عندما يغيب العقل، تسيطر هلوسات المستقبل، ويبدأ الإنسان في البحث عما تخبئه الأيام من مصائب وكوارث… الشروق العربي، تنقلكم إلى 400 سنة خلت، حيث ظهر رجل في فرنسا، اسمه نوستراداموس، ادعى كشف أسرار الغيب بقراءتها في الماء.. لايزال الغرب يمجده إلى حد الساعة، بسبب نبوءات جاءت مصادفة في أبيات تقبل ألف تأويل. في سنة 1555م، صدر كتاب باسم "التنبؤات العظمى"، لطبيب فرنسي يدعى ميشال دي نوتردام، اشتهر بعدها بنوستراداموس، وجاءت أول طبعة عبارة عن 942 رباعية شعرية، تتنبأ بما سيحدث في القرون القادمة؛ حيث صاغ نوستراداموس نبوءته بالتشفير التي يزيد من حالة الغموض على الطريقة اليهودية، وكان يضع لكل قرن مائة بيت من الشعر تتضمن مائة نبوءة.. لكل عام نبوءة، لذا سميت ب (القرون) . أشهر تنبؤات العراف استنتج مفسرو كتاب نوستراداموس أن بعض النبوءات قد تحققت، مثل اختراع الطائرة (أو الطيور الحديدية)، والقنبلة الذرية والكهرباء والاستنساخ وظهور نابليون وهتلر (أو هسلر كما تقول النبوءة) وقيام وسقوط الاتحاد السوفيتي (ورمز له باسم إمبراطورية الدب). ويتنبأ العراف بأنه في القرن الحادي والعشرين سيتلون جلد الإنسان، وسيستعيد المسلمون قوتهم وسيغزون أوروبا ويؤسسون ما يعرف بالولايات المتحدة الإسلامية. هجمات 11 سبتمبر عقب هجمات 11 سبتمبر، عاد نوستراداموس إلى صدارة المشهد، وتضاعفت مبيعات كتب نبوءاته في كل أنحاء العالم بصورة غير مسبوقة، حين اعتبر الكثير أنه سبق أن تنبأ بهذا الانفجار بتفصيلاته الدقيقة؛ حيث أعادوا قراءة بعضة أبيات من تنبؤاته تذكر ما نصه: "في سنة القرن الجديد وتسعة أشهر يأتي من السماء ملك الرعب، وتحترق السماء.. الحريق يقترب من المدينة الكبرى الجديدة. في مدينة (يورك) يحصل انهيار كبير.. شقيقان توأمان تفصل بينهما الفوضى في حين يسقط الحصن، الزعيم الكبير يقضي والحرب الكبرى الثالثة تبدأ حين تلتهم النيران المدينة الكبرى". دونالد ترامب يعتقد البعض أن الرباعية 81 تنبأت بفوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية لعام 2016. وجاء فيها: الغني الشقي ينتخب حاكماً للجيش، الجسر انكسر، وعم الخوف"، ومن بين مناصب الرئيس الأميركي القائد الأعلى للجيش، ما جعل البعض يقفز إلى الاستنتاج أنها عنه. عام 2019… عام الكوارث بحسب نوستراداموس، فإن عام 2019، سيشكل بؤسا مدويا في جميع أنحاء العالم، ومن غير المحتمل أن يتحسن الوضع حتى عام 2046 على الأقل، إذا ثبت أنه على حق. وأشار نوستراداموس في كتابه "النبوءات"، إلى أن عام 2019 سيكون بداية حرب نهاية العالم التي ستمتد إلى ما يقارب ثلاثة عقود. نوستراداموس… كذب ولو صدق حرم أهل العلم اعتقاد كون أحد من الناس يعلم الغيب، كما حرموا تصديقه في ما يقول، ومن صدقه خرج من ملة الإسلام، وكفر كفرًا أكبر، قال تعالى: "قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ" {النمل:65}، وقال تعالى آمرًا رسوله- صلى الله عليه وسلم-: "قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ" { الأنعام: 50}… والمطلع على حال هذه النبوءات يكتشف أنها مجرد تأويلات أتت بعد حدوث هذه الأحداث، لا قبلها، وليست نبوءات واضحة.. وهذا ما استطاع تحقيقه العراف نوستراداموس بأبياته المبهمة في زعرعة عقول قلّ إيمانها وضعفت إرادتها، وأن الفراغ الروحي الذي يعيشه الغرب يجعله يجري وراء هذه الترهات والهرطقات، ويجر وراءه الجهلة من المفتونين بحضارة تأسست على السرقة والكذب.