أدرجت السلطات الفرنسية تعديلا على قانون الهجرة واللجوء يقضي بتقليص عدد التأشيرات الممنوحة لرعايا البلدان التي لها حراقة على الأراضي الفرنسية ولا تبدي تعاونا كافيا مع باريس من أجل إعادتهم إلى أوطانهم، وهو الإجراء الذي يمكن أن يطال الجزائريين لعدة اعتبارات، أهمها أن باريس تصنف الجزائر من البلدان القليلة التعاون في هذا المجال بنسبة 52 بالمائة من الطلبات المقدمة لها. الاعتبار الأول الذي يمكن أن يرجح هذه الفرضية هو حالة التوتر التي سادت ملف التأشيرات في المدة الأخيرة بين البلدين، من خلال تصريحات السفير الفرنسي بالجزائر كزافيي دريونكور شهر أفريل الماضي، حين كشف أن 10 آلاف حراق جزائري في باريس بعد أن "حرقوا" الفيزا التي منحت لهم، إضافة لمسؤولين كبار في الدولة يتداوون في فرنسا على أنهم حراقة ويتركون ديونا وراءهم تصل 10 آلاف أورو. وفي المدة الأخيرة اشتكى جزائريون كثر من رفض ملفات تأشيراتهم من طرف القنصليات الفرنسية منهم صحفيون وأطباء وغيرهم رغم أن لهم تأشيرات سابقة انتهت آجال صلاحيتها. وفي تصريح للمدير العام لشركة الحدود الفرنسية فيرنون غونتيي، أكد هذا المسؤول أن الجزائريين هم ثاني أكبر جنسية متواجدة في وضع غير قانوني على التراب الفرنسي بأكثر من 10 آلاف شخص. وما يشير أيضا إلى أن الجزائر من البلدان قليلة التعاون في مجال تسليم تراخيص الإبعاد لمواطنيها، هو تقرير لنائب لجنة القوانين الدستورية بمجلس الشيوخ الفرنسي فرانسوا نوال بيفي، علما أن صاحب التقرير هو نفسه صاحب التعديل الذي نص على تقليص إعداد الفيزا الممنوحة للدول التي تتعاون في ترحيل رعاياها الحراقة. وفي تقريره الذي عرض في 23 نوفمبر الماضي بمجلس الشيوخ الفرنسي واطلعت عليه "الشروق" نقرأ بأن القنصليات الجزائرية في فرنسا، ترفض تسليم أكثر من نصف طلبات ال‘بعاد لرعاياها الحراقة المقدمة لها من طرف السلطات الفرنسية. ووفق ذات السيناتور الذي يشغل نائب رئيس لجنة القوانين الدستورية بالسينا، فإن عام 2016 مثلا، منحت الجزائر 48 بالمائة فقط من تراخيص الإبعاد القنصلية لرعاياها الحراقة، و17.2 لمصر و11.8 لدولة مالي، حيث خص هذه الدول الثلاث فقط بالذكر، وهي معطيات تجعل من الجزائر غير متعاونة بنحو 52 بالمائة. ومعنى هذه المعطيات الواردة في تقرير نائب لجنة القوانين الدستورية بالسينا الفرنسي أن الجزائر ترفض بطريقة غير مباشرة ترحيل 52 بالمائة من رعاياها الحراقة على الأراضي الفرنسية. ولفت ذات التقرير إلى أن ثبوت عدم تعاون بلد ما بالشكل الكافي فيما يخص منح تراخيص الإبعاد القنصلية "laissez-passer consulaires" للحراقة لكي يتم إعادتهم إلى وطنهم سيؤدي إلى تقليص أعداد الفيزا الممنوحة سواء للقصيرة المدى (اقل من 3 أشهر)، أو الطويلة التي تتجاوز مدتها 3 أشهر. كما أوضح ذات السيناتور إلى أن الجزائر جمدت مفاوضاتها مع الاتحاد الأوروبي لتوقيع اتفاقية مماثلة لإبعاد رعاياها من خلال منحهم التراخيص القنصلية المطلوبة. وفي عام 2017 وحسب أرقام رسمية لسفارة فرنسابالجزائر فقد بلغت نسبة رفض الملفات بالنسبة لطالبي التأشيرة الجزائريين، 37 بالمائة، من مجمل عدد طلبات بلغ 650 ألف، منح على إثره 413 ألف فيزا للجزائريين.