انطلقت صباح أمس، رسميا، محاكمة "الخليفة"، على مستوى محكمة الجنايات لمجلس قضاء البليدة، التي تصنف ضمن أكبر وأهم قضايا الفساد في الجزائر، وخصصت الجلسة الصباحية لتأسيس دفاع المتهمين والأطراف المدنية والشهود.. الجلسة كانت مميزة لخصوصية الملف الثقيل، ولهويات المتهمين والضحايا والشهود الذين يمثلون كل قطاعات الدولة، خاصة الحيوية منها، من بين المتهمين، علي عون الرئيس المدير العام ل "صيدال"، الذي يقول مقربوه إنه سيخرج من الأزمة سالما في غياب أدلة إدانة وأنها "محاولة تصفية حسابات". وحضر وزراء دولة حاليين وسابقين كشهود أبرزهم مراد مدلسي، كريم جودي، ترباش، تبان، وسجل غياب "عراب المروّجين" للحملة ضد الفساد الزعيم الحمسي أبو جرة سلطاني لأسباب مجهولة و"غير مبررة" في نظر بعض الأطراف. سلطاني يغيب عن أكبر قضية فساد. معهد باستور، حديقة الحيوانات وتعاضدية الشرطة تتأسس كأطراف مدنية. غاب سلطاني وسيدي السعيد وحضر مدلسي وروراوة كانت الساعة تتجاوز بقليل السابعة ونصف صباحا، عندما وصلنا إلى مقر مجلس قضاء البليدة، واكتشف المارة أن القضية المعالجة اليوم، "ليست عادية" بالنظر للإجراءات الأمنية بمحيط مجلس قضاء البليدة، وتمّ نصب حاجز أمني ثابت تابع للشرطة أمام المقر، لتنظيم حركة المرور.. وفي الجهة المقابلة من الرصيف، اصطف عشرات الأشخاص، يرتدون بذلا فخمة ومعاطف من الكشمير، علمنا فيما بعد أنهم "متهمون" في قضية "الخليفة"، غير موقوفين، قبل أن يسمح للمواطنين والمحامين ورجال الإعلام بالدخول في حدود الساعة الثامنة والنصف صباحا، وتمّ "طرد" كل شخص لا يملك استدعاء لحضور الجلسة، ووجد المواطنون الذين جاءوا لسماع أحكام المداولات صعوبة في إقناع رجال الشرطة للدخول، وتجاوز حاجز التفتيش، واضطررنا إلى تقديم وثائقنا للسماح لنا بالدخول، قبل أن نصادف "نقطة تفتيش" أخرى، بمدخل قاعة الجلسات، تمّ نصبها مساء أول أمس، حسب معلوماتنا، وخضعنا للرقابة هناك أيضا، قبل "الإفراج" عنّا وإحالتنا على مكتب سحب إشارات المكلفين بتغطية المحاكمة من رجال الإعلام من الصحافة المكتوبة والمرئية والسمعية الوطنية والدولية، خاصة الفرنسية. ووجد السيد بوخاتم، مساعد النائب العام لدى مجلس قضاء البليدة صعوبة في إقناع الصحفيين بمنح إشارة لممثل واحد عن كل وسيلة إعلامية، تفاديا للإكتظاظ بقاعة المحاكمة التي شهدت إقبال أكثر من ألف شخص بين محاميين، متهمين، ضحايا، شهود وصحفيين. حضور إطارات دولة في أكبر قضايا الفساد الساعة تشير إلى التاسعة والربع صباحا، عندما يدق الجرس معلنا افتتاح الجلسة للنظر في أكبر فضيحة فساد في الجزائر، تدخل السيدة براهيمي، رئيسة الجلسة، رفقة إثنين من مستشارين وهما رئيس محكمة الشراقة ورئيسة محكمة تيبازة، والنيابة ممثلة في وكيل الجمهورية لدى محكمة الشراقة، يقف الجميع، قبل أن يقدم رجال الدرك تحية السلاح، علمنا أنها من تقاليد افتتاح الدورة الجنائية بمجلس القضاء، وتقرّر السيدة براهيمي، عرض قائمة المتهمين في قضية بنك الخليفة "الصندوق الرئيسي"، مشيرة إلى أنها لن تشرع في افتتاحها "إلا بعد أن نتفق مع هيئة