برر وزير البريد وتكنولوجيات الإتصال بوجمعة هيشور أمس قرار سلطة الضبط القاضي بمنع التخفيضات التي أقرتها جيزي لمشتركيها في أسعار المكالمات بحجة أن سلطة الضبط هيئة مستقلة وهي سيدة في قراراتها التي تخضع للمداولة والمصادقة من قبل الأعضاء ولا يمكنني أن أتدخل في صلاحياتها أو اعلق على قراراتها". وشدد الوزير في تصريحات للصحافة على أن "كل المتعاملين ملزمين باحترام بدفتر الشروط، وإذا قام أحدهم بخرق بنوده تتدخل سلطة الضبط لفرض احترام بنوده من خلال اتخاذ القرار المناسب، وفي حال عدم رضا أي متعامل ما عليه سوى اللجوء إلى الطعن في القرار على مستوى مجلس الدولة". قبل أن يضيف " جيزي أصدرت قرارا بتخفيض أسعار مكالماتها الهاتفية نحو جميع الشبكات إلى 3.99 دينار وقامت بتنفيذ القرار دون إبلاغ سلطة الضبط مسبقا، في حين أن المادة 22 02 من دفتر الشروط تفرض على المتعاملين أن يخطروا سلطة الضبط قبل شهر من تنفيذ التخفيض وإذا لم يلتزم المتعامل بذلك فإن ذلك يعتبر خرقا لدفتر الشروط"، "ولكن هذا لم يمنعني من استقبال المدير العام ل "جيزي" حسن قباني أمس بطلب منه، وأستمع منه لموضوع النزاع، لأول مرة منذ تنصيب سلطة الضبط في الجزائر قمت باستدعاء رئيسها محمد بلفوضيل واستوضحت الأمر منه". وقد حرص الوزير على أن لا يبدو منحازا في تصريحاته ضد جيزي أو لصالح سلطة الضبط من خلال قوله " فعلا، من الضروري بل وأكثر من ضروري أن يقوم أعضاء مجلس سلطة الضبط بدراسة معمقة ومدققة قبل اتخاذ أي قرار، وقد قلت لهم ذلك وقلت لهم بأنه عليهم الإستعانة بخبرة أجنبية أو مكتب دراسات أجنبي إذا اقتضى الأمر قبل إصدار أي قرار وطلبت منهم بأن يأخذوا وقتهم الكافي وأن لا يتسرعوا"، مضيفا "الأمور ما تزال على مستوى سلطة الضبط يقوم أعضائها حاليا بمداولات جديدة حول أسعار جيزي وذلك بطلب مني شخصيا أجل الفصل في هذا النزاع بموجب النتائج التي ستتوصل إليها المداولات، وأنا انتظر النتائج". علما أن خلفيات هذا النزاع بدأت منذ 18 فيفري ثم تفاقمت يوم 14 مارس الفارط عندما قامت سلطة الضبط للبريد و الإتصالات بإرسال بخمس قرارات ل "جيزي" 05 ، 06 ، 07 ، 08 ، و 11 لتأطير تسعيرات جيزي، في وقت يتعارض تدخلها في تحديد أسعار جيزي تعارضا صارخا مع المادة 13 من القانون رقم 2000 03 المتعلقة بفتح السوق وتحرير الأسعار كما يتعارض مع إرادة الحكومة الرامية إلى تطوير خدمات اتصالية نوعية ومضمونة في إطار شروط موضوعية وشفافة، وغير تمييزية، وفي محيط تنافسي، مع ضمان المصلحة العامة حسب ما تنص عليه المادة رقم 1 من نفس القانون. ويعتبر القرارين رقم 05 و06 الصادران عن سلطة الضبط سوق الإتصالات الهاتفية النقالة في الجزائر سريعة التأثر كما يعتبران أوراسكوم تيليكوم متعاملا محتكرا في السوق، مع إخضاعها لسلطة الضبط في أي عرض أو خدمة أو منتوج جديد تريد أن تقدمه لزبائنها بموجب القرار رقم 08 ، و فرض عليها سحب عرض ألو أوراسكوم تيليكوم من السوق