رفض أمس، وزير الصناعة والمساهمة، حميد تمار، الاعتراف بفشل مسار الخوصصة، وحمل الأطراف الرافضة للعملية مسؤولية تعثر الجهود التي بذلتها الحكومة لفتح رأسمال الشركات والمؤسسات العمومية، موجها أصابع الاتهام للإتحاد العام للعمال الجزائريين، قائلا أنه خسر منصبه في الحكومة لمرتين بسبب المقاومة الشديدة التي أبدتها المركزية النقابية لمسار الخوصصة منذ 2002، مؤكدا أنه جاء للرد على منتقديه. وأمام حضور نوعي رفيع جدا، ضمّ خبراء في الاقتصاد يتقدمهم وزير المالية الأسبق، عبد اللطيف بن اشنهو، ورؤساء مديرون عامون لشركات عمومية واساتذة وطلبة، استعرض حميد تمار مسار الخوصصة والإستراتيجية الاقتصادية المنتهجة منذ بداية العقد الحالي، مشددا على أنه لن يقبل أن توجه إليه تبعات فشل مسار الخوصصة، إن كان هناك فشل، كما قال، موضحا أن هناك عوامل موضوعية كانت سببا في ذلك، ومنها تأخر انعقاد دورات مجلس الخوصصة الذي يرأسه رئيس الحكومة، مشيرا إلى أنه تقرر تسريع دورات انعقاد المجلس بهدف تسريع عمليات الخوصصة. وبشأن التضارب في الأرقام المقدمة من طرف بعض الوزراء، أوضح تمار أنه هناك تناغما بشأن الملفات الاقتصادية على الأقل، أما أرقام النمو أو البطالة فهي أرقام تحت مسؤولية الديوان الوطني للإحصاء. وقال حميد تمار أن تسريع مسار الخوصصة تطلب مناقشة العملية مباشرة مع رئيس الجمهورية منذ 2006 خلال جلسات الاستماع التي بادر بها بوتفليقة خلال كل رمضان، مؤكدا أن تلك الجلسات تمحورت حول كيفية الانتقال إلى الجوانب المتعلقة بتعزيز الإنتاج من خلال الاستثمارات الفعالة.وانتقد حميد تمار بطريقة غير مباشرة، نتائج برامج تأهيل المؤسسات الجزائرية العمومية والخاصة سواء تلك التي استفادت من تمويل عمومي أو تلك التي استفادت من برنامج "ميدا" الذي يموله الاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أن الحكومة وافقت على برنامج جديد لتأهيل المؤسسات الجزائرية، وهو البرنامج الذي كان محل دراسة مع رجال أعمال من القطاعين خلال الأسبوع الماضي، وسيتواصل بحث الملف خلال الأسبوع الجاري لمناقشة كيفية التأهيل، وماذا تحتاج المؤسسة الجزائرية لتصبح قادرة على المنافسة والتصدير، موضحا أن العملية جاءت ضمن مسار بدأ مع الاستثمار العمومي، ثم برنامج الخوصصة، ثم برنامج تأهيل، وكل ذلك من أجل توفير المناخ المساعد على جلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، بالموازاة مع محاولات تطوير السوق المالية، معترفا بصعوبة تحقيق نتائج كبيرة في هذا المجال، نظرا لبعض العوامل الدولية، مشيرا إلى أن الدولة العربية الوحيدة التي نجحت في تأسيس بورصة حقيقية هي العربية السعودية. من جهته، لم يتأخر وزير المالية الأسبق والمستشار حاليا برئاسة الجمهورية عبد اللطيف بن اشنهو، في التأكيد على استحالة التعامل مع جزائر 2007 بنفس المنطق الذي كان ينظر إليها سنة 2000. مشددا على ضرورة الوقوف بحزم أمام مسألة الاستقرار الاجتماعي والمالي، كونها مسألة مهمة جدا لفهم الواقع الاقتصادي والاجتماعي الجديد، الذي يفرض على الجزائر أن تنتهي وبشكل كامل من الحديث عن المسائل الهامشية مثل الحديث عن مشكل البطاطا، معتبرا أن الإستراتيجية التي قدمتها الجزائر كانت تتمحور حول إعادة تنظيم وضبط الاقتصاد الجزائري والخروج به من النمط التقليدي المغلق، إلى اقتصاد منفتح يقوم على النمو الحقيقي خارج قطاع المحروقات، وهو النمط الذي سيمكن الجزائر من الانتهاء وإلى الأبد مع مشاكل تعتبر هامشية من قبيل مشكلة البطاطا. وأكد عبد اللطيف بن اشنهو، أنه كان شاهدا على حالات الرفض والمقاومة الشديدة التي أبدتها بعض الدوائر لعملية التحول والانفتاح التي باشرها الفريق الاقتصادي الذي كان عضوا فيه إلى جانب كل من تمار وبعض الوزراء الآخرين مثل شكيب خليل.