محتالون يستهدفون المسنين لسلب أموالهم    مستحضرات التجميل تهدد سلامة الغدة الدرقية    الشروع في إنجاز سكنات "عدل 3" قريبا    الرئيس تبون جعل السكن حقّا لكل مواطن    مجلس الأمن: مجموعة "أ3+" تؤكد على ضرورة احترام سيادة سوريا وتدعو إلى وقف شامل لإطلاق النار    الرابطة الأولى موبيليس - تسوية الرزنامة: شبيبة القبائل ينفرد مؤقتا بالصدارة وشباب بلوزداد يواصل سلسلة النتائج الايجابية    الوضع العالمي مؤسف.. والجزائر لا تريد زعامة ولا نفوذا في إفريقيا    تتويج مشروع إقامة 169 سكن ترقوي بتيبازة    افتتاح الملتقى الكشفي العربي السادس للأشبال بالجزائر العاصمة    عناية رئاسية لجعل المدرسة منهلا للعلوم والفكر المتوازن    شياخة: هذا ما قاله لي بيتكوفيتش واللعب مع محرز حلم تحقق    "الكاف" تواصل حقدها على كل ما هو جزائريٌّ    صيود يسجل رقما وطنيا جديدا في حوض 25 متر    رفع مذكرات إلى رئيس الجمهورية حول قضايا وطنية هامة    حملة "تخوين" شرسة ضد الحقوقي المغربي عزيز غالي    "حماس" تؤكد إمكانية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار    "الوزيعة"عادة متجذّرة بين سكان قرى سكيكدة    لقاء السنطور الفارسي بالكمان القسنطيني.. سحر الموسيقى يجمع الثقافات    تأسيس اتحاد الكاتبات الإفريقيات    حكايات عن الأمير عبد القادر ولوحاتٌ بألوان الحياة    5 مصابين في حادث مرور    دبلوماسي صحراوي: "دمقرطة المغرب" أصبحت مرتبطة بتصفية الاستعمار من الصحراء الغربية    نجاح الانتخابات البلدية في ليبيا خطوة نحو استقرارها    الإطاحة بعصابة تروِّج المهلوسات والكوكايين    اليوم العالمي للغة العربية: افتتاح المعرض الوطني للخط العربي بالمتحف الوطني للزخرفة والمنمنمات وفن الخط بالعاصمة    الجزائر تتسلم رئاسة الدورة الجديدة لمجلس وزراء الإسكان والتعمير العرب    سوناطراك: استلام مركب استخراج غاز البترول المسال بغرد الباقل خلال السداسي الأول من 2025    "اللغة العربية والتنمية" محور ملتقى دولي بالجزائر العاصمة    المالوف.. جسر نحو العالمية    مشروع جزائري يظفر بجائزة مجلس وزراء الاسكان والتعمير العرب لسنة 2024    المحكمة الدستورية تكرم الفائزين في المسابقة الوطنية لأحسن الأعمال المدرسية حول الدستور والمواطنة    هيئة وسيط الجمهورية ستباشر مطلع سنة 2025 عملية استطلاع آراء المواطنين لتقييم خدماتها    ربيقة يواصل سلسة اللقاءات الدورية مع الأسرة الثورية وفعاليات المجتمع المدني    ترشيح الجزائر للسفيرة حدادي لمنصب نائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي يهدف لخدمة الاتحاد بكل جد وإخلاص    آفاق واعدة لتطوير العاصمة    مولوجي: علينا العمل سويا لحماية أطفالنا    95 بالمائة من المغاربة ضد التطبيع    إلغاء عدّة رحلات مِن وإلى فرنسا    عطّاف يلتقي نظيره الإثيوبي    مولى: الرئيس كان صارماً    برنامج الأغذية العالمي يعلن أن مليوني شخص في غزة يعانون من جوع حاد    الاتحاد يسحق ميموزا    حرمان النساء من الميراث حتى "لا يذهب المال إلى الغريب" !    انطلاق فعاليات "المهرجان المحلي للموسيقى والأغنية الوهرانية" : وزير الثقافة يدعو إلى ضرورة التمسك بالثقافة والهوية والترويج لهما    تصفيات مونديال 2026 : بيتكوفيتش يشرع في التحضير لتربص مارس    اتفاقية تعاون بين كلية الصيدلة ونقابة المخابر    وفاة الفنان التشكيلي رزقي زرارتي    سوريا بين الاعتداءات الإسرائيلية والابتزاز الأمريكي    جزائريان بين أفضل الهدافين    خطيب المسجد الحرام: احذروا الاغترار بكرم الله وإمهاله    المولودية تنهزم    90 بالمائة من أطفال الجزائر مُلقّحون    الجوية الجزائرية تعلن عن تخفيضات    التوقيع على اتفاقيات مع مؤسّسات للتعليم العالي والبحث العلمي    باتنة : تنظيم يوم تحسيسي حول الداء المزمن    الصلاة تقي من المحرّمات وتحفظ الدماء والأعراض    كيف نحبب الصلاة إلى أبنائنا؟    أمنا عائشة رضي الله عنها..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورة الإسلامية... التطورات الداخلية والدور الإقليمي
