فاكية الصباحي هي شاعرة، قاصة، روائية وفنانة تشكيلية من مواليد مدينة الفهري عقبة بن نافع سيدي عقبة مدينة بسكرة، وعضو باتحاد الكتاب الجزائريين، لها عدة مخطوطات شعرية وقصصية، ومقاربات نقدية، استثناء روايتين، كما نُشر لها العديد من المقالات الفكرية والنقدية والاجتماعية بعدة جرائد عربية وعالمية منها: مجلة الرافد بالكويت، مجلة أنوثة، جريدة الموعد، جريدة صوت الأحرار، جريدة النصر، جلة المعلم، مجلة المطبوعات الجامعية بسكرة، ومجلة الأدب العربي الصادرة من أمريكا. تكلل اجتهادها وتميزها بعدّة جوائز وتكريمات داخل الوطن وخارجه. ولاتزال شاعرتنا تحمل القلم نبراسا ما انحنت هامته وهو يوقع للانتصارات والانكسارات، حيث نجدها ناشطة بعدة مواقع وصحف جزائرية وعربية. وشاركت في عدة ملتقيات وطنية ومحلية، ودولية و أقامت عدة معارض فنية عبر التراب الوطني. من أعمالها الصادرة: الجزء الأول من مجموعة قصصية متسلسلة بعنوان ( نوافذ موجعة) عن دار علي بن زيد للنشر، كما صدر لها ديوان شعر "نزيف على مقصلة الصمت" سنة 2016 عن دار ابن الشاطئ للنشر والتوزيع. في اتصالنا مع الشاعرة فتحت قلبها لنا وكشفت لنا الكثير عن شخصها، نشاطاتها، فلسفتها الحياتية، رؤاها للعديد من القضايا وتفاصيل أخرى في الحوار التالي: فاكية الإنسانة الشاعرة.. من هي؟ فاكية صباحي هي واحدة من بين المتيّمات بسحر الكلمة والإبحار في عوالمها الرحبة، قدري تفعيلةٌ وقافية كان يمكن أن تطوّحني أقدارً أبهى وأجمل لكن قدر الحرف كان أقوى من أي قدر قد يجتاحني في لحظاتي الهاربة من عتمة الأنا إلى رصيف القوافي لعلني أخلد لازدواجية جميلة بين وجع الذات وأوجاع الآخرين. النجاح هو التحدي تحدّ للنفس، تحدّ لأعداء النجاح، تحدّ للظروف من وماذا تحدّت فاكية صباحي لتتألق في سماء الشعر الجزائري العربي؟ نعم النجاح كما تفضلت هو قمة التحدّي ولكنني ما رأيتني يوما في ساحة وغى حتى أتحدّى هذا أو أباري ذاك.. فكل المسألة أنني أحاول أن أمدّ يدي بالبياض إلى اليوميات المبتذلة حتى أعيد تأثيثها.. وأترك العنان لقلمي حتى يطرق بعض الأبواب الموصدة محاولا فتحها من جديد بين حروف قصة أو قصيدة.. أو خاطرة لعلني أعيد جمع ما تناثر من أزهار الإنسانية الذاوية بين أزقة مجتمعاتنا.. فما أحوجنا للحظة إنسانية محضة نتفيأ ظلالها في هواجر هذه الأيام. من هو ملهمك من الشعراء؟ ملهمي هو النص الجيد بغض النظر عن اسم صاحبه.. فكثيرا ما نجد أسماء مرموقة تناضل من أجل الرداءة.. في حين هناك أسماء مغيبة لم تترك سوى الجمال الذي سوف يُذرى عنه الغبار ولو بعد حين. يقال أن النجاح الحقيقي هو التميز والتفرد ماذا يميز شعر فاكية صباحي عن شعر غيرها؟ ما يميز شعري هو القوة والعمق على حدّ قول بعض النقاد والمترجمين.. لكن ما أراه شخصيا هو الصدق.. فالنص الصادق لا يحتاج إلى دروب معبّدة ليصل المتلقي حتى وإن تنكّب بعض ملامح القوة.. وهذا ما وطّد العلاقة بيني وبين قرائي.. فكثيرا ما كانت مواجعهم دواةً لحروفي لأن النصوص التي يتطرق إليها الكاتب لا يمكن أن تتحدث عنه بالضرورة.. فالجراح التي تتفتق في صدر الآخرين قد تنزف في صدر الشاعر أو القاص ليخلدها بذات الوجع والحمد لله فنصوصي الشعرية والقصصية لقيت إقبالا كبيرا لدى القراء العرب الذين تناولوها بالنقد والتمحيص.. وهي تأتي في الصدارة بعد دخولها العالمية عن طريق الترجمة ..وهذا فضل ومنّة من الله تعالى، وكل ذلك مرجعه للصدق في توظيف الحرف الذي أراه دائما الحد الفاصل بين كاتب وآخر.. فقد نقرأ لشاعر كبير ولا تصلنا صوره مهما تجملت.. وتأنقت.. وقد نقرأ لشاعر مبتدئ.. ونشعر أنه يكملنا أو يتحدث عن جرح تغلغل بأعماقنا ولم نستطع الوصول له لنبوح به.. فمن السهل جدا أن نكتب شعرا.. أو نثرا.. لكنه من الصعب أن نبث الحياة زاهية بين جوانب ذلك الشعر، فوحده الصدق من يبعثر الحرف ناطقا.. ويوقع الكلمة نديةً لتسكن قلب المتلقي وكأنه كان يبحث عنها لتُنفث آهة صامتة بصدره كم ضل الطريق إليها.. ولا يفوتني أن أشكر كل النقاد العرب الذين تركوا أثرا طيبا بين نصوصي بقراءاتهم الراقية. هل تنتسب فاكية إلى إحدى المدارس الشعرية؟ لم أكن يوما ممن يتنكرون لقضايا مجتمعهم أو يصنعون لهم عوالم وهمية لا يريدون الصحو منها.. لذلك أراني أنتسب إلى مدرسة الواقع لأن الأديب هو مرآة عصره، وهو شاهد على ما يحدث حوله، وشمعة تنير دروب الآخرين بأفكاره ورؤاه.. لذلك أراني قلّما أجنح إلى الخيال إذا ما أردت اقتناص مادتي ..وما أكثر ما تخبئه صفحات الواقع التي علينا أن نتأملها جيدا قبل أن نُعرض عنها، ونستبدلها بما لا يمكن أن يتقبله المتلقي الذي دائما تسعده يد الآخر وهي تفتح معه عوالمه الخاصة. وممّ تستوحين مضامين نصوصك؟ مضامين قصائدي أو قصصي كانت دائما عبارة عن صرخات صامتة انفلتتْ منها بعض البدائل بطريقة ضمنية.. وكنت كثيرا ما أترك بعض القضايا مغلقة الأبواب بين نصوصي بعدما أعرضها بين يدي القارئ حتى يشركني في رحلة البحث المضنية عن حلول شافية.. غير أن هذا برأيي لا يكفي لخلق منظومة إنسانية متكاملة.. لأن المشكل قد عُرض على المتلقي باتساعه.. ومهما تقلصت هوته يستحيل أن أتمكن من القضاء عليه بمفردي. حدثينا عن مشاركاتك في التظاهرات والمحافل الأدبية داخل وخارج الوطن، وكيف وجدت تفاعل الجماهير الجزائرية والعربية مع قصائدك؟ نعم كانت لدي مشاركات محلية ووطنية ودولية… وقد اعتذرت عن بعض الملتقيات الرائدة مثل ملتقى بلغراد الدولي لظروف طارئة… والحمد لله كثيرا ما كانت نصوصي تترك الأثر الطيب لشموليتها وعمقها وبعدها الإنساني.. ويسعدني أن أشكر كل الأدباء الرواد الذين جمعني بهم الملتقى الدولي في طبعته الثانية بالمملكة المغربية بمدينة طنجة على هامش حصولي على الجائزة الثالثة للقصة.. حيث كان للحرف الجزائري بصمته الخاصة. ما تقييمك للساحة الشعرية المعاصرة في بلادنا؟ الحمد لله لدينا أقلام رائدة لا تزال تحمل لواء الحرف عاليا لتترك أثرها وضّاءً على جبين التاريخ. في حين لدينا أقلام أتعبها الجري وراء الأضواء لتبقى تراوح في مكانها، وهي تجتر حروفا جوفاء تجمعها من هنا وهناك لتشكل بها قلادة وهمية تظل تصفع بها كل من قدم لها نقدا بنّاء، أو نصيحة أخوية صادقة. برأيك هل حملت بعض الأقلام خاصة المواهب الشعرية الشابة ملامح التجديد في أعمالها؟ نعم هناك أقلام شابة حملت ملامح التجديد في أعمالها.. وأعادت الحياة زاخرة إلى الساحة الأدبية ولكن تجربة هذا الجيل يكتنفها الكثير من التسرع.. وعدم إعطاء الموهبة حقها من النضج.. وهذا ما جعل بعض التجارب الرائدة تخرج إلى العالم شوهاء، ولو تريث أصحابها قليلا لنالت الحظوة وتفردت شكلا ومضمونا.. زد على ذلك عدم التزود بتجارب الآخرين التي من شأنها أن تضيف الكثير للكاتب الذي نجده اليوم كثير العزوف عن القراءة فالأديب الذي لا يقرأ.. كيف له أن يضيف إلى الساحة الأدبية نتاجا يرقى إلى ذائقة المتلقي النهم؟ فاكية لا تغريها الأضواء، ولا تبحث عن الشهرة.. فعمّ تبحث وما رسالتها بين ثنايا القصيد؟ كنت وما زلت أكتب للتاريخ عزيزتي، والتاريخ وحده من سينصف ما أكتب أما الأضواء فهي فقاع لحظي ما يلبث أن يطفو على السطح.. لذا لم يغرني الفقاع يوما مما جعلني أجنح بعيدا بحثا عن القيم المثلى التي لها قصب السبق في بناء شخصية الإنسان.. تلك القيم التي سوف أبقى أزرعها وردة ندية بين كل حرف.. وحرف وأنا أطارد قوافل الإنسانية التي أتمثّلها نورا لو انبثق يوما من دواخلنا سوف يجرف جبال العتمة، التي ظلت جاثمة على صدورنا، فالحياة دربها طويل، ومذاقها مرير، ولا يجعل مرها حلوا سوى بسمةٍ صادقة، تستقيم بين وجهين أشرقا معا في لحظة إنسانية محضة. حدّثينا عن آخر أعمالك؟ لدي الكثير من الأعمال التي لا أستطيع أن أختصرها في هذه العجالة باستثناء ديواني الأخير الصادر عن دار ابن الشاطئ للنشر والتوزيع والموسوم ب " نزيف على مقصلة الصمت"، والجزء الأول من مجموعتي القصصية "نوافذ موجعة" الصادرة عن دار علي بن زيد للطبع.. وأسأله تعالى أن يوفقني حتى أخرج ما طوته أدراجي للقارئ الشغوف الذي ظل يتتبع مسيرتي الأدبية أنّى مضيت بشجاعة البديهة والارتجال ماذا تقولين في: الحياة، الوطن، الحب، المستقبل؟ الحياة..جسرُ إلى ما هو أبقى وأنقى…واللبيب اللبيب من ترك وراءه عمارا.. لا دمارا. الوطن.. قطعة من الروح وترنيمة حبلى بالأمنيات تلك التي سنظل نعزف أنغامها بنبضات القلوب الحب..قبسٌ من نور يستعلي على أيدي العابثين الذين يتخذونه مطية لأشياء سيبقى منها برَاء المستقبل..في يده سبحانه وتعالى. فاكية تشرفنا وسررنا بتواصلنا معك.. ويسّرنا أكثر لو يكون مسك الختام بكلمة توجهينها لقرّاء هذا الحوار؟ تحية تقدير وإجلال لكل قرائي الأعزاء راجية من المولى أن يجمعني بهم دائما على سمو حروف ما انبثقت من نبضات قلبي إلا لتستقر بين قلوبهم حبا وإخاء، مع جزيل الشكر والامتنان لك أختي الكريمة ولما تتميز به جريدتكم الغراّء.