عاش الشارع الجزائري صدمة وهلعا يوم الخميس، بعد انتشار أخبار عن عودة مرض الكوليرا بمنطقة بوفاريك بالبليدة، وذلك إثر تسجيل قرابة 70 حالة ظهرت عليها أعراض الإسهال الشديد والغثيان، وقد أرسلت عينات من تحاليلهم نحو معهد باستور بالجزائر. ويدق مختصون في الصحة العمومية ناقوس الخطر، من ظاهرة انتشار مختلف التسممات مؤخرا، وهو ما يمهد لظهور أمراض منقرضة، كما يعد مؤشرا على غياب الرقابة الصحية القبْلية. دبّ الرعب في نفوس المواطنين، بعد عزل 65 مواطنا تعرضوا لتسمم مجهول بمنطقة بوفاريك بولاية البليدة، حيث رجح كثيرون أن يكون للأمر علاقة بداء الكوليرا، خاصة أنّ غالبية المتعرضين للتسمم يقطنون بحي قصديري، أين يتم توصيل شبكات المياه عشوائيا، وكما أن الأعراض المسجلة على المصابين من غثيان وإسهال شديد، هي نفس أعراض داء الكوليرا. وسبق لولاية البليدة وبالتحديد في بلدية حمام ملوان، تسجيل حالات تسمم بسبب تلوث مياه الشرب. وعقدت وزارة الصحة، الخميس، اجتماعا عاجلا للنظر في الموضوع، موازاة مع قيام معهد باستور بتحاليل العينات المرسلة إليه من مستشفى بوفاريك. وفي الموضوع، تأسف المختص في الصحة العمومية، فتحي بن اشنهو في اتصال مع "الشروق" الخميس، لتكرر ظهور حالات التسمم بسبب قلة أو انعدام النظافة ونحن في 2018، محملا المسؤولية في ذلك للمسؤولين عن الصحة العمومية. وحسب تعبيره "المكلفون بالسهر على الصحة العمومية للمواطن، يقومون بعملهم من خلف المكاتب، فتحولت مهمتهم لمهنة إدارية وليست ميدانية ". وبخصوص إشاعات ظهور الكوليرا، رد محدثنا بالقول "الكوليرا قضينا عليها منذ زمان، ولكن حتى وإن عادت فلا تخيف لأنها مرض بسيط، ولا يحتاج للتهويل"، ولكن على وزارة الصحة أن تتحرك " قبل وقوع الفأس في الرأس". واعتبر محدثنا، أن أهم إشكال يهدد الصحة العمومية في الجزائر، هو غياب النظافة والعشوائية في توصيل شبكات المياه بالنسبة للمساكن الفوضوية، أين تختلط مياه الصرف الصحي مع مياه الشرب، ما يسبب كوارث على الصحة. وتأسّف في الوقت نفسه، لعدم قيام المصالح المختصة بعملها على أكمل وجه، وحسبه "مصلحة الوقاية بوزارة الصحة موجودة منذ خمسين سنة وكانت رائدة في عملها، عكس السنوات الأخيرة، ومثلها مكاتب التطهير والنظافة التابعة للبلديات، والتي تحولت لمكاتب إدارية أكثر منها ميدانية ، وتتحرك دائما في الوقت بدل الضائع، وهو ما لاحظناه عند انتشار بعوضة النمر مثلا". وهو ما جعله يشبه الهياكل الصحية الموجودة ب"هياكل بلا روح، والتي تحتاج وبصورة استعجالية لنزول أصحابها إلى الميدان، وإجرائهم دراسات وتتبعهم الحالات، عن طريق تكوين فرق متنقلة ومخطط وقائي قبلي". وبخصوص ظاهرة التسمم بعد تناول مياه ملوثة، كان مدير مؤسسة الجزائرية للمياه صرح ل"الشروق" عشية العيد، أن المياه التي شرب منها سكان منطقة حمام ملوان "صالحة للشرب، ولم يسجل بها أي تلوث"، محملا المسؤولية لمياه الآبار التابعة للخواص، والتي يستنجد بها المواطنون عند انقطاع المياه. وهذه الآبار، حسبه لا يقوم أصحابها بتنظيفها وتهيئتها دوريا.