال مشاركتهم في صالون (سيبا 2017). وأشار إلى أن الجزائرية للخدمات الصناعية «أريس» المتواجدة بالمنطقة الصناعية السانية، غرب وهران تختص حاليا في مجال التخزين والتبريد والتجميد السريع للمنتوجات الزراعية الغذائية من الخضر والفواكه والدجاج مرورا بالتسويق. وكشف عن إدراجهم لنوع جديد من البصل المقشر للسندويتشات وإعداد الطعام، باعتباره من المواد الأساسية والضرورية التي يجب أن تتواجد في المطبخ، يضيف محدثنا مؤكدا أنه سيكون متوفرا بعديد المراكز التجارية وسيعرف إقبالا كبيرا من قبل السيدات والأشخاص الذين تزداد حساسية أعينهم كلما استمروا في تقطيع البصل. كما أوضح بأنهم يضمنون آخر التقنيات التكنولوجية لضبط درجة التبريد والرطوبة، للحفاظ على نفس القيمة الغذائية ونكهة وقوام المواد المجمّدة من المنتوجات المحلية، رافعا بذلك رهان خوض مرحلة التصدير نحو الخارج مستقبلا. وحسب نفس التوضيحات، فإن هذا المركب الذي دخل حيز الإنتاج مؤخرا، تم تجهيزه بنفق للتجميد السريع بسعة 7500 متر مكعب على درجة برودة تتراوح بين 0 إلى ناقص 40 درجة، فيما تقدّر سعة التبريد بأكثر من 14 ألف متر مكعب مع تسيير الرطوبة إلى 70 بالمائة ودرجة الحرارة الإيجابية لتكون في حدود 0 إلى 14 درجة، وهو ما يسمح بضمان حفظ المنتج وفق الشروط الصحية المعمول بها عالميا. كما تجدر الإشارة إلى أنّ المشروع الذي بلغت كلفته الإجمالية 100 مليار سنتيم يوفر حاليا 27 منصبا دائما، على أن يرتفع هذا العدد تدريجيا إلى61 منصب شغل دائم بالشركة الأم، فيما تم توظيف 341 عامل في الفروع الأخرى. «الربيع» لإنتاج سفن الصيد تستعد للاستثمار في تربية المائيات وقد أصبحت عملية استزراع الأسماك وإقامة الأحواض في مياه البحر أو ما يُعرف ب»تربية المائيات» تستأثر باهتمام جمهور المستثمرين في الجزائر، على غرار الشركة الجزائرية «الربيع» لإنتاج سفن الصيد التي تطمح هي الأخرى إلى الاستثمار في مجال تربية المائيات التي تستند إلى رؤية واضحة تأخذ بعين الاعتبار توفير الآلات والعتاد الملائم. وهو ما أكّده ل»الشعب» بحري عبد القادر مكلف تجاري لدى الشركة، والذي أعرب عن مساعيهم لتحقيق منتج جزائري 100 بالمائة، يعمل في الداخل والخارج بدون استيراد أي مادة، كاشفا في الوقت نفسه عن طموحاتهم لتغطية احتياجات السوق الوطنية وبلوغ مرحلة التصدير. وأكد محدّثنا أن منتجات «أريس» من 0 إلى حوالي 70 بالمائة يتم تصنيعها بيد عاملة جزائرية ومواد بناء محلية، فيما يتم استيراد أدوات المحركات ووسائل الملاحة، على غرار شباك الصيد وغيرها، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنهم تمكنوا في ظرف أقل من سنتين من بناء 24 سفينة تواكب آخر التطورات التكنولوجيات المطبقة في الدول المتقدمة. كما أكّد بأنّهم المتعامل رقم واحد بالسوق من الحدود الشرقية إلى الحدود الغربية، تبعا لعدّة معايير ومقاييس، على رأسها الجودة والتميز في الخدمة قبل وأثناء وما