صواريخ إيران تستطيع الوصول إلى أية بقعة في العالم
نشر في الشروق اليومي يوم 10 - 02 - 2009

ماذا ستفعل أمريكا والغرب وقد اطلقت ايران قمرها الصناعي بواسطة صاروخ من صنع ايراني 100٪...؟؟ ماذا ستفعل امريكا واسرائيل بعد أن أعلن مسئول روسي أن لدى إيران قدرة صاروخية تطال أي هدف في العالم؟؟. أليس هذا هو السبيل الوحيد للرد على العدوان الاستعماري الصهيوني؟!! فلماذا يتخوف العرب من القدرة النووية الإيرانية؟؟
*
قراءة في الحالة الإيرانية المعاصرة
*
ما هو الحجم المتاح دولياً من دور إقليمي لإيران في المنطقة؟! هل تستطيع إيران تغيير شروط المجالات الحيوية في المنطقة؟! الى أي مدى يمكن لإيران أن تصبح محور استقطاب اقليمي؟ كيف يمكن أن يستفيد العرب من قوة إيران؟
هذه أسئلة وغيرها أصبحت محاولة الاقتراب من الإجابة عليها حاجة إقليمية بل ودولية ضرورية لأنها تعني نتائج تفاعلات التصارع الظاهر والباطن في المنطقة وحولها وهي التي سترسم المعالم الجيوسياسية لكل قطر من الأقطار المحيطة بإيران، بل والإقليم كله... وستتمدد نتائجها إلى إعادة ترتيب قوى النفوذ الدولية على خريطة المصالح الاستراتيجية الكبرى... وتقع إسرائيل في قلب الاهتمام من ذلك كله.
*
إيران الحديثة:
لقد تعرضت إيران كباقي قلاع الأمة (تركيا، مصر، المغرب العربي) منذ مطلع القرن التاسع عشر والثلث الأول من القرن العشرين لحملة منظمة من الاختراق والتغريب لسلخها عن تاريخها الإسلامي وعزلها عن الأمة... ولقد سقطت هذه القلاع في مخالب المخطط الغربي واحدة واحدة: تركيا، إيران، مصر، الجزائر... ولئن كان توجه المشروع الغربي ضمن حسابات استراتيجية إلى حسم الصراع بعجلة وعنف بالغين في الجزائر لإلحاقها فوراً بالغرب... فهو في بقية المواقع اتجه بالتدرج شيئاً فشيئاً بدءاً باختراق الوعي والثقافة تنتهاءً بإزاحة الأصيل من ثقافة الأمة وربطها باتفاقيات اقتصادية وعسكرية وتدمير كل إمكانات النهوض في داخلها.
بدأ الاتجاه نحو الغرب في إيران منذ تسلم الصفويين الحكم وذلك للاستعانة بخبراته في مجال التصنيع العسكري إذ كانوا منشغلين بحروبهم ضد الخلافة العثمانية... وبعد معركة (جالدران) التي وقعت بين الشاه إسماعيل الأول والسلطان العثماني سليم وجد النظام الصفوي في إيران ضرورة الاندفاع نحو الغرب أكثر من ذي قبل... وبالفعل تمكن الشاه عباس مستعيناً بالاخوة شرلي من صنع المدافع والأسلحة النارية.
ويمكن اعتبار الفترة التي انطلقت فيها ثورة (الدستور) بداية مرحلة التغريب بشكل رسمي واضح في إيران... فرغم أن علماء الدين شجعوا الدعوة إلى دستور يحكم البلاد في البداية إلا أن التيار العلماني تمكن من السيطرة على التيار وتوجيهه حسب رؤيته وكان على رأس هذا التيار (ملكم ويفرم) الأرمني الذي خاض عملية واسعة منظمة لتغريب البلاد بدعم غربي واسع واسنده في ذلك جيل من المثقفين المتغربين وتمكنوا من إقامة برلمان شكلي للبلاد... وقد تسلم رضا خان السلطة مدعوماً من الإنجليز بموجب برلمان (المشروطة الدستور) وقد أنشأ (ملكم ويفرم) الذي أكمل دراسته في باريس محفلاً ماسونياً في طهران ضم إليه أبناء الأعيان والملاك والمثقفين المتغربين... وكانت دعوتهم إلى ربط الاقتصاد والثقافة بالغرب إلى آخر مدى... وطرحوا فكرة تغيير الخط العربي إلى لاتيني كما فعل أتاتورك في تركيا... إلا أن علماء الدين الإيرانيين نجحوا في إسقاط هذه الجريمة في مهدها.
