إذا كانت معالم التشكيلة الرئيسة التي سيحاول المدرب الجديد جمال بلماضي البدء بها قد ظهرت الكثير من تفاصيلها، خاصة في الدفاع والوسط، فإن السؤال الذي يطرح نفسه، هل ستكون دعوة بغداد بونجاح إلى المنتخب الوطني هذه المرة حاسمة بالاعتماد عليه كرأس حربة أول، وإرسال إسلام سليماني إلى مقاعد الاحتياط؟ الذين يعرفون طريقة عمل جمال بلماضي، يعلمون أن الرجل لا يغيّر المناصب ولا يريد منح منصب واحد للاعبين اثنين، فهو إما سيختار بغداد بونجاح، أو إسلام سليماني، ولن يستعملهما بالتداول، على منصب، هو الذي سيصنع له الأفراح والأمجاد. سليماني في مرحلة ما بعد تغيير الأجواء، في دوري تركي معقد جدا بجماهيره وإعلامه، الخطأ غير مسموح فيه، والجماهير التركية لا ترحم من يتراجع مستواه ولو لبضع مقابلات، وهتافاتها تذكر اللاعب بالمُرتّب الذي يتقاضاه، وتطالبه بالانتحار على أرضية الملعب، وإلى حدّ الآن لم يجد سليماني معالم الشباك التركية، والأنصار مازالوا صابرين، في الوقت الذي تحوّل بغداد بونجاح إلى ظاهرة كروية ولكن في بلد صغير هو قطر، فبعد أن سجل سباعية في مقابلة واحدة، عاد ليؤهل السد لنصف نهائي رابطة أبطال آسيا، وهو اللقب الذي رفض من أجله بونجاح بعض العروض الفرنسية والإسبانية، وكل المؤشرات توحي بأن جمال بلماضي الذي يعرف بغداد جيدا، سيراهن عليه ليصنع مجده مع المنتخب الوطني، لأن إسلام سليماني في فترة مونديال 2022 سيكون قد تجاوز سن ال 34، ومشكلة قلب الهجوم في العالم أن ثقل السنوات يؤثر عليه، إضافة إلى أن سليماني عكس بونجاح لا يمكنه أن يلعب في أي منصب ماعدا قلب الهجوم. بعض الأطراف تطالب بمنح منصب رأس الحربة لنجم نوتنغهام فوريست، هلال سوداني، ولكن بلماضي الذي لا هدف له أسمى من بلوغ مونديال قطر، له رأي آخر، ويريد أن يضع أساس بنائه من أول مباراة سيلعبها في الثامن من سبتمبر القادم في غامبيا. قدّم سليماني منذ أن منحه خاليلوزيتش ثقته، الكثير للمنتخب الجزائري وللأندية التي احترف فيها، واجتهد من أجل تحسين مستواه ونجح بدرجة كبيرة، ولن ينسى الجزائريون رأسيته التي دكّت الشباك الروسية في مونديال البرازيل، ومنحت الجزائر أول بطاقة تأهل للدور الثاني في كأس العالم، وحقق حلمه في الاحتراف في نواد شهيرة عالميا في البرتغال وإنجلترا وتركيا، ولكن تجاوزه سن الثلاثين، جعله يدخل مرحلة العد العكسي والشيخوخة الكروية مع وجود لاعب جديد لم يتحصل أبدا على فرصته في عهد كل المدربين الذين تداولوا على الخضر من كل الجنسيات، الذين أصروا على سليماني حتى عندما فقد بوصلة التهديف. لم تنعم الجزائر أبدا برؤوس حربة من الطراز العالمي، بدليل أن أحسن هداف في تاريخ المنتخب الوطني هو عبد الحفيظ تاسفاوت الذي لم يكن أبدا قلب هجوم، وغالبية الأهداف الحاسمة التي أفرحت الجزائريين كان يسجلها الجناح الأيمن ماجر أو المايسترو لالماس أو بلومي، ولم يبلغ فريحة أو كالام أو بن ساولة أو مناد، مرتبة رؤوس الحربة الكبار في العالم. مشكلة بغداد بونجاح، أنه اختار الجانب المالي عندما تمسّك ببقائه في قطر، وسيجد صعوبة كبيرة في خطف مكان في قلوب الجزائريين الذين لا يتفرجون إلا على المقابلات الأوروبية، ولا يهتمون إطلاقا بمتابعة الدوري القطري، وإذا كان بونجاح أجّل انتقاله إلى أوربا إلى أن يحمل كأس رابطة أبطال آسيا أواخر السنة الحالية، رفقة الإسباني تشافي، وربما سيغادر في الميركاتو الشتوي القادم، فإن الجمهور لا يريد ناديا يلعب له بونجاح، أقل شأنا من الأندية الأوروبية التي يلعب لها حاليا نجوم المنتخب الوطني.