شرع بنك الجزائر بداية هذا الشهر في تطبيق إجراءات جديدة، لضمان استقرار الأسعار والحيلولة دون ارتفاع نسبة التضخم، في ظل الفائض المستمر من السيولة الموجود في السوق المالية بسبب طبع الأوراق النقدية ضمن ما يطلق عليه بالتمويل غير التقليدي الذي اعتمدته الحكومة سبيلا لمواجهة الأزمة المالية بداية أكتوبر الماضي أين اضطرت الحكومة لضخ سيولة إضافية بحوالي 35 ألف مليار سنتيم. أبرق محافظ بنك الجزائر محمد لوكال، إلى البنوك والمؤسسات المالية في أعقاب الاجتماع الذي التقى خلاله بمسؤوليه الأسبوع الماضي، وعبر فيه عن قلقه من فائض السيولة الذي أفرزته عملية طبع النقود، إذ أمر لوكال مديري البنوك بتطبيق خطة "امتصاص الفائض" لمنع ارتفاع الأسعار والحفاظ على استقرارها ضمانا للتوازنات المالية لقيمة الدينار، مؤكدا أن هذا الهدف لن يتسنى سوى باعتماد الأدوات المناسبة لإدارة السيولة واستعادتها، في شكل ودائع لأجل 7 أيام، مع العلم أن المبالغ التي يتم استعادتها مقررة من قبل بنك الجزائر وتمنح من خلال مزادات بمعدل متغير، لكن مع حد أقصى قريب من سعر الفائدة. وأشار بنك الجزائر الى أنه كان قد شرع في جانفي الماضي في تكوين الاحتياطي الإجباري، من خلال زيادة معدل الاحتياطي من 4 إلى 8 بالمائة، مؤكدا على ضرورة الاستمرار في العملية مع السعي للاستخدام السليم لهذه الأدوات التي أكد على ضرورة أن "تعقم الفائض في السيولة الناجم عن برنامج التمويل النقدي". الإجراءات التي لجأ إليها بنك الجزائر تأتي بعد الإجراءات الوقائية التي اعتمدها شهر فيفري الماضي، والتي جعلت سعر الفائدة بين البنوك في سوق ما بين البنوك الذي كان يحوم حول 2.5 بالمائة أقل قليلا من سعر الفائدة التوجيهي الذي يفرضه محيط يتميز بسيولة هامة، والذي يبقيه البنك عند حدود ما يتماشى مع ما يعتبره الحفاظ على استقرار الأسعار. هذه هي خطة لوكال لتفادي الأسوأ إجراءات بنك الجزائر أرفقها المحافظ، محمد لوكال، بعرض كامل حول واقع السياسة النقدية في سياق إعادة تمويل النظام المصرفي والخزينة بواسطة بنك الجزائر، والذي تبين المؤشرات الأولية أن محافظ بنك الجزائر اعتمد أكبر قدر من الشفافية في تسيير ملف التمويل النقدي، وكأن الرجل يرفض تحمل تبعاته لوحده. ونقل مسئولون ببنك الجزائر أن لوكال ركز أيضا على الآلية الجديدة لتعزيز استقطاب العملات الأجنبية المدخرة عند الخواص، وقدم تحليلا استعرض من خلاله تغير وضعية فائض السيولة للنظام المصرفي الذي دام خمسة عشر عاما، قبل أن يصدر بنك الجزائر مجموعة من النصوص التنظيمية، للتعامل مع نقص السيولة المصرفية، في صيف 2016 حين علق بنك الجزائر، استجابة لانكماش السيولة البنكية، أداة امتصاص السيولة وألغى مكافآت تسهيل وضع الأموال. كما تم إعادة إطلاق شباك إعادة الخصم في بنك الجزائر في اوت 2016 وقد شهد زيادة معتبرة تدريجيا، حتى بلغ ذروة إعادة الخصم 590 مليار دينار في نهاية يناير 2017، موازاة مع ذلك وبعد ستة أشهر من تشغيل شباك إعادة الخصم، شهد القطاع المصرفي، ولأول مرة، إنشاء عمليات السوق المفتوحة التي تم تقديمها كبديل لعمليات إعادة الخصم. وحسب أرقام الحصيلة الرسمية لبنك الجزائر، فقد وضع هذا الأخير تدابير لانعكاس الوضع النقدي للبنوك وإنكماش السيولة في سوق المال، كما قررت لجنة عمليات السياسة النقدية التابعة لبنك الجزائر في أوت من العام الماضي تخفيض معدل الاحتياطي الإجباري من 8 بالمائة إلى 4 بالمائة بعد تخفيض كان قد تم في شهر ماي 2016، من 12 بالمائة إلى 8 بالمائة، وذلك من أجل ضخ سيولة إضافية في السوق والمقدرة ب350 مليار دينار أي 35 ألف مليار سنتيم. وحسب أرقام بنك الجزائر ففي نهاية أكتوبر 2017، بلغ إعادة تمويل البنوك، باستخدام السوق المفتوحة، حوالي 596 مليار دينار، وبلغت السيولة البنكية 482 مليار دينار، في حين أن حساب الخزينة لدى بنك الجزائر، كان يحوي 51 مليار دينار في أكتوبر 2017، تم تعديل قانون النقد والقرض، للسماح لبنك الجزائر بتمويل مباشر، خصوصا عجز الميزانية وإعادة تمويل الديون العمومية والصندوق الوطني للاستثمار. وكشفت حصيلة بنك الجزائر أن التمويل المالي تم من خلال إصدار الأوراق المالية الحكومية المكتتب بها من قبل بنك الجزائر، في هذا الصدد أوضح محافظ بنك الجزائر أن الشطر الأول صدر في نهاية أكتوبر أوائل نوفمبر 2017 بمبلغ 2.185 مليار دينار في حين تم وضع إصدار الشطر الثاني بمبلغ 1.400 مليار دينار في يناير 2018، اي بمبلغ إجمالي قدره 3.585 مليار دينار. واعترف لوكال لمديري البنوك والمؤسسات المالية "أن النظام المصرفي واجه نقصا في السيولة الذي استجاب له بنك الجزائر من خلال توفير السيولة عن طريق عمليات إعادة التمويل"، كما سمح إدخال الإطار الجديد لتنفيذ السياسة النقدية في مارس 2017 لبنك الجزائر بإرساء أسعار الفائدة في سوق ما بين البنوك على المدى القصير في حدود 3.5 بالمائة.