في إيران بدأت مرحلة التقليد للغرب منذ عهد الشاه إسماعيل والشاه عباس الصفويين... أما مرحلة التغريب المنظم فقد بدأت عام 1828 أي بعد هزائم إيران المتتالية على يد الروس... اتجه البلاط الإيراني إلى الغرب لاستيراد السلاح وبعض الأساليب الغربية على صعيد الأمور العسكرية والنظام التعليمي والإداري وهكذا بدأت في إيران المرحلة الأولى من التغريب أي منذ عهد (فتح على شاه)، وبلغت ذروتها بإصلاحات (أمير كبير) الذي استدعى لإيران مستشارين فرنسيين برئاسة (مسيوجاردان) المرافق الخاص لإمبراطور فرنسا فقام هؤلاء المستشارون بوضع خرائط للطرق والشوارع والموانئ، ووضع الخرائط العسكرية وتدريب أفراد الجيش وقد أرسلت الحكومة الإنجليزية عدداً من الوفود العسكرية إلى إيران للمشاركة بتدريب أفراد الجيش... كما دخلت المطبعة الحديثة والتلغراف... ونشطت عملية الترجمة للآداب والثقافة الأوروبية.
تسعة وعشرون طالباً كان قد أرسلهم (عباس مبرزا) سنة 1811 إلى أوروبا عادوا ليؤسسوا (دار الفنون) التي جلبت إليها أساتذة فرنسيين وكان نظام التدريس والمادة الدراسية فيها فرنسيين. وكان المتخرجون من هذه الكلية معظمهم من أبناء الأعيان والأشراف والملاكين... ومن هذه الطبقة تكون رواد حركة الدستور... ولقد تخرج من هذه المدرسة في المرحلة الأولى (1100) شخص شكلوا النواة الأولى للمثقفين الإيرانيين المتغربين... وبالإضافة لهذه المدرسة فتحت مدرستان واحدة تعنى بالترجمة والأخرى بالعلوم السياسية.
وهكذا نلاحظ أن عملية التغريب في إيران تمت كجزء من عملية تاريخية ضخمة شملت الأمة في عواصمها جميعاً في الوقت نفسه... فلقد كان التغريب تكرارا للوضع الذي لحق بالخلاقة العثمانية بمصر ففي البداية اقتبست التقنية الحربية ثم النظام التعليمي والإداري والتقني، واستوردت المنتجات الصناعية الغربية، وكان الدافع هو نفسه أي تعزيز بنية البلاد العسكرية، وكان شأن إيران مشابهاً لشأن تركيا في تقلد الجيل الذي تربى في النظام التعليمي الجديد المناصب الحكومية... واستمرت مرحلة التغريب حتى ثورة الدستور التي بدأت بعدها المرحلة الثانية الأكثر انتظاما في الارتهان للغرب والتي بلغت ذروتها في عهد كل من رضا خان وابنه محمد رضا...
وكان معظم المستشارين الذين خططوا لنظام التعليم الجديد ومعلمو هذا النظام فرنسيين حتى أن الطلاب الإيرانيين كانوا يرسلون إلى فرنسا في البداية من هنا صارت اللغة الفرنسية منذ ذلك الحين اللغة الشائعة في محافل المثقفين وطبقات المجتمع العليا وعن هذا الطريق توسع نفوذ الفرنسيين في كافة المجالات...
ترافق هذا الخط الثقافي بتوجهات سياسية حيث تم ربط البلاد بأوروبا فيما يخص اتفاقيات النفط، والعلاقات المتطورة باضطراد في أحلاف مع الإنجليز ثم الأمريكان.
شهدت إيران حركات مقاومة من قبل علماء الدين لمشاريع الإلحاق فكانت ثورة (التمباك) حيث قاد علماء الدين حملة مقاطعة ضخمة ضد الغربيين... ثم جاءت محاولة تأميم النفط بقيادة مصدق مدعومة بعلماء الدين المناضلين والتي أسقطها الغرب. وبعد ذلك جاءت حركة العودة إلى الذات بشكلها المعاصر والشامل... التي خاض غمارها علماء دين كبار ومفكرون متميزون منذ النصف الأول من القرن العشرين... تصاعدت هذه الحركة حتى بلغت درجة الغليان في 5 جوان 1963 بمظاهرات عمت المدن الإيرانية ترفع لأول مرة شعارات العودة إلى الذات والمطالبة برحيل كل النظام السياسي الثقافي الاجتماعي الذي يشرف عليه الشاه محمد رضا بهلوي وطرد النفوذ الأمريكي والإسرائيلي... وكان آية الله الخميني هو من تزعم هذه النهضة
*
*
إيران المعاصرة:
لم يكن الإمام الخميني شيخ دين بالمعنى التقليدي... كان رجل يحمل مشروعا متكاملا سياسياً وثقافياً وحضارياً له رؤية خاصة للداخل الإيراني والإسلامي وللخارج حيث تشابك العلاقات الدولية وهيمنة الدول الرأسمالية على مقاليد الأمور في بلاد المسلمين.
