لم يفصل بعد، الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، في "المراسلة" التي بعثها له رئيس الحكومة، عبد العزيز بلخادم، قبل أكثر من شهر، بخصوص تعديل الطاقم الحكومي، ويبدو أن التأخر أو التأجيل، حتى لا يقال الإلغاء، له علاقة مباشرة بعدّة متغيرات ومعطيات، أهمها الانشغال بالمحاكمة التي تعرفها محكمة جنايات البليدة، بشأن قضية الخليفة، منذ الثامن جانفي الماضي، وكان الافتتاح الرسمي لفعاليات السنة الثقافية بالجزائر، الذي حضره وزارء الثقافة العرب، سببا آخر من بين الأسباب التي "عطلت" الاستجابة السريعة من طرف رئيس الجمهورية لرئيس حكومته. وتشير أوساط سياسية، إلى أن التعديل الحكومي اصطدم أيضا، بمحل الوزراء "مزدوجي الجنسية" من إعراب هذا التعديل، خاصة وأن الرئيس بوتفليقة كان قد هاجم خلال اجتماع الحكومة بالولاة، بقصر الأمم، في ديسمبر 2006، مزدوجي الجنسية قائلا: "إننا لم نعد نعرف الجزائري من غير الجزائري"(..)، مضيفا "إنه لعيبٌ وعارٌ أن تتنكّر للبلد.. عار ما بعده عار، أن تتنكر للبلد الذي ربّاك وأنفق عليك"، ووصف بوتفليقة مزدوج الجنسية بالإبن العاق لوالديه. وأكدت في وقتها مصادر متطابقة، أن رئيس الجمهورية، كان يقصد عددا من كبار المسؤولين والوزراء، لكن مراقبين، تساءلوا عن حقيقة وخلفيات إبقاء الرئيس على هؤلاء بمفاصل الحكم ودواليب السلطة، رغم إطلاقه النار عليهم، في سياق ما اعتبره البعض توجيه رسائل سياسية مشفرة، وهو ما يدفع ملاحظين إلى التساؤل، حول ما إذا كانت تلك الهجمات مجرد "بارود عراسي"، أم رصاص حي يريد من ورائه اصطياد "مزدوجي الجنسية"، أو على الأقل دفعهم إلى الانسحاب بشرف، من خلال تأليب الرأي العام عليهم، بالتلميح فقط، دون كشفهم بالأسماء والمناصب التي يتبوّؤونها. ومع تكرار الرئيس بوتفليقة لهجماته وانتقاداته للمسؤولين مزدوجي الجنسية، تشير المعلومات المتوفرة، إلى أن قرارات تعيين عدد من المتحصلين على الجنسية المزدوجة، مازالت متواصلة إلى غاية اليوم، على مستوى بعض الهيئات والمؤسسات الرسمية، وهو ما يدفع مراقبين إلى رسم علامات استفهام وتعجب أمام "الإستمرارية" في "الإستنجاد" بخدمات مزدوجي الجنسية، ممن غادروا الجزائر في وقت المحنة، وعادوا إليها كمسؤولين بعدما استرجعت أمنها واستقرارها السياسي والاقتصادي والاجتماعي؟ وكان الرئيس بوتفليقة، حسب ما تناقلته دوائر سياسية وإعلامية، أبدى تذمرا من جزائريين يستفيدون من رعاية الدولة من حيث الصحة والتعليم، ثم يسافرون إلى بلدان أجنبية، أوروبية بالأساس، لغرض الشغل، فيتحصلون بعدها على جنسية البلد الذي يقيمون فيه، وتشير المعطيات المتوفرة، إلى وجود وزراء يتمتعون بالجنسية المزدوجة، منها الأمريكية والكندية والفرنسية، إلى جانب الجزائرية، ومع ذلك، فإنهم يمارسون مهامهم بصفة طبيعية، منذ عدة سنوات! وترى أوساط متابعة، أن التغيير أو التعديل الحكومي القادم (الذي أبلغ بلخادم رغبته فيه إلى بوتفليقة)، سواء كان على المدى البعيد أو المدى القريب، سيضع النقاط على الحروف، بخصوص المسؤولين "مزدوجي الجنسية"، فهل سيعزل رئيس الجمهورية هؤلاء بعدما انتقدهم، وهل يكون عبد العزيز بلخادم، قد أدرج أسماءهم ضمن قائمة "المغضوب عليهم"، عندما طلب من الرئيس بوتفليقة إجراء تعديل حكومي؟ جمال لعلامي: [email protected]