لا يزال مشكل تلوث مياه البحر يلغم مواسم الاصطياف ويرغم الجزائريين في السباحة في مياه "مسمومة" تحمل الراية الخضراء، في حين تتسبب مخلفات المصانع والأودية ومياه الصرف الصحي في الشواطئ الملوثة في حصد أرواح الكثيرين بسبب التسممات والأمراض التي باتت مصدر قلق لدى السلطات الوصية التي اكتفت باستقبال التقارير السوداء حول تلوث مياه البحر، ويبقى المواطن هو من يدفع ضريبة السباحة في مياه مليئة بالأمراض والمواد الكيميائية.. تقارير سوداء على مكتب زوخ والنواب يفجرون الفضيحة أغلب شواطئ العاصمة غير صالحة للسباحة بالرغم من الترتيبات الكبرى التي أطلقتها ولاية الجزائر بالتنسيق مع بلديات العاصمة ال57 وكذا مع العديد من المديريات على غرار النقل والسياحة ومؤسستي "أوبلا" وكذا "نات كوم" و"إكسترانات"، ماتزال الكثير من شواطئ عاصمة البلاد تغرق في النفايات والتلوث البيئي والمياه القذرة والمواد السامة والإهمال وكذا تأخر أشغال التهيئة، خاصة بالجهة الغربية، الأمر الذي جلعها ورشة مفتوحة ومستنقع للمواد السامة. وحسب تقرير وصل إلى مكتب والي العاصمة عبد القادر زوخ حول وضعية شواطئ العاصمة والتي يعول عليها المسؤولون كثيرا لجلب السياح واسترجاع الوجه الحقيقي للسياحة الجزائرية، كشف عن التأخر الواضح في تجهيز الشواطئ، والبعض الآخر يتبع فيه سياسة البريكولاج في تهيئتها خصوصا بعد فرش الحصى بدل الرمال على مستوى بعض الشواطئ على غرار الشاطئ الأزرق بسيدي فرج، حيث قامت المؤسسة المكلفة بفرش حصى خشن بالشاطئ لتعويض الرمال الذهبية التي كانت تميز الشواطئ سابقا خلال عملية التهيئة، الأمر الذي يعتبر خرقا للقوانين، ناهيكم عن صب المياه القذرة والمواد الكيميائية السامة في العديد من الشواطئ التي تستقبل المصطافين.. وحسب ما وقفت عليه "الشروق" في العديد من شواطئ العاصمة في الجهة الغربية على غرار شاطئ النخيل بسيدي فرج وعين البنيان والحمامات والرايس حميدو، لاحظنا العديد من السلبيات على غرار انتشار النفايات التي يتم رفعها من قبل عدد من أعوان النظافة التابعين لمؤسسة ديوان حظائر التسلية والرياضة لولاية الجزائر "أوبلا" بطرق بدائية. وبخصوص حظائر السيارات، فهي الأخرى تتخبط في العديد من المشاكل، حيث وصلت إلى درجة متقدمة من الاهتراء، حيث وإلى غاية الأسبوع الماضي هناك تأخر كبير في تهيئتها. وبالحديث عن التجهيزات، فكل الشواطئ ما تزال ورشات مفتوحة وتنعدم فيها التجهيزات، ناهيك عن دورات المياه والمرشات التي تتواجد في حالة متقدمة من الاهتراء بالإضافة إلى غلق البعض منها. شواطئ ملغمة بالمياه القذرة والبقع الحمراء ترعب المصطافين للوهلة الأولى بزيارتك لشاطئ البهجة أو شاطئ الصخرة بعين البنيان، تلاحظ تواجد مصبات للمياه القذرة تشق الشاطئ لتقذف المياه القذرة في عرض البحر، الأمر الذي ينبئ بكارثة إيكولوجية تهدد سلامة قاصدي هذين الشاطئين المعروفين بتوافد معتبر من قبل السياح من البلديات المجاورة، وحسب ما أكده بعض السكان