على المستوى السياسي خرج الخميني عن المألوف لدى الشيعة فكسر الإطار الفكري والفلسفي التقليدي لمسألة الانتظار والتقية... ذلك يعني أنه وضع نفسه في خندق المواجهة والنضال... وخرج عن المألوف لعالم الدين المسلم الذي ارتضى في أكثر لحظات تألقه أن يكون دور العالم هو النصح والصدع بالحق فذهب إلى إعلان أن لا قيادة لمجتمع المسلمين إلا للعلماء العاملين الفقهاء بدينهم ودنياهم وحسب مصطلحه (ولاية الفقيه)... وتحرك ببراعة ودأب لجمع الأدلة واستنباط الأحكام الشرعية لجعل هذا الأمر أهم مسلمات نظرية جمعت إليها عشرات العلماء الكبار والمثقفين المتميزين والمفكرين على مستوى عالمي...
وركز الخميني نظره على أسباب تدهور المسلمين فوجد أن الأمر لا يعدو سبباً رئيسياً وهو عدم قيامهم بالتصدي لجرائم المستعمرين وذلك في إطار حكومة إسلامية تقيم حدود الشرع وتحيي قيم الإسلام وتزيل الفوارق بين المسلمين المذهبية والطبقية والقومية فتكون منهم قوة تتمكن من فرض وجودها لحماية المسلمين ومصالحهم... والتصدي للظلم ونصرة المستضعفين.
كانت هذه العناصر الأساسية لنظرية الإمام الخميني وهي إلى حد ما متشابهة مع نظرية الحركة الإسلامية العالمية بشكل عام... إلا أن الإمام الخميني تميز في تطبيقات النظرية حيث اعتبر إسقاط ليس الشاه فقط بل كل نظام الحكم المرتبط باستراتيجيات أعداء الأمة هدفاً أساسياً لإنجاح النظرية.
في المرحلة الزمنية التي تخللتها عملية التعبئة والتحريض والتنظيم ترعرع جيل من الشباب والكوادر الملتزمين بهذه النظرية المصممين على إسقاط الشاه وإسقاط الوجود الأمريكي في المنطقة فكان شعار »الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل« هي القاعدة الفكرية والسياسية لنشاط التيار الإسلامي الذي يهتدي باجتهاد الخميني... وقد أحدث هذا التيار تغييرات جوهرية في ترتيب طبقات المجتمع وثقافته، فلقد تمكن باقتدار أن يزيح العلمانيين المتغربين عن سدة قيادة الثقافة في المجتمع ويزيح علماء الدين الخاملين عن القيادة الروحية للمجتمع وأن يتبوأ قيادة النضال السياسي، وأظهر قيم الإسلام وعاداته وشعائره في عاصمة كانت تعتبر من أكثر عواصم المسلمين تقليداً للغرب وثقافته.
سقط الشاه وإذا بالعالم كله يقف على قدم واحدة وهو يرى مئات المتخصصين والموسوعيين من المفكرين والاختصاصيين يتحركون بدأب لملء فراغ أحدثه انسحاب النخبة المتغربة وفرارها من البلد... وفي مرحلة قياسية تمكنوا من بناء وضع سياسي وعسكري يتناسب وروح الثورة ومشروعهم.
إلا أن الثورة واجهت تحديات كبيرة على المستوى الدولي حصار شامل وعدم اعتراف بشرعية الحكومة الجديدة وواجهت عدواناً أمريكياً مسلحاً مباشراً... وعلى المستوى الإقليمي وقف المال العربي ومعظم النظام العربي داعماً لصدام حسين لإسقاط النظام الإسلامي في إيران، وداخلياً كانت مجموعات (مجاهدي خلق) ومن خلال دعم لوجستي أوروبي وإقليمي تشن حملة منظمة لتصفية قادة الثورة وكوادرها الرئيسيين وراح نتيجة هذه الحملة شخصيات كبيرة كرئيس الجمهورية (رجائي) ورئيس الوزراء (بهنوار) ومفكر الثورة (مرتضى مطهري) ورئيس البرلمان (بهشتي) وشهيد المحراب (صدوقي) وأكثر من ثلاثين شخصت في قيادة المشروع الإسلامي في إيران وهم قيادة مجلس الشورى... ومئات الكوادر في المناطق المختلفة، كما تعرضت الكثير من المؤسسات الإيرانية في إيران وخارجها للتخريب.
صمدت الثورة الإسلامية وانهزمت القوى الدولية والإقليمية والداخلية مرحلياً... بمعنى أكثر دقة فشلت الحلقة الأولى من حلقات التآمر على الثورة.
شهدت فترة 1990-2003 تحولات دولية وإقليمية استراتيجية... في هذه الفترة، سقط الاتحاد السوفييتي وانهارت الكتلة الشرقية وحاصرت أمريكا العراق ثلاثة عشر عاماً وتوجت ذلك باحتلاله، وأرست قواعدها العسكرية في الخليج والجزيرة العربية بشكل محكم، واستطاعت أن تأتي بالأردنيين إلى اتفاقية سلام ومعاهدة صداقة مفضلة مع إسرائيل؛ وأن تلزم الفلسطينيين باتفاقية حكم محلي محدود حسب اتفاقية (أوسلو).
