في ماي القادم سيكون يوسف عطال قد بلغ الثالثة والعشرين من العمر، وسيتطلب ذلك فريقا غير نيس، الذي حتى لو دعم فريقه بعناصر عالمية ما تمكن من الحصول على لقب الدوري أو الكأس الفرنسية في وجود العملاق الباريسي الذي تجاوز طموحه الألقاب المحلية إلى الأوروبية والعالمية، لأجل ذلك سيكون من ظلم النفس أن يبقى يوسف عطال بهذه الطاقة الرهيبة، حبيس اللعب في دوري فرنسي صار معروف حامل لقبه وكأسه قبل بدايته وحاملي الألقاب الفردية الذين ينتمون بالضرورة للفريق الباريسي. ومعلوم أن لاعبين كثر جزائريين حصلوا على الألقاب الفرنسية ومنها كأس فرنسا، ومنهم مصطفى دحلب وموسى صايب وعبد الحفيظ تاسفاوت وكريم زياني. أخبار تحدثت عن اهتمام سيميوني مدرب نادي أتليتيكو مدريد بيوسف عطال، وعن حلم اللاعب بالنشاط في الدوري الإسباني إلى جانب كبار العالم، والذي يشاهد عطال بطاقته العجيبة وهو يجوب الملعب، يرى بأن مكانه مضمون في الفرق الكبيرة، خاصة التي لا تعتمد على طريقة الاستحواذ، التي تؤثر على مردوده. يوسف عطال وصف تجربته في بلجيكا بالفاشلة، فهو لم يلعب طوال موسم مع كورتري سوى 424 دقيقة ولم يقدم طوال موسمه البلجيكي أي كرة هدف، ولم يصل المرمى أبدا، ولكنه في نيس وجد المساعدة من المدرب باتريك فييرا الذي راهن عليه، وكان عطال عند حسن ظنه، حيث لعب لحد الآن 1060 دقيقة، سجل فيها هدفا واحدا، وتلقى أربع بطاقات صفراء، وهدد حراس المنافسين في ما لا يقل عن ثلاثين مناسبة، مما يعني أنه لاعب بصدد تأدية موسم رائع، إذا نجا من لعنة الإصابة، إذ أن طريقة لعب يوسف عطال واندفاعه الكبير تجعله عرضة للإصابات، كما هو حال لاعب برشلونة الإسباني جوردي آلبا الذي لا يكاد يلعب أربع مباريات حتى يُنقل إلى العيادة ويغيب لعدة أسابيع. يتواجد فريق نيس الفرنسي حاليا في المركز العاشر، وهو مركز بعيد جدا عن مراتب المشاركة الأوروبية، ونتائج الفريق متوسطة، حيث لم يفز من ضمن 18 مباراة، سوى في سبع مباريات، وتعادل في خمس مناسبات، وخسر ست مرات، ولم يستطع هجوم الفريق الذي يضم بالوتيلي تسجيل سوى 13 هدفا وتلقى 17 هدفا، ومن الغرائب أن الدولي الإيطالي بالوتيلي الذي لعب 10 مباريات مع نيس كقلب هجوم لم يسجل لحد الآن أي هدف، وعطال يبدو أقوى منه هجوميا، وأحسن هداف في نادي نيس سجل ثلاثية، مما يعني بأن عطال لو أسعفه الحظ لكان حاليا هداف الفريق الأول وهو مجرد مدافع أيمن. السؤال الذي يطرح نفسه حاليا هو ما شكل الفريق الأوروبي الذي يصلح ليوسف عطال، وما هو المنصب الذي يمكن للاعب أن ينشط فيه وما هو الدوري الذي يمنحه مزيدا من التألق، وما إسم المدرب الأوروبي الذي يمكنه أن ينفخ فيه روحا إضافية؟ المدرب باتريك فييرا منح للاعب حرية كاملة في اللعب الهجومي، وهذا ما قد لا يجده مع مدربين آخرين تهمهم الوظيفة الدفاعية من المدافع أهم من اللعب الهجومي، والدوري الفرنسي، بسبب موت المنافسة فيه، في وجود العملاق الباريسي، يجعل عطال رفقة نيس يلعبون دون ضغوط، وتواضع الفريق الذي لا يضم سوى نجم من ورق هو بالوتيلي الذي رفضته الأندية الكبرى، هو الذي منح النجومية ليوسف عطال، لأجل ذلك يبدو حسن الاختيار أهم من إسم الفريق الذي سيلعب له يوسف عطال مستقبلا، فتوهج اللاعب الذي يشعر كل من يشاهده في الدقائق الأخيرة من المباراة، وكأنه يتمنى أن تدوم المباراة 200 دقيقة، لا بد وأن يكون له حدود، مع مدرب لا يستنزف طاقة اللاعب الشاب، ولا يعرض مشواره لخطر الإصابات، ويُدخله في صناعة الثنائيات مع مهاجم، جناح أيمن كبير، يظهر فيه الجهد الكبير الذي يبذله يوسف عطال، وربما نقله إلى وسط الميدان وحتى كجناح أيمن صريح، حتى يشارك في صنع الأهداف وتسجيلها أيضا. صحيح أن أتليتيكو مدريد هو حاليا من أكبر عشرة أندية في العالم، وصحيح أنه يحبذ اللعب بالهجومات المعاكسة، ونادرا ما يصنع اللعب ويندفع للهجوم، خاصة أمام الأندية الكبيرة، لكن فلسفة سيميوني في اللعب، هو عدم الاحتفاظ بالكرة، ويرفض أن يحرق لاعبيه حُريراتهم في لعب هجومي عقيم، وتكاد فرص أتلتيكو مدريد في كل مباراة تساوي أهدافه، ويبقى العزاء الوحيد هو ذكاء سيميوني الذي لن يعطله عطال، وفي كل الأحوال فإن بقاء يوسف عطال في فرنسا سيجعله يتجه إلى مصير رياض بودبوز الذي رفض التفريط في فرنسا، وعندما حاول الانتقال إلى إسبانيا، فشلت تجربته وهو حاليا يتجرع السنوات التي بقي فيها في فرنسا من دون أن يتطور، بالرغم من أن رياض بودبوز لعب مونديال جنوب إفريقيا وهو في العشرين من العمر…فقط. ب. ع