عادت مجددا الحكومة الى الاستدانة الخارجية بعد أن كان رئيس الجمهورية قد أعلن "طلاقا بائنا " مع هذه السياسة إثر ما بدل من جهود لتحرير خزينة الدولة من المديونية الخارجية التي أثرت على مسار التنمية ، القرض الذي شكل موضوع الاتفاق رقم 20-443 الموقع شهر أفريل 2006 بالرباط بين الجمهورية الجزائرية والصندوق السعودي للتنمية سيوجه لبناء وتجهيز 16 ثانوية توزع على عدد من الولايات مازال لم يفصل فيها بعد . في وقت بلغت فيه احتياطات الصرف ذروتها بأكثر من 65 مليار دولار. رئيس الجمهورية الذي أعلن عداء لسياسة القروض أعطى أوامره بعدم الرجوع أبدا لهذه السياسة وسخر الخزينة العمومية لتمويل كل المشاريع الإنمائية التي احتواها برنامجه ،غير أن وزيره للمالية يبدو أنه لم يعد ملزما بهذه الأوامر حسب نص المرسوم الرئاسي رقم 06-514 المؤرخ نهاية شهر ديسمبر الماضي والذي يتضمن الموافقة على اللجوء لقرض من الصندوق السعودي للتنمية لتمويل بناء وتجهيز 16 مدرسة ثانوية في الولايات التي ستحدد لاحقا. هذا القرض الذي يضمن تغطية أشغال الإنجاز واقتناء الأجهزة وتخصيص احتياطي لتغطية الطوارئ خلال الإنجاز الذي جاءت تفاصيله في عدد أمس من الجريدة الرسمية سيتكفل باستعماله وتنفيذه البنك الجزائري للتنمية طبقا للقوانين والتنظيمات في مجال الميزانية والمحاسبة والمراقبة ،في حين سيتكفل وزير المالية عمليات تسديد هذا القرض الذي لم يحدد بآجال كما لم يتم الكشف عن نسبة الفائدة المحددة له ،وذلك على أساس الاستعمالات التي تمت حسب المبالغ المنصوص عليها في اتفاق القرض التي يبلغه إياها البنك الجزائري للتنمية . اتفاق القرض أوكل لوزارة المالية مهمة وضع إعتمادات الدفع تحت تصرف ولاة الولايات المعنية بالمشروع ،وذلك بمبلغ يساوي الكلفة المتوقعة للبناء والتجهيز حسب برامج المشروع ،وموازة لاتخاذها تريبات إنجاز عمليات تسديد القرض تقوم وزارة المالية بتسريع طلبات السحب من القرض الى الصندوق السعودي للتنمية لدعم برنامج إنجاز المشروع. عامل تسريع طلبات السحب هذا الذي شدد عليه مضمون اتفاق القرض لا يعكس أبدا الصحة المالية الحسنة التي تتمتع بها الجزائر كما لا يعكس الإرادة التي أعلنها رئيس الجمهورية في مقاطعة سياسة القروض التي أبدى حيالها وزير المالية مراد مدلسي التزاما عكسته الجهود التي بذلتها دائرته الوزارية لتخليص الجزائر من المديونية حيال نادي باريس وجزاءا منها لنادي لندن ،وفي وقت أصبح فيه مؤشر تسديد المديونية الخارجية أحد الإنجازات التي تتفاخر به الحكومة تطل علينا مجددا الحكومة من خلال وزارة المالية ووزارة التربية باتفاق قرض لإنجاز 16 ثانوية ،الأمر الذي يفرض الاستفهام عن دوافع اللجوء للاقتراض من أجل بناء وتجهيز مؤسسات تربوية في وقت حملت فيه نفس الحكومة الخزينة العمومية بخيار من رئيس الجمهورية عناء تمويل أكبر المشاريع كلفة كمشروع المليون سكن والطريق السيار شرق-غرب وكهربة شبكة السكة الحديدية ومشروع ميترو الجزائر. سميرة بلعمري: [email protected]