أجمع عدد من الأكاديميين المشاركين في ملتقى الحضارة الإسلامية بالأندلس، الذي احتضنه فندق الأوراسي طيلة ثلاثة أيام،على أن التغطية الإعلامية للملتقى كانت باهتة، وأكدوا على ضرورة أن تسدى بعض الأهمية لمثل هذه التظاهرات، متسائلين في الوقت ذاته عن تدني اهتمامات الإعلام العربي، الذي أصبح حسب بعضهم، دون المستوى عندما يتعلق الأمر بالقضايا الحيوية والإستراتيجية للأمة. تذهب الدكتورة أميرة بينيسون، وهي أكاديمية تدرس بجامعة كامبريدج ببريطانيا، إلى أن مشاركتها في هذا الملتقى سمحت لها بزيارة الجزائر للمرة الأولى، واعتبرت بأن الفرصة سانحة بالنسبة لها كأستاذة جامعية لإلقاء محاضرة حول " مدينة الزهراء "، وتناول موضوع الحوار بين المسلمين والغرب خاصة مع وجود صور نمطية لدى الطرفين، واهتمام واضح لدى المسلمين كما لدى الغرب لمعرفة الآخر ، والوصول إلى ملامسة الحقائق المغيبة في هذه العلاقة. ومع ذلك كانت التغطية الإعلامية للملتقى باهتة ، الأمر الذي لاحظه الدكتور خالد بن حسان العبري من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن " والله لا أفهم أن يهتم الإعلام العربي مثلا بخبر ممثلة، حكمت عليها المحكمة بالعمل في مرحاض لمدة أسبوع، وتقوم الصحافة بتغطية ذلك على مستوى واسع، وتهمل قضايا أخرى أكثر حساسية .." واستغرب الدكتور العبري أن نتعامل نحن المسلمين مع موت ممثل كحدث يستحق الأهمية القصوى، وتستنفر من أجله كل وسائل الإعلام..، غير أن العبري يؤكد أن " المسؤولية لا يتحملها المنظمون فقط ، بل حتى نحن كمشاركين نتحمل جزءا منها من خلال نشر ما يخلص إليه هذا الملتقى ..والخلاصة، لدينا أزمة حقيقية في الإعلام العربي تتمثل في تدني اهتماماته ". ويعزز هذا الرأي ما أكده الدكتور محمد بن ناصر بن أحمد الملحم، أستاذ التاريخ الإسلامي بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بالأحساء، بالمملكة العربية السعودية، من خلال تساؤله عن تغطيات الصحف للملتقى. واستهجن الدكتور الملحم عدم توفر الجرائد خلال أيام الملتقى، معتبرا " ما لا أفهمه هو أن ينظم هذا الملتقى خلال الموسم الدراسي للجامعة ، وكان على المنظمين أن يتحروا تنظيمه خلال العطلة ، ويجعلوه تواصلا على مدى أيام، بدل ثلاثة أيام فقط تعميما للفائدة.." ، ليخلص إلى تسجيل الملاحظة التالية " ..في الحقيقة أنا لا أعرف إن كان المجلس الإسلامي الأعلى سيقوم بنشر مجريات الملتقى أم لا". ومع أن الملتقى الذي نظمه المجلس الإسلامي الأعلى كان دوليا، إلا أنه لم يحظ بالمتابعة الكافية ، وقد حضر جانبا من الأشغال محمد شريف خروبي، وهو وزير سابق للتربية، حيث بدا أن لديه جملة من الملاحظات بخصوص مثل هذه التظاهرات " ملتقى كهذا، أتمنى أن يكون مفتوحا ومبسطا ، ومناسبة لعرض أفكار مفتوحة إعلاميا عبر الندوات والحوارات..، لو شئت رأيي بصراحة، ليس من الأولويات أن نقوم بملتقى حول ابن ميمون والأندلس، لكن الأولى أن نقوم بندوات وملتقيات حول إصلاح التعليم ورفع مستواه..، ومثل هذه الخطوات يمكن اعتبارها هروبا إلى الإمام..". ويبدو أن غياب الإعلام وسوء تغطيته للحدث سيطر على جل اهتمام المشاركين، حيث اعتبر الأستاذ عبد الفتاح زيراوي حمداش ، المشرف العام على الموقع الإلكتروني " ميراث السنة" أن قلة هذه الملتقيات يعد في حد ذاته مشكلة ، وإذا أضفنا إلى ذلك ضعف التغطية الإعلامية ، وغياب الأئمة باعتبارهم شريحة هامة من المجتمع الدعوي، كل هذه العوامل ، برأي عبد الفتاح زيراوي اجتمعت لتقلل من حظوظ نجاح هذا الملتقى ..، وهي عوامل تقلل من حظوظ نجاح كل التظاهرات، خاصة لما يتعلق الأمر برأسها وهو ضرورة وجود الإعلام الذي يشرف على نشرها لتعميم الفائدة. ميلود بن عمار:[email protected]