أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الثلاثاء، في كلمة له رسميا الإنسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في قرار يرجّح أن تكون تداعياته بالغة الخطورة. وقال ترامب إن الولاياتالمتحدة ستنسحب من الاتفاق النووي المبرم مع إيران عام 2015 بهدف حرمانها من امتلاك أسلحة نووية. وأكد أنه سيوقع مذكرة جديدة حول إعادة فرض العقوبات على إيران وكذا الدول التي تساعد طهران. وقال ترامب إن النظام الإيراني مول "منظومة إرهاب أهدر فيها ثروات شعبه"، مشيرا إلى أن الاتفاق النووي سمح لطهران بالاستمرار في تخصيب اليورانيوم، وبالوصول لحافة امتلاك سلاح نووي. وأضاف أن "هذا الاتفاق الكارثي أعطى النظام الإيراني الإرهابي ملايين الدولارات"، مضيفا "لو سمحت لهذا الاتفاق أن يستمر فسيصبح هناك سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط". وتابع أن إسرائيل نشرت أدلة قاطعة تثبت أن النظام الإيراني سعى لامتلاك سلاح نووي، "واليوم لدينا الدليل القاطع أن وعود طهران بإيقاف تخصيب اليورانيوم كانت كاذبة". وأضاف أنه بعد المشاورات الأخيرة مع حلفاء أميركا "تبين لنا أننا لن نتمكن من منع إيران من الحصول على أسلحة نووية". وقال مساعدون بالكونغرس الأمريكي سابقا لرويترز، إن مسؤولين بإدارة الرئيس دونالد ترامب اتصلوا بأعضاء كبار في الكونجرس الثلاثاء وأبلغوهم أن ترامب قرر الانسحاب من اتفاق إيران النووي ولكنه لن يعيد فرض العقوبات لفترة تصل إلى ستة أشهر. وأوضح أحد المساعدين أن ترامب سيُبقى على تخفيف العقوبات لمدة 90 يوما قابلة للتجديد 90 يوما أخرى في الوقت الذي اتصل فيه مسؤولون كبار في الإدارة بأعضاء بالكونجرس كي يحيطوهم علما بقرار الرئيس قبيل إعلانه المتوقع. والاثنين، كتب ترامب في تغريدة على موقع تويتر: "سأعلن قراري بشأن الاتفاق الإيراني غداً من البيت الأبيض في الساعة 14:00 (18:00 ت.غ)". I will be announcing my decision on the Iran Deal tomorrow from the White House at 2:00pm. — Donald J. Trump (@realDonaldTrump) May 7, 2018 وما أن نشر الرئيس الأمريكي تغريدته حتى بدا واضحاً في أعين المحللين والدبلوماسيين في واشنطن والعواصم الغربية، أن القرار، سيكون الانسحاب من الاتفاق التاريخي المبرم في 2015 بين إيران والدول الكبرى (الولاياتالمتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا) حول البرنامج النووي لطهران. وسبق أن ندد ترامب مراراً وبشدة بهذا الاتفاق "السيئ" متوعداً ب"تمزيقه"، لكن الدول الغربية الحليفة لواشنطن حاولت خلال الأسابيع الماضية ثنيه عن الانسحاب منه، وما إعلان وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون خلال زيارة إلى واشنطن، الاثنين، بأن مطالب الرئيس الأمريكي في ما يتصل بالاتفاق النووي الإيراني "مشروعة"، إلا محاولة أوروبية أخيرة لإقناعه بعدم إطلاق رصاصة الرحمة على الاتفاق الذي رُفع بموجبه عن طهران القسم الأكبر من العقوبات الغربية والدولية التي فرضت عليها بسبب برنامجها النووي. ولكن الرئيس الأمريكي اعتبر أن الحلول التي تم التفاوض في شأنها مع الأوروبيين غير كافية ل"تشديد" مضمون الاتفاق الذي أبرم في عهد سلفه باراك أوباما وكرسته الأممالمتحدة بقرار أصدره مجلس الأمن الدولي. وكان ترامب أمهل الأوروبيين حتى 12 ماي للتوصل إلى نص جديد يصحح "الثغرات الرهيبة" الواردة في الاتفاق مع طهران تحت طائلة انسحاب بلاده منه. Donald Trump has a range of options at his disposal as he makes his decision this week on whether to scrap the 2015 accord https://t.co/SWIdpZxUgG — AFP news agency (@AFP) May 7, 2018 "قرار سلبي" وقال مصدر دبلوماسي فرنسي لوكالة فرانس برس، إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "مقتنع بأننا نتجه نحو قرار سلبي"، مشيراً إلى أن باريس تستعد الآن "لخروج جزئي أو كامل". وكان الرئيس الفرنسي زار واشنطن قبل أسبوعين في محاولة لإقناع نظيره الأمريكي بعدم التخلي عن الاتفاق مقترحاً في الوقت نفسه التفاوض مع إيران حول "اتفاق جديد" يأخذ القلق الأمريكي في الاعتبار. وأيدت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل هذا الموقف بعدها بأيام. وحسب روبرت اينهورن الخبير في معهد بروكنغز للأبحاث، فإن الأوروبيين يتوقعون انسحاب الولاياتالمتحدة من الاتفاق على الرغم من أنهم "أحرزوا تقدماً كبيراً في التفاوض على اتفاق" مع الولاياتالمتحدة يلبي مطالب رئيسها. بدوره، أشار روبرت مالي الذي كان أحد المفاوضين مع إيران في عهد أوباما إلى أنه يتوقع أن يكون قرار ترامب "قتل" الاتفاق. وقال لفرانس برس: "يتعيّن الآن على