الدفاع على طريقة العمل، لأن الجلسة قد تدوم أياما"، لتطالب كل محامي بالتقدم بعد الإعلان عن المتهم" وشرعت في ذكر أسماء المتهمين الذين يتصدرهم الإمبراطور خليفة رفيق عبد المؤمن، "غائب"، كريم اسماعيل، بوعبد الله سليم مولاي علي وطايشي فوزي، نقاش حمود الموجودين في حالة فرار، قبل أن تنادي على حوالي 104 متهم إجمالي في هذه القضية، أبرزهم علي عون الرئيس المدير العام لمجمع "صيدال" الذي حضر مبكرا، بلعربي محمد الصالح، رئيس المصلحة الاجتماعية والرياضية والصحة بالمديرية العامة للأمن الوطني، إضافة إلى إبنة الرئيس المدير العام لشركة الخطوط الجوية الجزائرية، ليندة بن ويس، التي حضرت مبكرة أيضا، وكانت شاحبة بدون ماكياج، ولم يرافقها والدها الذي خرج مؤخرا من وعكة صحية، ولم يحضر أفراد عائلة كيرامان المتهمين في القضية، وهم كيرامان عبد الوهاب، شقيقه، وإبنة شقيقه، حيث لم يودع الحبس أول أمس، وحضر إيغيل مزيان الذي يتابع قضائيا على خلفية كونه مستشارا بالمديرية الرياضية التابعة لمجمّع الخليفة، وقال لرئيسة الجلسة عند سؤاله عن هويته "إنه يعمل في الرياضة" إضافة إلى رشيد ميجيبة، حكم دولي سابق. واللافت أن أغلب المتهمين الذين تمّ عرض أسمائهم أمس، هم إطارات دولة في دواوين التسيير العقاري، أمناء عامين ووطنيين بالاتحاد العام للعمال الجزائريين، صناديق البطالة والضمان الاجتماعي على المستوى الوطني، إطارات بالمديرية العامة للأمن الوطني، وانتهت رئيسة الجلسة من قراءة الأسماء. عدم إلزامية حضور كل الشهود في حدود الساعة الحادية عشر صباحا، قبل أن تعلن عن جملة من الإجراءات، أهمها عدم إلزامية الشهود الذين يقدر عددهم بحوالي 300 شاهد بالحضور، وتكليف محاميهم بالحضور مع تأكيد تمسكهم بالإدلاء بشهاداتهم في القضية.. وقالت رئيسة الجلسة "إننا سنحدّد موعدا مع الشهود وفق اتفاق مع هيئة الدفاع"، لكن بعض المراقبين رأوا في هذا الإجراء إعفاء للشهود من الوزن الثقيل من حضور جلسات المحاكمة، خاصة وأن الأمر يتعلق بالوزير أبو جرة سلطاني، عليق، حناشي، تبون، ترباش "وزير سابق"، كريم جودي وزير منتدب حاليا مكلف بالإصلاح المالي، مراد مدلسي، الوزير الحالي للمالية، سيدي السعيد، الأمين العام للإتحاد العام للعمال الجزائريين.. هذا وأعلنت السيدة براهيمي، عن حضور قاضيين مستشارين إثنين طيلة الجلسات لإطلاعهما على التفاصيل وهما رئيس محكمة البليدة، ورئيس محكمة الأربعاء. وأضافت "أنه نظرا لخصوصية القضية، سننادي على محلفين يشكلان المحكمة، ومحلفين إحتياطيين".. مؤكدة "سنعمل أوقات العمل فقط من الساعة التاسعة صباحا إلى الخامسة والنصف، مع تخصيص وقت للغداء، ولن تقطع المرافعات".. كما تمّ تخصيص أطباء لمرافقة مراحل الجلسة في حال وقوع نوبات أو تعقيدات صحية، وتمّ تجنيد العشرات من رجال الدرك الذين انتشروا داخل القاعة. أفراد عائلة كيرامان المتهمين يغيبون عن أول جلسة وأحالت الرئيسة، الفصل في عدم حضور أفراد عائلة كيرامان إلى النائب العام "لكننا سنطلب منهم إن حضروا لاحقا تقديم استفسارات عن غيابهم الصبيحة".. قبل أن تنطلق في مناداة