قرر مدير موقع "دزاير براس"، الصحفي عدلان ملاح الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام، خلال تواجده في المؤسسة العقابية بالحراش، وهذا حسب ما أخبر به زوجته، التي سمحت لها المحكمة بعد انسحاب هيئة الدفاع، التقرب من زوجها، قبل أن ينقل إلى السجن. وقال المحامي حسان براهمي، الأربعاء، ل"الشروق"، إن زوجة عدلان أكدت له ذلك، حيث صدم نفسيا هذا الأخير بانسحاب هيئة دفاعه المشكلة من 35 محاميا، يتقاسمون فيما بينهم الملف والنقاط التي كانوا سيثيرها كل محام على حدة، فيما رافع 4 محامين فقط وكان أولهم مقران آيت العربي. وكانت هيئة الدفاع، قد اتفقت مسبقا على تولي كل محام مذكرة خاصة قصد الشرح الدقيق والموضوعي للتجاوزات المحصورة في ملف متابعة عدلان والمتهمين معه، خاصة فيما يتعلق بمحاضر الاستماع لدى الأمن. وحسب براهمي، فإن أكثر من نقطة قانونية تؤكد التجاوز في متابعة عدلان، وهو عدم ذكر اسم الضابط في المحاضر والتي تعتبر منسوبة إلى مجهول، وهو مخالف للمادة 214 من قانون الإجراءات الجزائية التي تلزم بذكر واضح للوقائع في المحاضر. وأكد المحامي براهمي أنه في محضر المعاينة كتب في مكان اسم الضابط فاصلتين فقط، ما يعني هناك تعمد في عدم الكشف عن هوية المحرر لأسباب يراها مجهولة، حيث يرى أن كل التساؤلات العديدة مطروحة. متسائلا: "لماذا أراد الضابط أن يبقى اسمه مجهولا، واكتفى بوضع فاصلتين؟.. هل هو خوف من متابعة أو ارتكاب مخالفة جسيمة قد تكون محل عقاب مستقبلا؟!".. ثم كيف لمدير مؤسسة عقابية أن يقبل سجن عدلان دون وثائق رسمية، وكيف لوكيل الجمهورية أن يدفعه للسجن دون وثائق في الملف؟". زوجته تنقل عنه في بيان لها: الصحفي عدلان ملاح: أفضل الموت على التعسّف ودوس القوانين أحمّل هيئة المحكمة مسؤولية أية قرارات وأحكام مسيّسة أنا أدافع عن كرامة الصحفيين.. وعلى رئيس الجمهورية التدخل لإنقاذ العدالة أكدت السيدة ياسمين ملاح، زوجة الصحفي عدلان ملاح، القابع -حسب بيان لها- خلف القضبان ظلما وتعسفا، أنها التقت زوجها على هامش جلسة المحاكمة يوم الثلاثاء 18 ديسمبر 2018 بإذن من المحكمة، وخولها للتصريح بما يلي: أن عدلان ملاح قد شرع في إضراب مفتوح عن الطعام ابتداء من الأربعاء 19 ديسمبر 2018 تضامنا مع هيئة دفاعه التي انسحبت جماعيا من جلسة المحاكمة احتجاجا على الخروقات الخطيرة الساعية إلى تسييس القضية وإخراجها من إطارها القضائي. أن عدلان ملاح بدخوله ابتداء من الأربعاء في إضراب عن الطعام يفضّل الموت على قبول الظلم والتعسف والدوس على قوانين الجمهورية. أن ملاح يحمل هيئة المحكمة مسؤولية أية قرارات وأحكام مسيّسة قد تصدر عنها خارج الأطر القانونية. أن عدلان ملاح وهو يخوض معركة الأمعاء الخاوية للمرة الثانية في أقل من شهر، إنما يدافع عن كرامة الصحفيين والجزائريين عموما وحقهم في محاكمات عادلة بعيدة عن التوظيف السياسي. أن الإضراب عن الطعام هو رسالة إلى السلطة القائمة وعلى رأسها