أن وادى بني مسوس يصب مباشرة في شاطئ البهجة، وأن قنوات خاصة مربوطة مباشرة بمياه البحر، بالإضافة إلى انتشار رهيب للنفايات، حيث أكد محمد، وهو أحد السكان وكذا مرافقنا في الجولة أن سكان القصدير هم سبب مصدر هذه المياه القذرة والذين ربطوا قنوات الصرف الصحي بمنبع مياه عذبة كان يصب مباشرة في البحر. لجان النظافة تطالب بغلق الشواطئ الملوثة وفي سياق مواز، كانت لجنة السياحة بالمجلس الولائي قد طلبت من مديرية السياحة بالتدخل العاجل وغلق الشاطئ نهائيا وإجراء تحاليل لمياه الشاطئ ورفضوا أي قرار يسمح باستغلال هذا الشاطئ الذي بإمكانه أن يهدد صحة وسلامة المصطاف، نفس الوضع يعيشه شاطئ النخيل الذي تنبعث منه روائح كريهة، ناهيك عن تدفق مياه قذرة إلى الشاطئ مباشرة، وبخصوص شاطئ "سان كلو" بالحمامات، حيث ظهرت فيه بقع حمراء في رمضان وذلك فضلات سامة تابعة لمصنع صبغ الدهن وبكميات كبيرة بشاطئ "الصخرة الكبرى" بعين البنيان، ولغاية كتابة هذه الأسطر لم يعرف مصدره الحقيقي. عائلات تسبح وسط مخلفات المصانع وتقارير سوداء للنواب وفي سياق متصل وحسب التقرير الذي وصل والي العاصمة فإن العديد من الشواطئ تحولت إلى مكب للنفايات لتجار الخشب والنحاس ومصانع الإسمنت، حيث وبشاطئ "سبور نوتيك" بالرايس حميدو بالعاصمة الذي يتميز بتواجد كثيف لمخلفات الإسمنت، ناهيك عن انتشار رهيب للمنحرفين، حيث هجر المصطافون هذا الشاطئ بسبب سيرته السيئة وكذا انعدام الأمن به، حيث حوله بعض المنحرفين إلى مكان لتعاطي المخدرات، الأمر الذي قد يشكل خطرا على المصطافين، خاصة وأنه متواجد داخل نسيج عمراني ولكن ذلك لم يشفع له، ناهيك عن تدفق المياه الملوثة والمنبعثة من حي قصديري قريب من هناك مباشرة في الشاطئ، الأمر الذي قد يشكل خطرا على الصحة العمومية، وما زاد الطين بلة في هذا الشاطئ هو فرش الحصى المتبقية من أشغال تهيئة الميناء الذي تم تجسيده بمحاذاة الشاطئ على الرمال لأسباب لم تعرف إلى غاية اليوم. وفي سياق متصل، أرسل نواب المجلس الشعبي الولائي تقريرا أسود إلى والي العاصمة عبد القادر زوخ، وكذا إلي وزيرة البيئة والطاقات المتجددة فاطمة الزهراء زرواطي بعد الخرجة التي قادتهم إلى بعض الشواطئ من أجل اتخاذ كافة الإجراءات وكذا اتخاذ التدابير الكافية لتجنب حصول أية كارثة. قال إن الجزائريين لا يملكون ثقافة السباحة.. رئيس جمعية الأمان: مطلوب تحاليل شهرية لمياه الشواطئ بإشراف الأميار قال رئيس جمعية الأمان لحماية المستهلك الجزائري حسان منوار، إن غالبية المصطافين لا يملكون ثقافة السباحة، وليس لديهم وعي حول خطورة تلوث الشواطئ، كما لا يمكنه أن ينزل إلى البحر وهو حامل حقيبة من أجهزة تحليل مياه الشواطئ ومعرفة ما إذا كانت ملوثة أم لا، الأمر الذي يستدعي حسبه، اتخاذ رؤساء البلديات في المدن الساحلية، إبرام عقود مع مخابر للقيام بعمليات تحليل مياه الشواطئ الخاصة بالسباحة، على أن يكون عمل المخبر كل شهرين طيلة السنة. وتأسف لعدم وجود شكاوى