حملت الحصيلة المالية التي أعدها الاتحاد الجزائري لكرة القدم تحسبا لعقد جمعيته العامة العادية يوم 23 أفريل المقبل، الكثير من المفاجآت والملاحظات، خاصة في ما يخص الميزانية التقديرية المخصصة للعام 2018، التي تبدو مبالغا فيها كثيرا لكون الفاف قررت تخصيص مبلغ 370 مليار سنتيم، ما يقارب نصف "تركة روراوة" الذي ترك مبلغ 720 مليار سنتيم في أرصدة الفاف قبل رحيله في مارس من العام الماضي، فضلا عن كون الحسابات البنكية للعملة الصعبة أضحت "خاوية"، ما ينبئ بأن السياسة المالية التي ينتهجها المكتب الفدرالي بقيادة خير الدين زطشي ستقضي على التوازن المالي للاتحادية في غضون سنتين، في ظل تزايد الأعباء مقابل شح الموارد المالية ونقص التمويل. رغم أن الفاف حاولت أن تظهر من خلال الحصيلة المالية والميزانية التقديرية المخصصة للعام 2018 التي أعدتها، بأنها قوية من الناحية المالية، إلا أن الأرقام التي يحتويها التقرير المالي الذي تملك "الشروق" نسخة منه، تؤكد بما لا يدع أي مجال للشك أن المكتب الحالي ليس لديه الحق في التباهي بهذه الحصيلة لكونه لم يسهم ولم يكن لديه أي تأثير في إنعاش الخزينة بما أنه لم يحصل على أي مورد مالي جديد، وإنما الأموال المتوفرة حاليا تعود إلى عهد سلفه محمد روراوة. ويظهر التقرير المالي للفاف الخاص بالفترة (1 جانفي إلى 31 ديسمبر 2017) أن الاتحادية صرفت 121 مليار سنتيم خلال السنة الماضية، رغم الفشل المسجل في التأهل لمونديال روسيا وكأس أمم إفريقيا للاعبين المحليين، فضلا عن غياب الاستحقاقات المهمة والالتزامات الدولية، وهو نفس المبلغ الذي كانت تصرفه الفاف في عهد المكتب السابق. وذكر التقرير أن الفاف انتعشت ماليا بالاستفادة من مبلغ 335 مليار سنتيم تضاف إلى 720 مليار سنتيم التي تركها المكتب السابق، وبعد خصم 121 مليار التي صرفت العام الماضي، يصل المبلغ الموجود في الخزينة إلى نحو 930 مليار سنتيم، لكن الحقيقة أن مكتب زطشي لم يسهم في جلب أي سنتيم للاتحادية، لكون الممول الرئيس لها أسهم بمبلغ 220 مليار سنتيم، إضافة إلى 14 مليار سنتيم كفوائد من البنك، وكذا حقوق البث التلفزيوني، فضلا عن مستحقات مالية سابقة. الفيفا غرّمت الفاف بمبلغ 25 ألف دولار! ومن أهم الأمور التي تثير الدهشة، أن التقرير المالي أشار إلى أن الحساب البنكي ل"اليورو" لا يحتوي إلا على 12.97 يورو فقط، بينما يشير الحساب البنكي للدولار إلى أنه يضم مبلغ 589 ألف دينار فقط (نحو 5 آلاف دولار)، رغم أن العديد من الأخبار تحدثت عند تسليم المهام بين روراوة وخليفته زطشي في مارس من العام الماضي، عن وجود مليون دولار ومثلها من اليورو في حسابات العملة الصعبة!! كما شمل التقرير المالي تخصيص مبلغ 267 مليون سنتيم (نحو 25 ألف دولار) كغرامة مالية مدفوعة للفيفا، بينما لم يذكر هذا الأمر ولا أسباب دفع مثل هذه الغرامة خلال التقرير الأدبي الذي أعدته الفاف، على الأقل على سبيل الذكر والإعلام. وشمل التقرير المالي تخصيص مبلغ 7 ملايير و900 مليون سنتيم كأجور للمدربين في عام 2017، في إشارة إلى رواتب 6 أشهر للمدرب الإسباني السابق للمنتخب الوطني لوكاس ألكاراز ومساعديه ومدرب حراس المرمى عزيز بوراس، حيث كان الرباعي يتقاضى إجمالا نحو 75 ألف يورو (من أفريل إلى أكتوبر)، يضاف إليها رواتب المدرب رابح ماجر ومساعديه مزيان إيغيل وجمال مناد ومدرب