يفتح القضاء الجزائري “أجندة المحاكمات” لرجال الأعمال وكبار مسؤولي الدولة وكل من له صلة بالعصابة، وبالمتهم علي حداد رئيس منتدى رؤساء المؤسسات السابق، والذي سيمثل أمام قاضي الحكم لدى محكمة بئر مراد رايس هذا الاثنين عن جنحة التزوير والاستعمال المزور في وثائق إدارية، وهي تهمة بسيطة مقارنة بالتهم الثقيلة التي وجهت له بمحكمة سيدي أمحمد، في انتظار تحديد جلسة الإخوة كونيناف، ومحاكمة البوشي يوم 22 ماي الجاري في قضية نهب العقار. بالمقابل، أجمع المحامون على استحالة قبول الاستئناف بالإيداع الذي تقدم به الثلاثي السعيد بوتفليقة، طرطاق وتوفيق لدى غرفة الاتهام بالمحكمة العسكرية بسبب التهم الخطيرة التي وجهت لهم. قال محامي رجل الأعمال علي حداد، الأستاذ خالد بورايو السبت ل”الشروق”، أن موكله سيمثل أمام محكمة الجنح ببئر مراد رايس هذا الاثنين عن تهمة حيازته جواز سفر ثان ورخصتي سياقة، فيما تم إسقاط تهمة عدم التصريح بالعملة الصعبة عنه حسب محاميه، الذي أشار إلى أن جواز السفر الثاني سلم له من قبل الجهات المخولة قانونا، أما رخصة السياقة الثانية فهي رخصة سياقة دولية مسلمة له بالجزائر، كما نفى حيازة المعني لجواز سفر بريطاني، وهو ما سيكشف خيوطها في محاكمة الغد. وفي السياق، أكد المحامي ورئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان سابقا، فاروق قسنطيني ل”الشروق”، أن التهمة المتابع فيها حداد تتعلق بالتزوير واستعمال المزور في وثائق إدارية، وهي الجنحة التي يحاكم فيها بموجب المادتين 222 و223 من قانون العقوبات، وحسب ملف قضية الحال فإن عقوبته لا تتجاوز سنة على الأكثر، ويمكن أن تكون عقوبة غير نافذة على حد قول محدثنا. وأضاف قسنطيني، أن التهمة المتابع فيها علي حداد ستكون لا حدث مقارنة بتلك التي يواجهها بمحكمة سيدي أمحمد أين سيتابع ب4 تهم ثقيلة تتمثل في الاستفادة من امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية، والاستفادة من تأثير أعوان عموميين، الاستفادة من امتيازات عقارية دون وجه حق، التمويل الخفي للأحزاب السياسية، وهي التهم التي جرت 58 شخصا، بينهم 25 وزيرا وإطارا ساميا، إلى أروقة العدالة. من جهته، قال المحامي والحقوقي بوجمعة غشير ل”الشروق”، أنه وفقا لقانون العقوبات فإن العقوبة التي يمكن أن يوقعها قاضي الحكم لدى محكمة بئر مراد رايس في قضية رجل الأعمال علي حداد تتراوح بين “6 أشهر و3 سنوات وغرامة مالية من 1500 إلى 15 ألف دينار مع حرمان المعني من بعض الحقوق المدنية”، وهذا حسب المادة 222 من قانون العقوبات، مؤكدا أنه لا مجال للمقارنة مع تلك التهم التي وجهت له بمحكمة سيدي امحمد والتي سيسلط فيها قاضي الحكم إن ثبتت التهم بالقرائن والأدلة أقصى عقوبات. وفي سياق مغاير، يتوقع كل من فاروق قسنطيني وبوجمعة غشير، رفض طلب إلغاء الأمر الذي أصدره قاضي التحقيق العسكري بخصوص إيداع كل من السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، ومدير جهاز الاستخبارات سابقا الفريق محمد مدين “توفيق” وكذلك منسق مصالح الاستعلامات السابق الجنرال بشير طرطاق الحبس، والذي ستتقدم به هيئة دفاع المتهمين غدا الاثنين 20 ماي، نظرا للتهم الثقيلة الموجهة للمتهمين والمتعلقة بالخيانة العظمى. وذهب فاروق قسنطيني إلى أبعد من ذلك، عندما قال “مستحيل” أن يتم الإفراج عن الثلاثي، مرجعا ذلك إلى سببين، الأول هو أن الاستئناف في قرار الإيداع على مستوى غرف الاتهام سواء في المحاكم المدنية أو العسكرية دائما يقابل بالرفض وهذا منذ أن تم بدء العمل به، وثانيا وهو السبب الرئيسي هي نوعية التهم الموجهة لهم حسب مجلس الاستئناف العسكري بالبليدة وهي: “المساس بسلطة الجيش” و”المؤامرة ضد سلطة الدولة”، والتي تتراوح عقوبتها ما بين 20 سنة سجنا نافذا والمؤبد وتصل إلى الإعدام، مفيدا بأنه في حال ثبوت هذه الوقائع في حق المتهمين فإنها تندرج ضمن الجنايات الخطيرة جدا، التي تكون عقوباتها خطيرة جدا”. ولم يستبعد قسنطيني، إمكانية توجيه تهم جديدة لكل من السعيد بوتفليقة، طرطاق وتوفيق، خلال التحقيق، مع احتمال ظهور وقائع وأدلة جديدة تثبت تورطهم في التهم الموجهة لهم، موضحا أن قاضي التحقيق بالمحكمة العسكرية بالبليدة، لديه السلطة المطلقة في تكييف وقائع الموقوفين الثلاثة وإسناد التهم التي تتلاءم مع الجرائم التي ارتكبوها، مؤكدا أن التهمتين اللتين وجهتا للثلاثي واللتين تم على إثرهما إيداع المتهمين الحبس الاحتياطي، هما تهمتان ابتدائيتان أسندهما قاضي التحقيق العسكري في المرحلة الأولى، بناء على محضر الضبطية القضائية لمصالح المخابرات، التي اتبعت نفس الإجراءات المعمول بها في القضاء المدني، بعد التأكد من تآمر المتهمين ضد المؤسسة العسكرية، ومحاولة القيام بانقلاب والمؤامرة ضد سلطة الدولة. فيما يرى الأستاذ بوجمعة غشير، أن القضايا الكبرى على شاكلة تلك التي توبع فيها السعيد بوتفليقة، بشير طرطاق، محمد مدين، لويزة حنون، الذين وجهت لهم تهم “المساس بسلطة الجيش” و”المؤامرة ضد سلطة الدولة”، نادرا ما تقوم غرف الاتهام بإلغاء أمر قضاة التحقيق، ولكن نظرا لطبيعة قضية الحال يقول غشير والتي يتغلب عليها الطابع السياسي، فإنه من الممكن أن تحدث المعجزة ويتم إلغاء الأمر بناء على الأوضاع السياسية والظروف الحالية.