كانت هذه الفترة هي التي أعقبت الحلقة الأولى من التآمر على إيران... فاجتهد الإيرانيون في هذه الفترة على اختراق الحصار الدولي... ومن خلال دورات رئاسية تعاقب عليها رفسنجاني وخاتمي قدمت إيران محاولات سياسية وأخرى ثقافية لاختراق الحصار ونجحا إلى حد كبير في إنجاز صيغ لعلاقات إقليمية ودولية.
انتهت المرحلة الانتقالية (1990 2003) التي أنجزتها الثورة الإيرانية بهدوء وبناء وخطط خمسية استغرقت مئات مليارات الدولارات تمكنت إيران من خلالها التأسيس لبنية اقتصادية وعسكرية وصناعية معتبرة.
دخلت أمريكا المنطقة واحتلت العراق وأصبحت الجيوش الأمريكية على حدود إيران... وأساطيلها في الخليج العربي... بالنسبة لإيران فإن انهماك الجيوش الأمريكية والسياسة الأمريكية في المستنقع العراقي يعني إتاحة فرصة أكبر للإفلات بمشروعها النووي الذي أصبح عنوانا كبيرا للتحدي الإيراني المطروح على منظومة العلاقات الدولية التي تشكلت على ضوء نتائج الحرب العالمية الثانية.
جاءت حرب إسرائيل على لبنان والتي استهدفت إنهاء المقاومة اللبنانية تحمل هدفين متناقضين... كان الهدف الأمريكي واضحا وقد عبرت عنه وزيرة الخارجية الأمريكية بقولها: »إن ألم المخاض (الحرب) سينتج عنه شرق أوسط جديد«... كان الإيرانيون مدركين بأن نتائج هذه الحرب ستغير شروط اللعبة في المنطقة وسترغم الأمريكان على التنازل وهذا ما عبر عنه الشيخ رفسنجاني مباشرة في خطبة الجمعة التي أعقبت انتهاء العدوان الإسرائيلي... ومن نتائج صمود المقاومة أن كوفي عنان وفرنسا وعدة دول أوروبية أكدوا بضرورة حضور إيران في أي محادثات بخصوص الأزمة اللبنانية... وهكذا فإن الملف اللبناني والملف العراقي وإمكانية إغراق الجيش الأمريكي والإسرائيلي فيما سيكونان جسر العبور لنجاح الملف النووي... وبهذا تكون إدارة الصراع التي تتحلى بها القيادة الإيرانية الحالية وصلت إلى نقطة اللارجعة بعد رفض إيران للشروط الأمريكية... وأصبح باب النادي النووي مفتوحاً ولو على خجل لدولة معادية لأمريكا وسياساتها.
إيران المعاصرة تحمل مشروعا واضح المعالم... إنها لم تتخل عن حرف واحد من مشروع الخميني وما تقديمها لهذا الشاب أحمدي نجاد ليرأس الجمهورية إلا تعبيراً عن التزامها بخط الخميني في العلاقات الإقليمية والدولية.
وأمريكا تدرك أن عدة ملفات حساسة وخطرة لدى إيران القدرة على تفجيرها في وجهها... كما أن أوروبا تدرك أنها لا ينبغي لها دخول معركة أمريكا الخاسرة مع إيران... أما روسيا والصين فهذه الفرصة التاريخية الحقيقية في إيقاف التغول الأمريكي في العالم وتحجيم التمدد الأمريكي في المنطقة... لهذا كله نحن مقبلون على جولة تاريخية حاسمة سيتحدد على ضوئها دور إيران الإقليمي... بل ومستقبل المنطقة والى حد ما منظومة العلاقات الدولية
*
*
الاستراتيجية الامريكية إزاء إيران:
تعلو التصريحات من قبل المسؤولين الأمريكان بانه لن يسمح لايران بناء قاعدة للسلاح النووي ولو استدعى الامر القيام بعمل عسكري حاسم... وفى ورقة حديثة لمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى (صدرت فى يونيو 2008) ضمن سلسلة أوراق يصدرها المعهد بعنوان »الملاذ الأخير« يعرضها على صانع القرار الامريكي يناقش التقرير التداعيات التى يمكن أن تترتب على القيام بعمل عسكرى وقائي ضد إيران، باعتبار أن ذلك سوف يكون خيارا أخيرا لا مفر منه، إذا فشلت محاولات إقناع طهران سلميا بالتخلى عن طموحاتها النووية. فهناك، أولا، حاجة لتحديد معنى »النجاح« أو »الفشل« في مثل تلك الضربة المفترضة، لأن تدمير المنشآت الحيوية أو العسكرية في أي بلد لا يعني بالضرورة تدمير إرادته السياسية أو تصميمه على تحقيق أهدافه المعلنة ويمكن ان تكون هذه الضربة عنصر قوة اضافيا لايران ومخططاتها الاقليمية، حيث تشهد المنطقة تذمرا واضحا من السياسات الامريكية. وهناك، ثانيا، نتائج عديدة ومتفاوتة للتأثيرات داخل إيران، بعضها يمكن التنبؤ به، وبعضها الآخر قد يستحيل تقديره أو التنبؤ به، مثل الأضرار غير المقصودة للتدمير العسكري. وهناك، ثالثا، احتمالات عديدة للرد أو الانتقام الإيراني، يمكن تقديرها وفقا للسوابق الإيرانية (مثل عملية احتجاز الرهائن في السفارة الأمريكية عام 1980، أو الضرب الاستراتيجي ضد أهداف معادية أو مستهدفة، كما حدث في غمار الحرب العراقية - الإيرانية، أو هجمات صاروخية على السفن في الخليج العربي، أو ضرب أهداف خاصة...