في خطوة مفاجئة، كسر الأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني، جمال ولد عباس، جدار الصمت، بإصداره بيان نفى من خلاله أن يكون قد قدم استقالته من الأمانة العامة للحزب، وهي الخطوة التي تزامنت وتخلف الأمين العام المكلف، معاذ بوشارب، عن نشاط حزبي بالمقر المركزي للجهاز بحيدرة. وذكر ولد عباس في البيان الذي وقعه، السبت، أنه "يتواجد في فترة راحة بعد الوعكة الصحية التي ألمت به"، في "خرجة" فاجأت المتابعين الذين اعتقدوا أن مسألة قيادة الحزب العتيد، قد طويت، بتكليف رئيس المجلس الشعبي الوطني، بالاضطلاع بها. وجاء في البيان: "يؤكد الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، بأنه يوجد في فترة راحة بعد الوعكة الصحية التي ألمت به، كما يؤكد بأنه لم يدل بأي تصريح وأن كل ما ورد على لسانه في بعض وسائل الإعلام لا أساس له من الصحة ويفند قطعيا كل ما تردد من إشاعات حول هذا الموضوع". ولم يظهر ولد عباس للعلن منذ الأربعاء المنصرم، وهو اليوم الذي أوردت فيه وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، برقية تحدثت فيها عن انتهاء مهمة ولد عباس على رأس الحزب العتيد، كما أوردت البرقية ذاتها، نبأ تكليف معاذ بوشارب باستخلافه، وذلك نقلا عن مصدر مسؤول، لم تكشف عن هويته. كما أكدت الوكالة استقالة ولد عباس "لأسباب صحية تستلزم عليه قضاء عطلة مرضية مطولة، وسيخلفه مؤقتا على رأس الحزب، معاذ بوشارب، حتى تقرر هيئات الحزب تعيين أمين عام جديد في هذا المنصب". ولم يعلن ولد عباس أمام الملأ أنه قدم استقالته، كما أن العضو الأكبر سنا في المكتب السياسي، أحمد بومهدي، كان قد نفى أن يكون ولد عباس قد قدم استقالته، وذلك مباشرة بعد تسريب خبر تنحي خليفة عمار سعداني من منصبه. ومعلوم أن استقالة الأمين العام للحزب العتيد، يتبعها تكليف العضو الأكبر سنا في المكتب السياسي (أحمد بومهدي) بمنصب الأمين العام بالنيابة إلى غاية تنظيم مؤتمر لانتخاب قيادة جديدة، وفق المادة التاسعة من النظام الداخلي للحزب، وربما هذا هو السبب الذي يقف وراء "خرجة" بومهدي، الذي نفي خبر استقالة ولد عباس. وإلى غاية الأمس، لم يضطلع معاذ بوشارب، بأي نشاط بصفة أمين عام (مكلف) للحزب، كما أنه تغيّب عن النشاط الحزبي الذي كان يفترض أن يشرف عليه أمس، وهو إدارة الانتخابات الأولية للتجديد النصفي لمجلس الأمة، بالمقر المركزي للحزب، وقد ناب عنه رئيس المجموعة البرلمانية للحزب بالغرفة السفلى، محمد بوعبد الله. "خرجة" ولد عباس المفاجئة خلفت جملة من التساؤلات بشأن ما جرى ويجري منذ الأربعاء المنصرم، حول مصيره وكذا مصير خليفته المكلف، معاذ بوشارب، فضلا عن الجهة التي نقلت عنها وكالة الأنباء الجزائرية، خبر استقالة ولد عباس، ومن ثم مصداقية الوكالة، كوسيط إعلامي اعتاد نقل الأخبار الرسمية. هل بات الحزب العتيد أمام أزمة جديدة على غرار ما حصل عشية الانتخابات الرئاسية لسنة 2014 في ظل تنازع الشرعية بين الأمين العام السابق والقيادة الجديدة المكلفة؟ وما خلفية تسلح ولد عباس بالشجاعة للدفاع عن بقائه كأمين عام؟ وتكرار سيناريو السعيد بوحجة الذي رفض الاستقالة من رئاسة المجلس الشعبي الوطني، إلى غاية منعه من دخول مكتبه وإعلان حالة الشغور وانتخاب خليفته، أم أن الأمر يتعلق بمناورة من قبل المحيط المقرب من ولد عباس للحفاظ على مكاسب سياسية؟