دعا المشاركون في أشغال اليوم الأول من الملتقى الدولي حول ''الإسلام والعلوم العقلية بين الماضي والحاضر''، الذي تختتم فعالياته مساء اليوم بفندق الأوراسي بالجزائر العاصمة، إلى إحياء التراث العربي الإسلامي من خلال تعميق البحث والدراسة في هذا التراث في مجالاته العلمية، ولاسيما ما تعلق بعلوم الرياضيات والفلك والكيمياء والطب. أكد المشاركون وهم أساتذة ومختصون من الجزائر والدول الغربية، على ضرورة الاهتمام بالتراث العلمي العربي الإسلامي، بالنظر الى أهمية هذا المسعى ومساهمته في تصحيح النظرة الخاطئة لبعض المستشرقين تجاه الحضارة الإسلامية من الذين ينكرون إسهامها في انتشار العلوم بأوروبا منذ القرن ال12 ميلادي. وفي هذا الإطار أوضح أحمد جبار أستاذ بجامعة العلوم والتكنولوجيا بليل (فرنسا) وباحث متخصص في تاريخ الرياضيات العربية أنه لا يمكن تعميم مقولة تنكر الغرب للحضارة الإسلامية في انتشار العلوم بأوروبا، على اعتبار أن ثمة باحثين ومفكرين من الغرب صرحوا في الكثير من المرات أنهم استلهموا أبحاثهم من كتب لباحثين مسلمين كبار أثناء العهد الأندلسي أمثال ابن رشد وابن سيناء وابن الهيثم. ونفى جبار في مداخلته حول ''ظهور وتطور النشاطات الرياضية في الحضارة العربية الإسلامية'' أن تكون هناك قطيعة بين النشاطات الرياضية في الأندلس والمغرب العربي. وعرج جبار خلال مداخلته على أهم المراحل الأساسية للنشاطات الرياضية خلال الفترة ما بين القرن الثامن الى غاية القرن 16 منها مرحلة الإمارات والتي عرفت ميلاد حركة الترجمة في الشرق الإسلامي، حيث ظهرت أولى المؤلفات الرياضية بالعربية في بغداد. وأشار جبار إلى أن انتقال العلوم التي طورها المسلمون إلى أوروبا لم يكن بإرادة المسلمين انفسهم بل كان بإرادة الأوروبيين الذين جاءوا إلى مناطق عربية من بينها ''فاس وبجاية وطليطلة'' ليطلعوا على هذه العلوم التي كانت آنذاك في أعلى مستوى. ودعا الأستاذ جبار إلى ضرورة البحث عن ''أطر لدعم التعايش والتبادل ما بين حضارتي الغرب والمسلمين من خلال معرفة الآخر والاستفادة منه دون التهجم عليه''، مشددا على وجوب الاستلهام من حضارات الدول المتقدمة للخروج من هذا التخلف، مبرزا دور الجامعة في تكوين النخبة وتكوين إعلاميين مختصين في المواضيع العلمية بمفهومها التاريخي والنظري والتقني حتى يتسنى لهم المشاركة بجدية في تنوير الرأي العام الغربي حول ثراء الحضارة العربية الإسلامية والدفاع عنها''. من جهته قدم مفتاح عبد الباقي من وادي سوف في مداخلة له حول ''علم الرياضيات والفلك ابن البناء المراكشي'' لمحة على أبرز علماء الرياضيات والفلك، يتقدمهم أبوالعباس البناء العددي المراكشي الذي خصص له مداخلة كاملة للتعريف به وبأهم منجزاته العلمية. للتذكير تواصلت أشغال هذا الملتقى على شكل أربع ورشات في العلوم الاجتماعية والطبية والرياضيات والتعليم والعلوم الطبيعية.