الخ). وهناك - قبل كل ذلك - بدائل عديدة مفترضة للضربة الوقائية، بدءا من العمليات السرية ضد أهداف محددة، وحتى الضربة العسكرية الشاملة، فضلا عن احتمالات تدخل إسرائيل في تلك العمليات، والآثار المترتبة عليه. وهناك أخيرا ردود أفعال إيرانية محتملة عديدة، مثل الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووى، وتعويق تصدير النفط من المنطقة، وإيقاف تصدير النفط الإيراني، ومهاجمة القوات والقواعد والمصالح الأمريكية والحليفة في منطقة الخليج، والهجوم على إسرائيل، سواء من لبنان، أو بمحاولة تدمير مفاعلها النووي في ديمونة، فضلا عن القيام بعمليات »إرهاب« و»تخريب«، وصولا إلى الحرب الشاملة... هذا هو اختصار لما جاء في التقرير الأمريكي...
لم يكن تحذير الرئيس الفرنسي ساركوزي الذي اطلقه من دمشق بأن إيران قد تتفاجأ بضربة لمفاعلاتها النووية من قبل اسرائيل... لم يكن هذا التحذير من باب تخويف إيران بقدر ما كان محاولة لدخول فرنسا المنطقة الشائكة في الملف النووي الايراني وقيامها بدور اقليمي في أكثر القضايا جدة وجذبا... والحديث عن دور فرنسي يعني حضور أوروبي في منطقة النفط والغاز ومجال الاستثمارات الرهيبة ففرنسا هي التي تحاول تسويق بيع التكنولوجيا النووية وبناء مفاعلات نووية في المناطق العربية والاسلامية ولعل تاريخها يؤكد على اعتبارها ان الموضوع استثماري، ففرنسا هي التي بنت مفاعل ديمونة باسرائيل كما انها هي التي بنت مفاعل تموز بالعراق الذي دمرته اسرائيل... والموقف الفرنسي من الملف النووي الايراني هو موقف اوروبي الى حد بعيد... ورغم ذلك فان فرنسا واوربا لن تقبل بوجود دولة اسلامية نووية فيما هي خارجة عن سياق التسوية مع الغرب واسرائيل.
ان اسرائيل جادة في تأليب الرأي العام الامريكي والاوروبي لاسيما صانع القرار في البيت الابيض بضرورة توجيه ضربات استباقية للمشروع النووي الايراني واسرائيل لاتتوقف عند حد العمل الاستخباري أو الديبلوماسي بل هاهي تضع قواعد متقدمة في طوق ايران لتحريك قواتها الجوية في الوقت المناسب لقصف المواقع الايرانية المعينة تماما، فلقد نشر مؤخرا عن قوى عسكرية اسرائيلية بجورجيا واخرى بالهند للغاية ذاتها، واسرائيل تدرك انها معنية بشكل اساسي بإضعاف القوة الايرانية بل وتوجيه ضربات ساحقة لها كما حصل تماما للعراق
*
*
إيران والعرب:
لقد تبنت ايران في سياستها الخارجية قضايا الاشتباك ضد المشروع الصهيوني والامريكي وجعلته واحدا من أهم ما ترفعه من شعارات، وتقدم تحت غطائه جهودا جبارة مالية ومعنوية وسياسية كما يحصل لحزب الله اللبناني والمقاومة الفلسطينية والعسكرة في العراق وعلى هذا الاعتبار اصبحت كثير من حركات المقاومة في وطننا العربي حليفة بشكل تلقائي لايران ضد امريكا واسرائيل وهذا انشأ مناخا عاما لدى العرب باأن ايران اختارت موقعا لها في جبهة الأمة انه موقع مواجهة أعدائها التاريخيين... ويجيئ الحديث عن الملف النووي الايراني في هذا السياق ليقابله إحساس بالاعتزاز لدى الرأي العام العربي في مواجهة التخوف من تنامي القوة النووية والتكنولوجيا العسكرية الاسرائيلية التي اصبحت تهدد بشكل كبير الأمن والاستقرار ليس في الاقليم فحسب بل على المستوى الدولي... ومع ذلك كله هناك مشكلتان على الصعيد الاقليمي تواجهان إيران الاولى: هي المشكلة العربية - الايرانية بما لها من امتدادات تاريخية تنفخ فيها الروح الشعوبية والقومية سموما وتدق أسافين بين القوميتين المتجاورتين منذ عشرات القرون... وهذه المشكلة لم تستطع ايران تجاوزها بما لايدع شكوكا لدى الاقليم، بل قد تكون هناك تصرفات إيرانية في العراق والخليج والجزر العربية بما توحي بأن هناك بعدا قوميا يقف خلف التصرفات الايرانية على الصعيد الداخلي... والمشكلة الاخرى مشكلة الشيعة السنة وهذه مشكلة حقيقية في السلوك السياسي تظهر في اكثر من مكان كدعم شيعة افغانستان والعمل ضد المجموعات السنية هناك ودعم النفوذ المتنامي للشيعة في العراق على حساب مكونات المجتمع الاخرى، وكذلك الحال في لبنان حيث مثل الدعم الايراني لحزب الله غطاء لمحاولة ترتيب الوضع الداخلي على حسبة تمدد طائفي في مواجهة السنة في لبنان، بل ان الامر بلغ درجة تشييع منظم لقطاعات من الشباب في المغرب العربي والمشرق العربي ورغم محدودية ذلك الا ان وسائل الاعلام والقوى المضادة تجعل منه مبررات لإيجاد حالة التحارب بين الشيعة والسنة.