السيد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة من أجل التدخل، ليس فقط لإنقاذ عدلان ملاح من الظلم والتعسف وإنما لإنقاذ العدالة الجزائرية من مخاطر التوظيف السياسي لصالح أجندات لها علاقة بالرئاسيات وتستهدف أساسا الانقلاب على إرادة الشعب الحرة. أن عدلان ملاح مدين لكل الجزائريين الذين تضامنوا معه من كل ربوع الوطن خاصة الذين تكبدوا مشاق السفر لحضور جلسة المحاكمة ويعدهم أنه صامد وصابر ومكافح من أجل كرامة كل الجزائريين. أن ملاح مدين لعشرات المحامين الذين حملوا قضيته وآمنوا بها ودافعوا عنه باستماتة وأنه متضامن معهم في انسحابهم دفاعا عن شرف المهنة واستقلالية القضاء. هيئة الدفاع تشرح خلفيات القرار وتفسّر أبعاده القانونية والسياسية: انسحابنا من المحاكمة انتفاضة ضد عرقلتنا.. والصحفي عدلان ملاح بريء الشريف لخلف: المساس بهيئة الدفاع سيعيد القضية إلى الجدولة اتهمت هيئة دفاع الصحفي عدلان ملاح، المتكونة من الأسماء الثقيلة، وعددهم 35 محاميا، من بين أكثر من 200 محام متضامن ومتطوع، محكمة باب الوادي، بخرق المرافعات في الجلسة العلنية أول أمس، وعرقلة الدفاع في أداء مهمته، ومحاولة إعطاء القضية شكلا تقنيا بمجموعة قوانين، رغم أنه حسب الدفاع، "القضية سياسية وتتعلق بحقوق الإنسان". واعتبر الدفاع، أن المتابعة القضائية لعدلان، هي محاولة لترهيب الصحافة الالكترونية والمدونين، باستغلال غياب التنظيم لهذه المهنة، وبطاقة الصحفي المحترف، والفراغ القانوني، رغم أن مسؤولية عدم تنصيب سلطة الضبط تقع على الحكومة. في السياق، رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، المحامي نور الدين بن يسعد، يرى أن بطاقة الصحفي المحترف مخولة لسلطة الضبط للجرائد الورقية والالكترونية، وهي سلطة لم تنصب بعد، ففي القانون العضوي للإعلام غير موجودة والقوانين التطبيقية للصحافة الالكترونية من مسؤولية الدولة. وأكد بن يسعد ل"الشروق"، أن عدلان ملاح، كان في إطار تغطية صحفية، وعلى أساس "تجريم" الصحافة، وحسب تعديل الدستور فإن العقوبة غير سالبة للحرية، موضحا أن التجمهر من الناحية القانونية غير مؤسس، لأن شروطه غير متوفرة، وفي ملف عدلان والمصور عبد العزيز لعجال، والشاب عبد الحفيظ نقروج، لم يذكر التنبيه بالصوت والضوء. من جهته، اعتبر النائب السابق والحقوقي مصطفى بوشاشي، إن اعتقال ملاح هو صورة لواقع الصحافة الالكترونية في الجزائر، خاصة أن الصحافة الالكترونية لا تملك سلطة ووسائل للعمل مثلها مثل الصحافة التقليدية، فاللجوء، حسبه، للمتابعة القضائية ضد صحافيي المواقع الالكترونية والمدونين "هو ترهيب، لأن هذه المواقع كشفت الفساد الاقتصادي والسياسي لدى بعض المسؤولين، حتى في الخارج، كما أنها تملك تأثيرا على المواطن". وقال بوشاشي "إن بطاقة الصحفي المحترف ليست حجة لإسقاط صفة الصحفي عن ملاح أو غيره، هناك المئات من الصحافيين سواء في الجرائد التقليدية أو المواقع الالكترونية لا يملك صحفيوها بطاقة مهنية أو بطاقة الصحافي المحترف.. فبعد