الضحايا، وهم ممثلو دواوين الترقية والتسيير العقاري، لأغلب ولايات الوطن، التعاضدية العامة للأمن الوطني ومؤسسة EPLF، اللجنة المصرفية لبنك الجزائر، والمفتشية العامة لبنك الجزائر الذي أكد للقاضية أنه تمّ استدعاؤه كشاهد في القضية وليس ضحية، إضافة إلى رئيس جمعية تليطون فيضانات باب الواد، ممثلون عن الصندوق الجهوي للتقاعد، الصندوق الوطني للتأمين على البطالة، وسجل غياب ممثل بنك الجزائر. القاضية تلمح إلى إجبار سلطاني على الحضور وتأسست المؤسسة الوطنية للملاحة الجوية كطرف مدني، إضافة إلى الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية، والمؤسسة الجزائرية للصحافة التي تعتبر شاهدا أيضا، في القضية، هولدينغ سوناطراك للخدمات شبه البترولية، إضافة إلى شركة سونلغاز والجزائرية للمياه، وحديقة الحيوانات والتسلية "الوئام" ببن عكنون، معهد باستور، وبلغ عدد الضحايا الذين تأسسوا كأطراف مدنية، 114 ضحية مقابل 128 شاهد، كان أبرزهم السيد مراد مدلسي وزير المالية الذي حضر مرفوقا بالوزير المنتدب المكلف بالإصلاح المالي، الذي حضر وتمسك بشهادته، وطلبت منه رئيسة الجلسة التقدم للاتفاق مع هيئة الدفاع حول رزنامة وقته لتحديد موعد الإستماع إليه. وصرّح مدلسي عند خروجه من المحكمة "أن القضية ستستغرق أياما"، وفي ردّ على سؤال قال "إنه لا شك في أن هذه القضية تعد مؤشرا على تجسيد الدولة الجزائرية لمكافحة الفساد".. وكان من بين الشهود أيضا، رؤساء النوادي الرياضية أبرزهم حناشي، مدور ولاعبين دوليين، منهم بلومي لخضر الذي كان حاضرا مقابل غياب عبد المجيد سيدي السعيد، الأمين العام للإتحاد العام للعمال الجزائريين، الذي قالت بشأنه رئيسة الجلسة "إنه سيحضر"، وقالتها بثقة، مما يؤكد أنه "مطلوب للشهادة" من طرف هيئة الدفاع، لكن اللافت أن رئيسة الجلسة عندما نادت على زعيم حركة حمس، وزير الدولة أبو جرة سلطاني، بصفته شاهدا "تزعزعت" القاعة، وعمّت الهمسات حول رجل أثار ضجة مؤخرا حول الفساد، وتمّ استدعاؤه في هذه القضية التاريخية كشاهد، لكنه غاب عن أول قضية فساد، حسب همسات الحضور. وأشارت السيدة ابراهيمي إلى أنه "إذا رأت المحكمة ضرورة حضوره، سيحضر بطلب من هيئة المحكمة وبأمر من النائب العام.. وأحالت القرار على هيئة الدفاع "التي يعود إليها مطلب استدعائه".. وصنع الأستاذ خالد برغل من هيئة الدفاع عن المتهمين في القضية الحدث في آخر الجلسة الصباحية عندما طالب بحضور أحمد أويحيى، رئيس الحكومة السابق ..بصفته المسؤول التنفيذي عن الفترة محل وقائع القضية للكشف عن أصحاب القرار في قضية "الخليفة"، خاصة وأن ثلاثة من موكليه يوجدون في السجن منذ 3 سنوات، "يجب أن نقف على الحقيقة في هذه القضية"، غير أن القاضية أكدت له أن "اسم أحمد أويحيى غير وارد بتاتا في قرار الإحالة"، لكنها أكدت أنها ستنظر في القضية" وتمّ رفع الجلسة الصباحية في حدود الساعة الواحدة والربع بعد منتصف النهار، في انتظار الإعلان عن تشكيل هيئة المحكمة مساء، وقراءة قرار الإحالة، والإعلان رسميا عن افتتاح جلسة المحاكمة التاريخية. نائلة. ب: [email protected]