ان ايران وهي تحاول ان تكون طليعة العالم الاسلامي في مواجهة قوى الاستكبار العالمي وبالذات السياسات الامريكية في المنطقة تتحرك مقيدة بشروط الثقافة التقليدية والرؤية الوطنية في كثير من الاحيان وهذه معضلة جوهرية لايمكن في ظلها ان يتحقق لايران تقدم ذو شأن على صعيد المواجهة الحضارية مع الغرب. ستظل ايران تراوح مكانها مستنزفة محاصرة ما لم تتقدم بروح تضحية كبيرة لصالح وحدة الأمة، وبتجاوز فذ لمجموعة من السلوكات والمفاهيم الطائفية والقومية غير المفهومة وغير المقبولة.
ومن العدل والانصاف أن نذكر للثورة الإيرانية محاربتها للروح الشعوبية والطائفية في اوساط المثقفين الإيرانيين وأنها بذلت جهودا جبارة للاقتراب من الوطن العربي والعالم الاسلامي والسني بشكل خاص ومن الإنصاف كذلك ان لانحمل ايران مسئولية هذه المشكلة بشكل كامل فإن تيارات عديدة من القوميين العرب وكثير من القوى السلفية في الوطن العربي لاسيما في الخليج كانوا لسنوات عديدة من يحمل الناس حملا على محاربة ايران وتكفيرها واحكام الحصار عليها بالتنسيق والتوافق أو بالانخراط العملي مع الخطة الامريكية والغربية في حروب رهيبة لاجهاض المشروع الايراني.
ان العلاقة العربية الايرانية ببعديها القومي والمذهبي لابد ان تجد صيغا حقيقية تضع في الحسبان مصلحة الامة العليا وهذا يتوجب بداية الاقلاع عن التكفير والتخوين من قبل الطرفين، وايران تتحمل مسئولية طليعية في هذه العملية... ان ايران لاتساعد قوى المقاومة في الامة ولا شعوبها بلا مقابل هذا الذي ينبغي ان تدركه القيادات الايرانية. ان قوى المقاومة في الامة والحريصة على الترابط مع ايران بل وان أنظمة عربية بنسب ما تريد التعاون مع ايران وهذا يقدم مساعدة جليلة لايران ويصبح التعاون الايراني والتضحيات الايرانية في ذلك الباب ذات مردودية عالية وبفعل التراكم تنشأ مناخات جديدة وثقافات جديدة تعزز وحدة الأمة وتكامل تركيبها القومي والمذهبي.
وتنصرف بعيدا ثقافات الطوائف والقوميات النتنة.
على إيران ان تدرك انه يمكن ان تخسر جزءا من جزيرة هنا او موقعا هناك وخطا حدوديا فاصلا مع العراق هنا او هناك وان تتنازل عن تفرد هنا او هناك، ولكنها تكون في الحقيقة تكسب عمقا لدى الأمة وتكون ترسي جسورا للوحدة والتضامن بين اقطار المسلمين... المطلوب من ايران ان لاتظهر وكأنها نصير الشيعة في المسلمين لأن هذا خطر كبير على ايران، فإيران ليست كلها شيعة ثم ليس الشيعة الا اقل من نصف عشر المسلمين وفي العرب اقل من نصف عشرهم... وهذا السلوك يقودها لإحكام الحصار عليها وهذا هو أخطر الاسلحة بيد أمريكا والغرب الذي يجيد اللعب بقانون (فرق تسد).
