في مواجهة انتقادات في الداخل وتهديدات برد تجاري من الخارج، بدا رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون مترددا في تنفيذ قرار نقل سفارة بلاده في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، وأكد أنه يريد مشاورة حلفائه أولا. واتهم موريسون بأنه يخالف سبعين عاما من السياسة الخارجية الأسترالية، بينما تحدثت أنباء عن إمكانية أن تعلق إندونيسيا اتفاقا تجاريا ثنائيا. لذلك أبلغ رئيس الوزراء البرلمان بأنه لم يتخذ قرارا حاسما بعد في هذا الشأن. وبعد ساعات من إعلانه الفكرة، قال موريسون الثلاثاء أنه يرغب في "استطلاع آراء" قادة المنطقة في هذه القرار "قبل أن تكون الحكومة وجهة نظر محددة حول هذه القضية". وكان موريسون أعلن في مؤتمر صحافي أمس أنه "منفتح" على مقترحات لم يحدد مصدرها للاعتراف رسمياً بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها، كما فعلت الولاياتالمتحدة في ماي الماضي. واعترف الرئيس الأمريكي في السادس من ديسمبر 2017، بالقدس "عاصمة لإسرائيل"، متجاهلا تحذيرات مختلف الأطراف، في خطوة شكلت قطيعة مع سياسة أسلافه. وأثار هذا القرار غضب الفلسطينيين واستنكار المجتمع الدولي، ومنذ ذاك الحين، يرفض الفلسطينيون إجراء اتصالات مع الإدارة الأمريكية وقيامها بدور الوسيط في عملية السلام. وصرح مسؤولون أن قرار نقل السفارة الاسترالية إلى القدس مطروح منذ أشهر. لكن إعلان موريسون يتزامن مع لحظة مهمة لمنصبه على رأس الحكومة. فقد جاء إعلان موريسون الذي لم يكن متوقعا، قبل أيام قليلة من انتخابات تشريعية فرعية ستجري في دائرة انتخابية يهيمن عليها اليهود في سيدني. وتشير استطلاعات الرأي إلى تراجع مرشح الحزب الليبرالي الذي ينتمي إليه موريسون سفير استراليا السابق في إسرائيل. ورحب رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بإعلان موريسون. وكتب على تويتر: "أبلغني بأنه يفكر في الاعتراف رسميا بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأسترالية إلى القدس. أنا ممتن جدا له على ذلك". لكن القرار واجه موقفا مختلفا من قبل الفلسطينيين وكذلك إندونيسيا أكبر دولة في عدد المسلمين في العالم. وقال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي الذي يقوم بزيارة رسمية إلى جاكرتا إن أستراليا "ستنتهك القانون الدولي" وقرارات مجلس الأمن الدولي إذا قامت بنقل السفارة". وأضاف أن "استراليا تجازف بعلاقاتها التجارية وفي قطاع الأعمال مع بقية العالم وخصوصا مع العالم الإسلامي". وتابع "آمل أن تعيد أستراليا النظر في قرارها قبل القيام بتحرك من هذا النوع لأغراض تتعلق بالانتخابات". ونقلت قناة التلفزيون الاسترالية الحكومية "ايهبي سي" عن مسؤول في جاكرتا قوله إن اتفاقا تجاريا مهما بين البلدين قد يُجمَّد. وصرح مسؤولون في وزارتي الخارجية والتجارة الاندونيسيتين أنه ليست هناك أي خطط لتعليق المحادثات حول الاتفاق. لكن موريسون أكد أنه ناقش القضية مع الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو في سلسلة من الاتصالات الهاتفية. وقال موريسون للبرلمان: "سنواصل العمل بشكل وثيق وبتعاون مع حلفائنا وشركائنا في جميع أنحاء العالم حول هذه القضية". – "منفتح" – وصف موريسون "المقترحات" للاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة أستراليا إليها ب"المعقولة" و"المقنعة"، وأكد أن الحكومة ستنظر فيها. وقال رئيس الوزراء الاسترالي "نحن ملتزمون بحل الدولتين"، إسرائيل ودولة فلسطينية. وأضاف: "لكن بصراحة لا تسير الأمور على ما يرام، ولم يتحقق الكثير من التقدّم، وعلينا ألا نواصل فعل الشيء نفسه ونتوقع نتائج مختلفة". وستؤدي هزيمة انتخابية للحزب الليبرالي إلى خسارته المقعد الذي يؤمِّن له الأغلبية في البرلمان. واتهمت بيني وونغ المتحدثة باسم حزب العمال المعارض، موريسون بالقيام بهذا الإعلان بشأن القدس من أجل استمالة مزيد من الناخبين. وقالت إن "سكوت موريسون يائس حاليا إزاء البقاء في منصبه إلى درجة أنه مستعد ليقول أي شيء إذا كان يعتقد أنه سيجلب له مزيدا من الأصوات، حتى على حساب المصلحة القومية لأستراليا". أ ف ب