انتصر المحافظون الاسلاميون في الانتخابات التشريعية الإيرانية بصورة غير متوقعة، ويكون البرلمان الايراني القادم قد كرس خيارات المجموعة الاكثر راديكالية في التعامل مع الموضوع الغربي والامريكي بشكل خاص.. وأصبحت المراهنة على التغيير من الداخل الايراني مراهنة عبثية، فرغم حملة الترعيب والغواية التي مارستها أساطيل أمريكا العسكرية والاعلامية وأصدقاء أمريكا وتحالفاتهم ومناوراتهم من أجل خلق مناخ نفسي يهيء لبروز تيار على حساب تيار، الا ان الشعب الايراني كان له وجهة نظر أخرى .. فأعطى مختارا مقاده للتيار الاكثر نقاء والاكثر التحاما بقضايا الامة وعلى رأسها فلسطين ولبنان ومواجهة العدوان الامريكي والكيان الصهيوني. عناوين السياسة الايرانية داخليا تقف أمام تحديات الاتجاه نحو تعزيز الثقافة الاسلامية والقيم الاسلامية في حياة الناس ومواجهة أزمة البطالة والتضخم وإعطاء فرصة أكبر لتنامي الصناعة البينية والنوعية، كما تقف على الصعيد الخارجي عملية إدارة الصراع مع الولاياتالمتحدة وبالذات في القضايا الشائكة والملغمة كقضية العراق والنفط والملف النووي والموقف الايراني الاكثر وضوحا من الموضوع الفلسطيني وإسنادها للمقاومة الفلسطينية واللبنانية. لكننا نحس ان على ايران إعادة النظر في جملة تصرفات لها تجاه المنطقة والامة كي تستطيع كسر أطواق الحصار على تجربتها الفذة وكي تستطيع الامة الاستفادة من إمكانيات الثورة المعنوية والمادية..ايران مدعوة لإعادة الاعتبار لعلاقتها بالعرب وأهل السنة من المسلمين لأن أكبر الأخطار التي تحيط بايران يتمثل في عزلها طائفيا وقوميا، ولقد كانت أشد التحديات ضراوة في التحرشات والاعتداءات تحت عناوين إما طائفية او قومية. كما ان ايران لن تستطيع ان تكون فعالة ذات دور اقليمي ودولي دون التحالف العميق مع العرب وأهل السنة، وأرض الامتحان هي العراق فلا يمكن ان يتجاهل العرب والمقصود هنا بعامة العرب موقف ايران غير المقنع من العدوان الامريكي المتواصل على العراق..وايضا لا يمكن ان يغمض أهل السنة أعينهم عن المدد غير المحدود للطائفيين من شيعة العراق من قبل ايران.. ان ايران مدعوة من الدين والمصلحة والجيرة الى إعادة ترتيب علاقتها بالمنطقة وبالذات في الموضوع العراقي.. وأننا لا يمكن ان نرى الا بمعيار واحد فكما أننا نرفض الاحتلال، ونرفض الخضوع للمستعمرين فإننا كذلك لا ينبغي ان نتعامل مع إفرازات الاحتلال الا على اعتبارأنها ذيل له. ومن هنا بالضبط فالمطلوب من ايران ان تعزز علاقتها بالمقاومة وتنأى بنفسها عن تجار الطائفية المقيتة، هذا إن أرادت ان تلتحم بالأمة.