صدور قانون الإعلام لتنظيم مهنة الصحافة، لا يزال نشاط الصحافة الالكترونية لا يملك قوانين، وهي مسؤولية تقع على السلطة التي من شأنها تنظيم هذا النوع من الصحافة"، مؤكدا أن في حالة مدير موقع "دزاير براس"، لا تتوفر شروط التجمهر ولا يوجد عصيان. ويرى بوشاشي، أن تلفيق العصيان لعدلان "هو إضفاء نوع من الشرعية لسجنه"، كما أن عرقلة هيئة المحكمة للمرافعة منذ بداية الجلسة، حسبه، هو إرادتها في توجيه الدفاع بطريقة تقنية بمواد قانونية، مع أن المحاكمة سياسية تتعلق بحقوق الإنسان. ونوّه مصطفى بوشاشي، إلى أن هيئة الدفاع سترى أن الحكم مشوب بعيوب، لأنه تم المساس بحق الدفاع وبالتالي إصدار هذا الحكم يجعلنا نملك وسائل الاستئناف فيه، وقال إن كل من الدستور والتشريعات تعطي حقوق الصحفي وحريته في التعبير ولكن هي حقوق مجمدة، "حيث يقال للعالم بأننا نحترم ذلك وفي الحقيقة هناك عشرات الصحفيين والمدونين معتقلين". .."إنها قضية تصفية حسابات سياسية بامتياز" -يقول بوشاشي- مضيفا أن تهمة التجمهر منحها وكيل الجمهورية 3 تكييفات بإدراج العصيان والتعدي حتى تسلب حرية عدلان. من جانبه، قال المحامي آمين سيدهم، إن عرقلة هيئة المحكمة للدفاع هو "إهانة، لأن مهمة المحاماة حرة بالدرجة الأولى، وقرار الانسحاب هو تنديد بهذه التصرفات التي تمس بحقوق الدفاع". أما المحامي الشريف لخلف، فأكد أن الانسحاب لم يأت من فراغ، وللدفاع حرية في المرافعة، وعندما تقاطع المحكمة أو النيابة الدفاع فهذا "يعتبر إهانة طبقا للمادة 24 من قانون تنظيم المهنة"، وقال إن قرار دخول القضية في المداولة، ليس قرارا نهائيا، إذ يمكن للدفاع أن يعيدها للجدولة، لكن تبقى السلطة التقديرية للقاضي، رغم أن هيئة الدفاع لم تكن تتوقع التماسات النيابة، لأن حقائق القضية، حسبه، لا تستدعي هذا الحكم. وقالت الحقوقية والمحامية زبيدة عسول، إن انعدام شروط المحاكمة العادلة المكرسة بموجب المادة 56 من الدستور والمادة الأولى من قانون الإجراءات الجزائية، في قضية الصحفي عدلان ملاح، هي "عرقلة هيئة الدفاع عن أداء مهامها الدستورية رغم تنبيهنا لهيئة المحكمة منذ البداية، وهو سبب شرعي لانسحاب المحامين من الجلسة". بوشاشي: المتضررون من ملفات عدلان لم يكن لهم الجرأة لرفع دعوى قضائية ضده قال المحامي مصطفى بوشاشي إن "الجهة الواقفة وراء حبس الصحفي ملاح هم المتضررون من ملفات الفساد التي فجّرها"، متسائلا عند نزوله أمس ضيفا على "أخبار الظهيرة" في قناة "الشروق نيوز"، عن السبب وراء اعتقال ملاح بالذات، بينما كان العديد غيره مشاركين في الوقفة التضامنية مع الفنان رضا سيتي 16. وأضاف بوشاشي "ملاح لم يرتكب جريمة وإنما قام بتغطية تجمع لفنانين ومواطنين"، معتبرا "حبسه تعسفيا وأنه تمّ استعمال العدالة من أجل حبسه ومتابعته". واستطرد بوشاشي: "المتضررون من ملفات عدلان لم يكن لهم الجرأة لرفع دعوى قضائية ضده"، مضيفا "عدلان لم يقم بجريمة عندما قام بتغطية وقفة تضامنية مع فنان يقبع داخل السجن".