بعد البيع، فيما يرتكز تحديد السوق على نوع المنتج واحتياجات المهنيين المرخص لهم، مع توفير حلول موثوق بها حسب نوع النشاط الممارس. وحاليا تختص شركة الربيع التي أنشئت عام 2015 في صناعة سفن الصيد بالصنارة وشباك الأعماق والصيد بشباك ما فوق سطح الأرض ومختلف الأنواع المرتبطة بالمهن الصغيرة لصيد الأسماك البيضاء والزرقاء، بالإضافة إلى سفن الشباك السينية التي تدخل ضمن المهن الكبيرة وتستعمل في صيد الأسماك الزرقاء بصفة عامة، على غرار السردين والتونة الصغيرة. كما كشف نفس المصدر عن استعدادهم لتوسيع المشروع تدريجيا بهدف إنجاز بواخر من المادة الليفية بطول 40 متر، فيما تتراوح السفن المنجزة حاليا بين 4.80 إلى 14 مترا، مستغلين في ذلك عدّة اعتبارات، أهمها مقر مزاولة هذا النشاط ببلدية شرشال التابعة لولاية تيبازة (90 كلم غرب مدينة الجزائر) باعتبارها مدينة رومانية قديمة مشهورة بصنع بواخر الصيد وبها أقدم ميناءين بالساحل الجزائري. مؤسسة الصم والبكم لإنتاج الشباك الصيدية تسعى لزيادة الإنتاج وتعتبر «شباك» الصيد من أكثر المواد الصيدية المستوردة، رغم أنها واحدة من أهم الحرف التي مارسها الصياد الجزائري منذ سنوات طويلة، وما زالت تشهد إقبالا متفاوتا من منطقة إلى أخرى، فيما تعرف بعض الرواج بمدن أخرى، وعلى رأسها «جيجل» حسبما أكده نذير مخلوف، إطار بمديرية النشاط الاجتماعي ومترجم لغة الإشارة للصم والبكم لدى ورشة خياطة وإصلاح شباك الصيد البحري والتحف الفنية التابعة لجمعية الصم والبكم لولاية جيجل. وقد خلقت هذه المؤسسة المصغرة، حسب توضيحات مخلوف في إطار الإتفاقية المبرمة مع مديرية النشاط الاجتماعي ومديرية الصيد البحري، والتي تتعلق بتكوين فئة الصم والبكم في خياطة الشباك، فيما انطلقت أول دورة تكوينية في هذا المجال في شهر جويلية المنصرم على مستوى مدرسة الأطفال المعاقين سمعيا وتحت إشراف المعهد الوطني للصيد البحري بالقل في ولاية سكيكدة. وتختص هذه الورشة حاليا في خياطة الشباك الخاصة بصيد الأسماك الكبيرة، وهي عبارة عن شبكة متعددة الفتحات تصنع بواسطة خيوط من النايلون أو القطن مقواة بحبل يؤطرها، وتختلف سعة هذه الفتحات وسمك الخيط تبعا لنوع وطريقة الصيد ونوعية الأسماك المراد صيدها وفقما أشير إليه. وعبّر نفس المصدر، متحدّثا بلسان هذه الفئة عن طموحهم لتوسعة الورشة التي تظم حاليا 8 أفراد تم تكوينهم، من بينهم 6 نساء، استفادوا مؤخرا من محل قار، وهو ما سيمسح لهم بفتح تكوينات أخرى لفائدة الراغبين في ولوج هذا النوع من الحرف، في ظل التناقص المتواصل في عدد خياطي شباك الصيد، يضيف محدثنا. وصناعة هذه الشباك لها شروط ومواصفات كأن يكون الصانع صيادا ولديه خبرة كافية وقياس محدد بأصناف الأسماك، والمهارة في صنع فتحات الشباك التي تستلزم أن تكون ذات قياس متساوي، ويوضع في أسفلها الرصاص أو المساو (وهو الوزن المثبت أسفل الشباك ويصنع بمادة إسمنتية ممزوجة برمال البحر).