قدم أعضاء الجمعية العامة للاتحاد الجزائري لكرة القدم "الفاف" صورة قاتمة السواد عن الواقع الذي تعيشه المنظومة الكروية الجزائرية، بعد أن كرّسوا صفة "بني وي وي" التي ظلت لصيقة بهم لسنوات طويلة، ووقع أعضاء الجمعية العامة بذلك شهادة وفاة الكرة الجزائرية، بعد أن تنازلوا عن مبادئهم وتخلوا عن واجبهم الأخلاقي في الدفاع عنها وإبداء آرائهم وتوجيه ملاحظاتهم واقتراحاتهم لأجل إيجاد مخرج للأزمة التي تعيشها الرياضة الأكثر شعبية، وبالتزامن انكشفت خيوط "المسرحية" التي نسجها كل من الرئيس الحالي للفاف خير الدين زطشي وسلفه محمد روراوة، حيث اتضح جليا عقدهما صفقة تحفظ مصالحهما. ليست هي المرة الأولى التي تشهد فيها الجمعية العامة العادية للفاف مثل السيناريو الذي عرفته، الإثنين، بالمصادقة بالأغلبية الساحقة على الحصيلتين المالية والأدبية للمكتب الفدرالي، بل وكانت تجري في العشريتين الأخيرتين في ظروف هادئة، وكانت المصادقة على الحصيلة تتم برفع الأيدي وحتى ب"التصفيق" خاصة في عهد المكتب السابق الذي كان يقوده محمد روراوة، ويعود ذلك وقتها إلى استحواذ الأخير على كل سلطات القرار، مستغلا ضعف تركيبة الجمعية العامة وانتهاجها لغة "الولاء والطاعة ودعم الأقوى". ولم تعرف المرحلة السابقة أيضا، الكم الهائل من تسريبات وثائق هامة للاتحادية، وتسريب أخبار وفضائح وتجاوزات وأخطاء وهفوات الإدارة والأمانة العامة، ولا حتى التقارير المالية والأدبية التي كانت ترسل إلى أعضاء الجمعية العامة الذين يتجاوز عددهم المائة، كما أن تلك الفترة تعتبر إحدى المراحل الزاهية التي عاشتها الكرة الجزائرية بفضل "البحبوحة" المالية التي كانت تنعم بها الاتحادية، والتفاعل الجماهيري مع نتائج المنتخب الوطني الأول الذي بلغ كأس العالم مرتين متتاليتين، وكان بمثابة "الواجهة" أو الشجرة التي تغطي الغابة التي "تعرّت" بمجرد سقوط هذه الواجهة وبروز الوجه القبيح لواقع الكرة الجزائرية، الذي جسدته آفات العنف وشغب الملاعب، الحديث المستمر عن الفساد والرشوة وترتيب نتائج المباريات والظلم التحكيمي وظواهر سلبية أخرى على غرار تصفية الحسابات ونسج المؤامرات ونشر الفتنة والنعرات الجهوية. الجمعية العامة تفرغ من محتواها و"تغلّط" زطشي ومكتبه رغم الإجماع حول "سلبية" حصيلة المكتب الفدرالي الحالي خاصة في ما يخص التقرير الأدبي، الذي شابته الكثير من المغالطات والتناقضات، وإغفال جوانب مهمة وأحداث وقعت وقرارات خاطئة اتخذت في السنة الماضية، فضلا عن التجاوزات القانونية التي ميزت طريقة الإعداد واستدعاء الجمعية العامة، لم يتجرأ أي عضو من الأخيرة، على تحمل مسؤولياته "الأخلاقية" للتدخل وتصحيح الأوضاع، ليس لمهاجمة أو انتقاد أو حتى سحب البساط من تحت أقدام المكتب الحالي، وإنما على الأقل للفت نظره وطلب استفسارات عن الحصيلة الأدبية "الخاوية"، بل ونكاد نجزم بأنه لا أحد من الأعضاء اطلع على مضمون الحصيلة، والأدهى والأمر أن أعضاء الجمعية عامة تقمصوا دور "المتواطئ" مع ما يحصل من مشاكل في الكرة الجزائرية، وبتهربهم من مسؤولياتهم في مسائلة المكتب الفدرالي وتحليل الواقع الذي تعيشه المنظومة الكروية، فقد أسهموا في تغليطه وتضليل رئيسه خير الدين زطشي، الذي بدا وقد كسب "المعركة" وحصل على المصداقية والشرعية اللتين كان يفتقدهما منذ انتخابه على رأس الفاف بالطريقة والظروف التي يعرفها العام والخاص. والأسوأ في كل ذلك، أن الجمعية العامة لم تخرج بأي توصية ولا بيان ختامي يتعلق على الأقل بمشاكل نظام الاحتراف التي تتخبط فيها الأندية، ولا توصيات تتعلق بملتقى تجديد الكرة الجزائرية الذي نظمته الفاف في شهر ديسمبر الماضي، ولا حلول أو مقترحات تفيد القطاع، ولا حتى ما يتعلق بالتكوين والاستراتيجية التي تنتهجها المديرية الفنية الوطنية، وكأن أعضاء الجمعية العامة "السيدة" غير معنيين تماما بما يحدث في المنظومة الكروية ولا يهتمون بمشاكلها وإيجاد حلول لها، ليكتفوا فقط ب"التخلص" من "كابوس" الحصيلة ونهاية أشغال الجمعية في ظروف هادئة. وفي النهاية، كان خير الدين زطشي وسلفه محمد روراوة أكبر المستفيدين، حيث منح حضور الأخير أشغال الجمعية العامة، المصداقية ومزيدا من الشرعية والقوة لخليفته، خاصة أن تدخل روراوة خلال أشغال الجمعية العامة تمحور أساسا حول الأموال التي تركها عند رحيله ومشروع الفندق الذي ظل يدافع عن بنائه، وأثار إهمال روراوة للتطرق إلى القضايا الهامة وكذا الأخطاء والتناقضات التي شابت الحصيلة الأدبية وكذا التجاوزات عند إعداد واستدعاء الجمعية العامة، صدمة خاصة لدى مؤيديه الذين تحالفوا لتكوين قطب معارض، قبل أن يصطدموا ب"انقلابه" عليهم وتركهم عرضة للحرج والإهانة، بينما استفاد هو من "تبييض" صورته، لكنه خسر بالمقابل التضامن والتعاطف الجماهيري الذي لقيه عقب رحيله عن الاتحادية في مارس من العام الماضي.