وأمام ايران موضوع حساس وهو ضرورة إدراكها ان العرب حالة ناهضة رغم مايبدو على أنظمتهم السياسية من وهن وضعف وان المنطقة العربية هي المغناطيس الحيوي للدائرة الاسلامية وهي قد منحت اسبابا عديدة متفردة لتكون عماد أي نهضة حضارية اسلامية وان العرب قادوا ثورات عظيمة ضد الاستعمار الغربي الحديث في فلسطين والجزائر وليبيا والعراق ومصر ولازالت أرضهم مسرحا للمواجهات الدامية مع المشروع الاستعماري في فلسطين والعراق والصومال، كما انهم قد خاضوا خلال القرون الثلاثة السابقة أشرس المعارك الثقافية ضد النموذج الغربي دفاعا عن نموذجهم الحضاري وكان الازهر ومؤسساتهم العلمية في طليعة المواجهة وهم بذلك جديرون ان يبقوا في طليعة الأمة الاسلامية بل وسدنتها وليس من مصلحة قوامة الاسلام أو وحدة أممه أن يستثنى العرب من قيادة مشروع النهضة في الأمة والموضوع في غاية الحساسية، والايرانيون ليس أمامهم الا ادراك ان المسألة العربية مسألة جادة يجب التعاطي معها بعمق ومسئولية عليا.
كما أن العرب وهم في مواجهة التهديدات بالقضاء على طموحهم في وحدتهم واستقلالهم ونهضتهم لاينبغي ان يديروا ظهورهم لجار يشترك معهم في التاريخ والحضارة والعقيدة وفي صيرورة الامة ومستقبل علاقاتها بسبب تصرف او سلوك هنا اوهناك... انه لمن العبث ان يقوم البعض بتصوير ايران كعدو للأمة الى الدرجة التي يتم التحالف فيها مع الغرب والأسوأ من هذا ان يروج البعض لكلام عن خطر النووي الايراني. في حين يتناسى حجم الاخطار التي يكتنفها المشروع النووي الاسرائيلي على كامل الأمة.
ان العرب كقوى وحركات ودول معنيون بإقامة افضل العلاقات مع ايران باعتبارها شريك حضارة وأخ عقيدة ورفيقا في خندق واحد... ولكنها علاقات التكامل والتساند والتناصر كل من موقعه بتنوعه لاعطاء حالة النهضة كل الابداع والجهود المسئولة.. وعلى ايران ان تقبل منهم ذلك.
ان العرب يحتاجون في مواجهة عدوهم التاريخي الى قوى إسناد إسلامية وعالمية ولا يبدو في الافق الا ايران طليعة للمسلمين من غير العرب تتبنى قضاياهم وتقف معهم في خندقهم وهكذا تتجلى المسألة ان الموضوع ليس سنيا ولا شيعيا إنما هو تراص المسلمين في خندق الدفاع عن مستقبل الأمة ودحر المشاريع الاستعمارية عن حياض الامة... وهذا يعني كذلك رفع الحرج عن العلاقة بإيران ورفع الحصار الاعلامي عنها وإدخالها ضمن سياقات التكامل في مشاريع النهوض بالأمة بما لديها من طاقات جبارة.
ان العرب وايران ليسوا في فسحة من امرهم... انهم مجبرون على التحالف والتناصر والتكامل الى حد بعيد وهناك مجالات عديدة تبدأ من انعاش الاستثمار المتبادل والجوانب الاقتصادية والسياحة البينية والاهتمام باحتياجات الشعوب من الغذاء والصحة والتعليم وحقوق الانسان والبحث العلمي وتطوير العلاقات السياسية والتفاهم على خطوط استراتيجية عامة تخضع لمصلحة الأمة وهذا يحتاج الى دراسات وحلول عملية تأخذ بمبدإ التراكم الفعال... وسيخسر العرب كثيرا إن ظنوا ان خلو المسرح من ايران سيكون لصالحهم. كما ان ايران لن تستطيع ان تحمي نفسها إلا بحليف عربي قوي يلقي بقوته بتلقائية في نهضة شاملة متكاملة.
*
الخلاصة:
إن الذي يهمنا هنا يتعلق بكيفية صياغة موقفنا نحن تجاه ايران لا ان نكون منفذين لصياغات دولية تجاه جار وشريك وأخ... ما هو موقفنا في العالم العربي، إزاء تلك التطورات. ولا يخفى أن المجتمع الدولى والولايات المتحدة خاصة في التعامل مع المسألة الإيرانية تتجاهل المنطقة العربية، ولا تسمح لها ان تكون شريكا في صياغة رؤية حتى هذا المستوى المتدني مرفوض على العرب. ان الحضور البارز لإيران في قضايانا الحيوية المعاصرة كما سبقت الإشارة من ناحية، والتأثيرات المحتملة للطموح النووي الإيراني، وردود الأفعال الدولية المتوقعة إزاءه، مع وجود الترسانة النووية الإسرائيلية من ناحية أخرى تلقى علينا في العالم العربي، تحديات لا يمكننا تجاهلها، وينبغي وجود استراتيجية عربية واضحة إزاءها... ان هذا يعني بوضوح ان نبحث عن مصالح أمننا القومي ومستقبل نهوضنا الحضاري والاستفادة من طاقاتنا بعيدا عن تجنيدنا في حروب ضد أنفسنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.