الأوروبيين أن يجدوا طريقة تبقى فيها إيران في الاتفاق" حتى وإن كان "هذا الأمر سيكون بالغ الصعوبة". وقد أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، إن الأوروبيين لن ينسحبوا من الاتفاق "أياً يكن القرار الأمريكي". وقال وزير الخارجية الفرنسي في أثناء لقائه نظيره الألماني: "نحن مصممون تماماً على إنقاذ هذا الاتفاق لأنه يقينا من الانتشار النووي ويشكل الوسيلة الجيدة لتفادي حصول إيران على السلاح النووي". وأكد الوزير الألماني، أن الاتفاق "يجعل العالم أكثر أماناً وبدونه سيكون أقل أماناً"، مضيفاً "نخشى أن يؤدي الفشل إلى تصعيد" في الشرق الأوسط. US President Trump appears poised to drive a stake through the heart of the Iran nuclear deal https://t.co/IgJLQ2AG0v AFP map and factfile on the 2015 Iran nuclear deal pic.twitter.com/h6qpgIOMy2 — AFP news agency (@AFP) May 8, 2018 ماذا ستفعل إيران؟ وتبقى معرفة ما ستفعله إيران في حال انسحاب واشنطن من الاتفاق. ويتبنى عتاة المحافظين في إيران موقفاً بالغ التشدد. وقال مستشار لمرشد الجمهورية آية الله علي خامنئي، الخميس، إن إيران ستنسحب من الاتفاق إذا نفذت واشنطن تهديدها. لكن الرئيس الإيراني حسن روحاني أكد، الاثنين، أن بلاده يمكن أن تبقى في الاتفاق النووي الإيراني حتى إذا قررت الولاياتالمتحدة الانسحاب منه شرط أن يضمن الأطراف الآخرون تحقيق أهداف طهران. وقال روحاني: "إما أن تتحقق أهدافنا من الاتفاق النووي بضمان من الأطراف غير الأمريكيين، وإما لا تكون الحال كذلك ونتابع طريقنا"، حسب ما أوردت الرئاسة الإيرانية على موقعها الإلكتروني. وكان روحاني أعلن، الأحد، أن واشنطن ستندم "ندماً تاريخياً" إذا انسحبت من الاتفاق كما يهدد ترامب منذ أشهر. ترامب يهاجم "دبلوماسي الظل" في وقت سابق الاثنين، هاجم ترامب وزير الخارجية السابق جون كيري، لاجتماعه مع وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف مؤخراً، قائلاً، إن "دبلوماسية الظل" تلك غير قانونية، وتقوض مساعيه التفاوضية بشأن اتفاق نووي جديد، حسب ما أورد موقع بوليتيكو. وقال ترامب في تغريدة: "الولاياتالمتحدة لا تحتاج إلى دبلوماسية الظل غير القانونية لجون كيري، في صفقة إيران التي تم التفاوض بشأنها بشكل سيئ"، مضيفاً: "هو من خلق هذه الفوضى". The United States does not need John Kerry's possibly illegal Shadow Diplomacy on the very badly negotiated Iran Deal. He was the one that created this MESS in the first place! — Donald J. Trump (@realDonaldTrump) May 7, 2018 ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة "بوسطن غلوب"، الجمعة، فقد اجتمع كيري مؤخراً بوزير الخارجية الإيراني ظريف في الأممالمتحدة "لمناقشة سبل الحفاظ على الاتفاقية التي تحد من برنامج الأسلحة النووية الإيراني". وجاء هذا الاجتماع، وفقاً للتقرير، كجزء من حملة قام بها وزير الخارجية السابق للحفاظ على الاتفاق، وهو إنجاز يتوج فترة ولايته في عهد أوباما، لكنه محط انتقادات واسعة. وأشار ظريف، في كلمه له، إلى مشاوراته مع كيري بشأن الاتفاق النووي، قائلاً: "أجريت خلال زيارتي إلى نيويورك مباحثات مع أشخاص مختلفين خارج الحكومة الأمريكية كانوا مشاركين في المفاوضات بين إيران ومجموعة 5+1 وهم من بين النخب السياسية وذلك لأنقل لهم الحقائق"، وفقاً لوكالة "تسنيم الإيرانية للأنباء". وقد أثارت تصرفات كيري انتقادات من بعض الشخصيات المحافظة، الذين شككوا فيما إذا كان المسؤول السابق في إدارة أوباما وعضو مجلس الشيوخ عن ولاية ماساتشوستس قد خرق القانون الفيدرالي من خلال الدخول في مناقشات غير مرخص بها مع مسؤولين أجانب. وخلال عطلة نهاية الأسبوع، قال عمدة مدينة نيويورك السابق رودي جولياني، وعضو جديد في فريق ترامب القانوني، لقناة "أيه بي سي نيوز"، إن جون كيري ينتهك الآن قانون لوغان ولا يبدو أن أحداً يهتم". وقال السيناتور ماركو روبيو، السبت، إن تقارير بشأن سعي كيري للعمل مع حكومات أجنبية من أجل إنقاذ الاتفاق النووي تثير أسئلة بشأن قانون لوغان. ويحظر قانون لوغان على المواطنين غير المخولين، بالتفاوض مع حكومات أجنبية على خلاف مع حكومة الولاياتالمتحدة. ويعود القانون إلى عهد الرئيس الثاني للولايات المتحدة جون أدامز، وقد سنه بعدما تواصل عضو مجلس الشيوخ جورج لوغان مع الحكومة الفرنسية عام 1798، بدون أي تخويل أو منصب رسمي يتيح له ذلك. John Kerry has turned to quiet advocacy to preserve one of his crowning achievements: the Iran nuclear deal. https://t.co/TBGIKTandl — The Boston Globe (@BostonGlobe) May 6, 2018