الحراس محمد حنيشاد (من أكتوبر إلى ديسمبر). والمثير في الأمر، أن الفاف لم تذكر راتب كل مدرب في التقرير الماضي، حيث تنص القوانين على وجوب ذكر أكبر 5 أجور في التقرير المالي للاتحادية، لكن الفاف تفادت ذلك وصنفت مستحقات المدربين ضمن خانة التعويضات وليست الأجور، رغم أنها تصب شهريا في حسابات المدربين. واكتفت الفاف بذكر أجر الأمين العام والمدير العام للإدارة اللذين يتقاضيان 145 ألف دينار. "احتياطات" الفاف لدفع تعويضات ألكاراز ومساعديه! خصصت الفاف ضمن الميزانية التقديرية للعام 2018 مبلغ 56 مليار سنتيم ككتلة أجور، ما يؤشر على ارتفاع جنوني لهذه الكتلة التي تضاعفت 3 مرات، مقارنة بالفترة السابقة التي كانت لا تتعدى فيها العشرين مليارا، ويدل هذا الارتفاع على قيام زطشي برفع أجور عمال الفاف وكل الهيئات التابعة إليها بعد أن كان أغلبهم يتقاضى أجورا زهيدة في عهد الرئيس السابق محمد روراوة حيث تتراوح أجور العمال اليوم ما بين 7 ملايين و20 مليون سنتيم، كما يشير ذلك إلى احتمال قيام المكتب الحالي بأخذ احتياطاته إزاء الشكوى التي رفعها المدرب الوطني السابق لوكاس ألكاراز ومساعداه أمام الفيفا، حيث قد يقوم بتخصيص جزء كبير من الميزانية المخصصة لكتلة الأجور لدفع تعويضات المدرب والطاقم الإسباني (قرابة 25 مليار سنتيم) في حال فوزه بالقضية، وبالتالي، فإن الأمر سيمر مرور الكرام خلال الجمعية العامة العادية التالية في عام 2019، إذا ما تمت المصادقة على الميزانية التقديرية الخاصة بالعام الحالي. 370 مليار ميزانية تقديرية وأعباء جديدة على الاتحادية وقفزت الميزانية التقديرية للفاف في العام 2018 إلى ثلاثة أضعاف مقارنة بما كانت عليه الحال سابقا، حيث خصص المكتب الحالي مبلغ 370 مليار سنتيم للعام الحالي، بينما كانت تبلغ 130 مليار سنتيم كحد أقصى في الفترة السابقة. وتتوزع الميزانية التقديرية التي تعادل "ميزانية بعض الدول الإفريقية الفقيرة"، التي ستعرضها الفاف في الجمعية العامة العادية ما بين 56 مليار ككتلة أجور، 90 مليار سنتيم لبناء 4 مراكز تكوين بواقع 22.5 مليارا لكل مركز، تضاف إليها ميزانية مقدرة بنحو 6 ملايير سنتيم سنويا لتسيير كل مركز، إضافة إلى 13 مليار سنتيم لتسيير مركز سيدي موسى، ما يرفع المبلغ إلى 203 مليار يضاف إليها مبلغ 40 مليار سنتيم تذاكر سفر للمنتخبات الوطنية والوفود، فضلا عن غلاف مالي لتسيير الهيئات المنضوية تحت لواء الفاف والمنتخبات الوطنية، وهي ميزانية مبالغ فيها كثيرا، تعطي الانطباع بأن الفاف ستواجه خطرا حقيقيا يهدد توازنها المالي في ظل تزايد الأعباء والمصاريف من جهة وغياب الموارد المالية وعقود التمويل في ظل إحجام الممولين عن التعاقد مع الاتحادية، على خلفية التراجع الرهيب للمنتخب الوطني بشكل خاص وغيابه عن المواعيد المهمة، حيث كان المنتخب الأول بمثابة القاطرة الأمامية أو الواجهة التي كانت تدر المال على الاتحادية وتسيل لعاب الممولين، قبل أن يفسخوا عقودهم الواحد تلو الآخر، بينما لم تتمكن الفاف إلى حد الآن من توقيع عقود جديدة، ولم تستلم الإعانة السنوية لوزارة الشباب والرياضة المقدرة ب35 مليار سنتيم مثلما ذكره التقرير المالي، فضلا عن كون عقد الممول الرئيسي للفاف سينتهي في عام 2019، وفي حال استمرار الوضع على حاله فإن الاتحادية ستعود إلى نقطة الصفر من الناحية المالية.