من طرف المصطافين الذين يقبلون على شواطئ ملوثة، وهذا يعكس عدم وجود وعي، حيث قال إن جمعيته ستقوم بعمل تحسيسي في بعض الفضاءات السياحية والشواطئ، للتحذير من خطر التلوث وخطر السباحة في الأماكن غير المسموحة لذلك، حيث لا تبالي العائلات بلوائح تمنع السباحة، وتعرض حتى أبناءها للغرق. ودعا حسان منوار إلى تحرك المختصين في علم الاجتماع وعلم النفس، لوضع خارطة طريق توجه سلوكات المجتمع الجزائري حيث علق قائلا: "إذا وصل الأمر بالجزائري ألا يتوقف عند الضوء الأحمر فمعناه أننا في خطر!". ويرى أن وجود دراسات اجتماعية ونفسية هو إرشاد لعمل الجمعيات، للقيام بعملها في وقت أصبح الجزائريون يضربون عرض الحائط كل الالتزامات الأخلاقية والقانونية التي من شأنها حمايته من الخطر. بسبب تأخر تسليم مشروع التصفية مسلسل تدفق المياه القذرة في شواطئ الباهية متواصل كارثة بيئية خطيرة استقبلت بها شواطئ الباهية وهران زوارها هذا الموسم، لاسيما على مستوى شاطئ بوسفر، والسبب راجع إلى تواصل صب المياه القدرة نحو الشاطئ مباشرة القادمة من السكنات القريبة من الشاطئ، خاصة إذا علمنا أن جل تلك السكنات لا تحتوي على قنوات صرف صحي، وهو ما يدفع بالسكان إلى اللجوء للمطامير، التي سرعان ما تفيض ليكون طريق المياه القذرة مباشرة نحو الشاطئ وهو ما بات ينذر بانفجار الأوضاع، خاصة أننا على بعد أسابيع عن حلول موسم الاصطياف، وتوافد المصطافين من كل حدب وصوب للاستجمام، غير أنهم سيصطدمون بمشاهد أودية وجداول من المياه القذرة متجهة نحو الشاطئ الذي بدأ يقصده العشرات من المواطنين والعائلات مع ثاني أيام العيد، غير أنهم اندهشوا من تردي الأوضاع البيئية، مطالبين من الجهات المسؤولة التدخل العاجل لتخليص الشاطئ الجميل من تلك المظاهر المشينة. من جهة أخرى، أكد ممثل عن سكان القرية أنهم راسلوا الجهات المسؤولة على رأسها بلدية بوسفر والدائرة لإعلامهم بالوضع، غير أن الأمور ما زالت تراوح مكانها، في غياب شبكة صرف صحي تدفع السكان إلى مواصلة تنفيد مخطط الإنقاذ والاعتماد على المطمورات للتخلص من النفايات المنزلية وهو المشكل الأكبر، كما يبقى استكمال شبكة الصرف الصحي التي ماتزال محل إنجاز مرتبط أساسا بإنجاز محطة التصفية وهو المشروع الذي كان مقررا إنجازه بالبلدية، وحسب آخر الأصداء فإن المشروع يعرف الرتوشات الأخيرة، لكن الأكيد أنه لن يسلم هذا الموسم، مما يعني أنه سيتواصل مسلسل تدفق المياه القذرة لسنة أخرى وهي معطيات ستجعل الباهية وهران، تخسر نقاطا إضافية في مجال اختيار أحسن شواطئ جزائرية، مادام مشكل النفايات لم يسو بعد رغم مرور سنوات طويلة على بروز الظاهرة المشينة. فيما رصد 250 مليارا لتطهير أطول شاطئ في الولاية "جان دارك".. وديان من مياه الصّرف الصحّي تلوّث أجمل شواطئ سكيكدة أسندت مصالح مديرية الموارد المائية لولاية سكيكدة، مؤخرا، صفقة إنجاز محطّة كبيرة لتصفية وجرّ المياه القذرة، لمدينة فلفلة والتجمّع السكاني العربي بن مهيدي، والمدينة