بعد قضية التأشيرات مقابل قبول عودة الحراقة ومنحهم التراخيص القنصلية لذلك، تعتزم السلطات الفرنسية وضع شروط جديدة لتقديم المساعدات المالية للتنمية الممنوحة للجزائر وعدد من الدول، وجعل ذلك مشروطا بمدى تعاون البلدان المعنية في ترحيل رعاياها الحراقة وإصدار التراخيص القنصلية التي تتيح للحراقة العودة إلى أوطانهم. وفي السياق، قدمت مجموعة من نواب الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان) تعديلا جديدا على آلية المساعدات الحكومية الفرنسية للتنمية الموجهة لعدد من البلدان من خارج الاتحاد الأوروبي من بينها الجزائر، مؤرخة في 9 نوفمبر الجاري، ورد فيها أن التعديل يهدف لتفادي ممارسات القنصليات والتأخر في إصدار التراخيص القنصلية للحراقة لترحيلهم، وجعل تقديم المساعدات مشروطا بالإجابات المحصل عليها فيما يتعلق بإصدار التراخيص القنصلية لترحيل الحراقة. وحسب تقرير لمجلس الشيوخ الفرنسي حول آلية الدعم الحكومي الفرنسي للتنمية الموجه لدول من خارج الاتحاد الأوروبي، فإن الجزائر استلمت 80 مليون أورو عام 2016 في إطار هذه الآلية، في حين كان نصيب المغرب 274 مليون أورو. وتوجه هذه المساعدات المالية لمشاريع متعلقة عموما بالمناخ والتعليم والخبرة التقنية وتمويل الجماعات المحلية وغيرها. وحسب مبررات أصحاب التعديل من أعضاء البرلمان الفرنسي، فإنه وفي اجل معقول، وقبل عرض قانون المالية لعام 2020، تقوم الحكومة بتقديم تقرير للبرلمان حول قيمة المساعدات الحكومية للتنمية الممنوحة للدول التي لا تقوم بإصدار التراخيص القنصلية لترحيل الحراقة التي تطلبها السلطات الفرنسية. ولفت أصحاب المبادرة إلى أن قبول الدول لترحيل رعاياها "الحراقة" اتضح انه أمر جد صعب بسبب استحالة الحصول على التراخيص القنصلية من طرف سلطات بلده الأصلي، مشيرين إلى أنه في عام 2016، لم تقم الجزائر سوى بإصدار 48 بالمائة من التراخيص القنصلية التي طلبتها السلطات الفرنسية لترحيل رعايا جزائريين. وعرج التعديل على ما خلص إليه المجلس الأوروبي حول الهجرة والأمن الداخلي والعلاقات الخارجية في 18 أكتوبر الماضي، والذي دعا صراحة إلى تفعيل عمليات الترحيل على أرض الواقع وخلق إجراءات محفزة للعملية (الترحيل) بما فيها التنمية والتجارة والتأشيرات. وفي ذات السياق، تعكف المفوضية الأوربية على إجراء مفاوضات مع الجزائر و16 دولة أخرى من خارج فضاء "شنغن"، من أجل قبول إجراءات صارمة لترحيل رعاياها الحراقة المتواجدين في وضعية غير قانونية في دول الاتحاد الأوروبي، مقابل منح الفيزا لرعايا هذه الدول. ومما سبق يتضح أن هناك توجها فرنسيا وأوروبيا لجعل منح التأشيرات لرعايا بلدان معينة من خارج الفضاء بما فيها الجزائر، وأيضا منحها المساعدات في إطار برامج التنمية المختلفة، مشروطا بقبول هذه الدول ترحيل رعاياها الحراقة على التراب الأوروبي، والتعاون بالشكل الكافي من أجل منحهم التراخيص القنصلية للعودة إلى الوطن الأصلي.