بموجب القرار رقم 11 الذي يعوض القرار رقم 07 بصيغة قانونية أخرى. وتم إرداف القرار رقم 11 بإعذار مؤرخ في 21 مارس 2007 ، وهي القرارات التي صدرت عن سلطة الضبط في وقت يفترض أن لا تتدخل سلطة الضبط في تحديد تسعيرات العروض التي تقدمها جيزي، وأي تدخل يعتبر كبحا للنشاطات التجارية ل "جيزي" مقارنة بمنافسيها من جهة ومعارضة لمصالح المستهلكين الجزائريين من جهة أخرى وكيلا بمكيالين من جهة ثالثة من خلال التمييز بين المتعاملين. والجدير بالذكر أن المادة 4 من الأمرية 03 03 المتعلقة بالمنافسة تنص على أن "أسعار الممتلكات والخدمات تحدد بكل حرية حسب لعبة المنافسة في السوق" في حين أن المادة 5 من نفس الأمرية تنص على أن الممتلكات والخدمات المصنفة ضمن الأمور الإستراتيجية من طرف الدولة يمكن أن تكون محل تنظيم لأسعارها من خلال مراسيم بعد إخطار مجلس المنافسة. غير أن تسعيرة خدمات الإتصالات المقدمة للعموم منظمة بموجب المرسوم رقم 02 141 الذي ينص على أن سلطة ضبط البريد والمواصلات مكلفة بتحديد المبادئ التي تقوم عليها عملية تحديد أسعار الخدمات المقدمة من طرف المتعاملين، وعلى أن إطار التسعيرة لا يمكن أن تقرره سلطة الضبط إلا في حال عدم كفاية أو غياب العروض المنافسة، ويمكن لسلطة الضبط تأطير تسعيرة خدمة ما لمتعامل ما إذا كان المتعامل المحتكر يستغل وضعه كمحتكر للسوق أو إذا كان المتعامل وحده هو الذي يقدم ذلك العرض، أو إذا لاحظت سلطة الضبط بأن السعر لا يخضع لحرية المنافسة في السوق. من جهة أخرى تنص المادة رقم 20 1 من دفتر الشروط الذي التزمت به أوراسكوم تيليكوم الجزائر عند شرائها للرخصة التي منحت لها بموجب المرسوم رقم 01 219 المؤرخ في جويلية 2001 على أن أوراسكوم تيليكوم تتمتع بالحرية في تحديد أسعار الخدمات التي تقدمها لمشتركيها وكذا الحرية في تحديد النظام الشامل للتسعيرة التي يمكن أن تعرف تخفيضات حسب مستوى المعاملات، ومن ثم فإن حرية أوراسكوم في تحديد أسعارها مضمونة في النصوص القانونية وكذا بموجب دفتر الشروط، وهو ما يجعل القرار المتخذ من طرف سلطة الضبط يتعارض مع تعهدات الدولة الجزائرية في مجال الإستثمار التي بها التزمت في 5 جويلية 2001 . وقد ردت جيزي على هذه القرارات بمراسلة مؤرخة يوم 24 فيفري الفارط لسلطة الضبط ، غير أن هذه الأخيرة لم ترد، مما دفع جيزي إلى إيداع أربعة طعون على مستوى مجلس الدولة في 18 مارس الفارط تطالب من خلالهم بإلغاء هذه القرارات ، في حين تقوم هيئة المحامين المكلفة بالدفاع عن جيزي حاليا بتحضير طعن آخر أمام مجلس الدولة كذلك تطلب من خلاله إلغاء القرار رقم 11 الصادر في 12 مارس الفارط، علما أن هذه القرارات التي تعتبرها جيزي ظالمة في حقها وغير مؤسسة قانونا تنفيذية فور صدورها وأي طعن أمام مجلس الدولة لا يلغي تنفيذها طبقا للمواد رقم 17 من القانون حتى وإن كانت نتائجها وخيمة على أوراسكوم تيليكوم الجزائر. جميلة بلقاسم:[email protected]