عادت وزارة العدل لتفتح قانون مكافحة الفساد مجددا، وتدرج عليه تعديلات اقتطعت تأشيرة وموافقة رئيس الجمهورية، سيتم بموجبها استحداث قطب جنائي مالي يكون له اختصاص وطني مكلف بالقضايا المالية المعقدة ومنها المتعلقة بالفساد، موازاة مع استحداث وكالة وطنية لتسيير الموجودات المتأتية من مخالفات الفساد، وتحديد آليات لتحديد صلاحيات الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته وتفعيلها بعد 12 سنة من الوجود اكتفت فيها بمهمة التكوين، دون أن تحصي أي تدخل لها في الجوانب العملية لمحاربة الفساد. صادق مجلس الوزراء الخميس، على تعديلات جديدة تكمل القانون الصادر في 2006 والمتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته. وسيسمح هذا النص الذي تضمن استحداث قطب جنائي مالي يكون له اختصاص وطني مكلف بالقضايا المالية المعقدة منها المتعلقة بالفساد وملحق بمحكمة الجزائر العاصمة – سيدي أمحمد وذلك بمطابقة التشريع مع الدستور المراجع سنة 2016. ويبدو من خلال تحرك وزارة العدل أن ظهور قضايا فساد معقدة، فرض على الحكومة العودة إلى مضمون قانون الفساد الذي أوجدته سنة 2006، وكان قد أثار الكثير من الجدل يومها بخصوص إلزامية التصريح بالممتلكات بالنسبة للإطارات لمحاربة الإثراء غير المشروع، ويرى العارفون بمجال القانون أن غياب الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته عن لعب أدوار فعالة رغم قضايا الفساد المالي والاقتصادي التي عرفتها الجزائر فرض ضرورة تقنين وإثراء مهام هذه الهيئة التي لم تستوعب قضايا الفساد بسبب عدم تحديد صلاحياتها وعدم إمدادها بأدوات وآليات محاربة الفساد. النص التشريعي الجديد، وحسب بيان مجلس الوزراء أشار إلى أن قانون الفساد في طبعته الجديدة يتضمن بنودا صريحة من شأنها تعزيز مهام وصلاحيات هذه الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته، إلى جانب التكفل بالتوصيات التي وضعتها الهيئة المختصة التابعة لمنظمة الأممالمتحدة عقب تقييم السياسة الجزائرية المتعلقة بالوقاية من الفساد ومكافحته، وهو التقييم المستنتج بصفة ايجابية. كما تضمنت التعديلات الجديدة، الحماية القانونية للمبلّغين عن وقائع فساد بما في ذلك على مستوى محيطهم المهني. وسيتم تطبيق هذه الوسيلة الإضافية لمكافحة الفساد وفي نفس الوقت تبقى الإطارات المسيرة محمية بإجراءات قانون العقوبات الذي يُخضع فتح أي تحقيق قضائي لإيداع شكوى من قبل الهيئات الاجتماعية للمؤسسة أو الإدارة التي تكبدت الضرر. كما يتضمن مشروع القانون هذا "استحداث وكالة وطنية لتسيير الموجودات المتأتية من مخالفات الفساد، هذه الآلية ستسمح بحفظ الموجودات المتعلقة بقضايا الفساد الموضوعة تحت الحراسة القضائية في انتظار الحكم أو تلك المحجوزة بقرار من العدالة، أي أنه سيمكن بموجب القانون الجديد استرجاع الأموال المنهوبة من قبل الفاسدين.% ولدى تدخله عقب المصادقة على مشروع هذا القانون، دعا رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، "كافة الأطراف الفاعلة في المجتمع إلى الإسهام في سياسة الوقاية من الفساد بالتبليغ عن هذه الوقائع عند إثباتها لتمكين العدالة من التدخل بالوسائل الناجعة الموضوعة تحت تصرفها لتطبيق القانون الذي يتصدى بقوة لهذه الآفة" يضيف البيان. وبعد الإشادة "بتعزيز تشريع مكافحة الفساد والوقاية منه، وهي آفة عالمية لم يسلم منها بلدنا"، سجل رئيس الجمهورية "بارتياح توصل الدراسة التي كرستها الهيئات المختصة للأمم المتحدة للسياسة الجزائرية لمكافحة الرشوة إلى أن بلدنا وارد ضمن الدول الأكثر التزاما في هذا المجال". ومعلوم أن الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته قد وضعت منذ 2016 برنامجا وطنيا للتحسيس والتكوين ضد الفساد استفاد منه إلى غاية اليوم 4400 عون ينتمون للإدارات العمومية والقطاع الاقتصادي العمومي والخاص والأسلاك الأمنية وممثلي الحركة الجمعوية.