الجديدة بوالزعرورة، بعد أن رفعت السلطات العمومية التجميد عن هذه العملية الكبرى، التي كلّفت غلافا ماليا قدره 250 مليار سنتيم، من شأنها أن تضع حدّا لمخاطر التلوّث البيئي الكبير الذي كان يهدّد سلامة وأمن المصطافين عبر واحد من أطول شواطئ الولاية والبلاد، وهو شاطئ العربي بن مهيدي الذي يربط بلدية سكيكدة ببلدية فلفلة على مسافة تصل إلى 20 كيلومترا، ويستقطب نحو 3 ملايين مصطاف سنويا، ومن المزمع أن تنطلق الأشغال على مستوى هذه المحطة المهمة والضرورية في غضون الأسابيع القليلة المقبلة، ما من شأنه إنهاء التلوث الفظيع الذي يؤرّق المصطافين وزوار شاطئ العربي بن مهيدي سنويا. وحتّى إن نجحت السلطات في تسجيل هذه العملية الكبرى، رغبة في وضع حدّ للتلوث بشاطئ العربي بن مهيدي المعروف باسم جان دارك، غير أنّ مسلسل التلوث الفظيع الذي يصنع ديكورا بشعا ومقززا بمختلف شواطئ الولاية البالغ عددها 23 شاطئا مسموحا من أصل 58 شاطئا توفرها سواحل الولاية، لا يزال متواصلا، عبر عدد من الشواطئ الساحرة التي تلقى إقبالا كبيرا للمصطافين، ومن ذلك وديان مياه الصرف الصّحي التي تصبّ مباشرة في محيط شاطئ عين دولة، الواقع بكورنيش مدينة القل الساحرة، الذي يعتبر القلب النابض لموسم الاصطياف بمدينة القلّ، بحيث مازالت السّلطات تتخبّطّ ولم تجد حلاّ لهذه الوضعية المؤسفة، التي يشتكي منها كثيرا عشاّق المدينة، في وقت يحالون فيه الهروب أيضا من مصبّ المياه القذرة، الذي يلوّث أجزاء من خليج تلزة عبر نقاط عدّة، بحيث يصطدم الزائر شاطئ تلزة بوديان من الصرف الصحي تصبّ مباشرة في مياه هذه الشواطئ الجميلة، التي تعرف إقبالا كبيرا، لكونها شواطئ واسعة وتمتدّ إلى غاية خليج بن زويت، كما تعرف أجزاء من شواطئ منطقة سطورة بسكيكدة تلوثا فظيعا عجزت السلطات عن احتوائه على الرغم من الوعود الكثيرة والمتكررة. سرطان الجلد والالتهاب الكبدي يهددان المصطافين في الشواطئ القذرة أكدت الدكتورة ميمي بن تومي، صاحبة عيادة مختصة في علاج أمراض الجلد بباب الوادي بالعاصمة، أن السباحة في المياه الملوثة، تهدد بالتهابات جلدية خطيرة قد تؤدي إلى ىسرطان الجلد، حيث تسهم أشعة الشمس في تفاعل بكتيريات وفطريات على الجلد تصل إلى مرحلة التهابات حادة، وتؤثر مياه الشواطئ الملوثة بمواد كميائية جراء نفايات المصانع وكذا تعفن لفضلات تجرفها قنوات الصرف والأودية إلى الشاطئ، على العين والأذنين، وتخلف التهابا قد يتطور إلى داء جلدي مزمن "أورام ميلانينية مخفية". وقالت إن عيادتها تستقبل خلال الصيف، الكثير من حالات مصابة بأمراض جلدية سببتها مياه وأشعة الشمس على الشواطئ، حيث أوضحت أن تلوث مياه البحر لا تقتصر أضراره على الجلد فقط بل يتطور الخطر إلى إصابات داخلية تتعلق بحالات إسهال والتهاب في المعدة وحتى الالتهاب الكبدي. ونصحت المصطافين بشرب المياه وعدم البقاء تحت أشعة الشمس لفترة طويلة وعدم المشي حافيا، مع العناية بتجفيف القدمين لتفادي عدوى الفطريات.