لم يحدث وأن مرّ مدرب على المنتخب الجزائري مثل جمال بلماضي، يشارك لأول مرة في حياته كمدرب للخضر في دورة مغلقة وكبيرة هي كأس أمم إفريقيا ويدرك بأن التتويج يتطلب لعب سبع مباريات وتجاوز كبار القارة من مصر والمغرب والكامرون ونيجيريا والعودة بالكأس من مصر أمام قرابة مئة مليون مصري مقتنعون بأن الكأس ستبقى هناك، ولا أحد منهم خطر على باله أن يحمل الكأس رياض محرز بدلا عن محمد صلاح. جمال بلماضي صار من دون أن يسألوه عن حظوظ لاعبيه، يتحدث عن نية الفوز باللقب، بالرغم من أن المنتخب الجزائري بقيادته لم يتمكن من الفوز على أرضه أمام منتخب غامبيا المتواضع إلا بصعوبة كبيرة، وهو يبدو واثق من نفسه بأنه قادر على الفوز على كبار القارة، بداية من فرق مجموعته وعلى رأسهم منتخب السينغال الذي يضم لاعبين كبار وعلى رأسهم كوليبالي وساديو ماني. لا يمكن لمدرب أن يتحدث بهذا الشكل عن هدفه ويكرر الحديث إلى درجة أنه ما عاد يلتقي بالإعلاميين إلا وكرر نفس الأسطوانة، لا يمكنه فعل ذلك إلا إذا لاحظ بأن مجموعته من لاعبين هم من دفعوه لقول ذلك، وجميعهم صاروا لا يتركون أي فرصة سوى لتأكيد ما قاله المدرب، فلاعبون مثل براهيمي ووناس ومحرز وعطال وبونجاح مقتنعون جميعا بأن اللاعبين الذين يشكلون منتخبات الكامرون ومصر والمغرب وتونس ليسوا أحسن منهم بل إنهم أقل منهم مستوى، مما يعني أن مع القليل من التحضير الجماعي والكثير من الإرادة يمكن ان يتحول حديث وأمنيات جمال بلماضي إلى حقيقة. هناك من يرى بأن جمال بلماضي كان عليه مسايرة بقية الآراء التي لم تضع الخضر كمرشحين للتتويج، حتى يفاجئهم، وهناك من يرى بأن تفاؤل جمال بلماضي غير مبرر إطلاقا بالنظر إلى المستوى المتواضع الذي ظهر به المنتخب في عهد هذا المدرب، وهناك أيضا من يرى بأن حماس أي مدرب وتفاؤله ضروريان لأجل نفخ الروح في لاعبيه. وفي كل الأحوال فإن موعد كأس أمم إفريقيا لم يعد يفصلنا عنه إلا بضعة أيام وسنعرف وزن ما قاله المدرب جمال بلماضي. كل المنتخبات العربية التي تمثل شمال القارة رسمت اللقب القاري كهدف وحيد من مشاركتها في دور مصر القادمة وجميعها أو على الأقل منتخبي مصر وتونس لا تمتلك لاعبين بوزن نجوم الخضر، حيث تتهاطل على غالبيتهم في الوقت الحالي العروض من أندية كبيرة في صورة اسماعيل بن ناصر المطلوب من ميلان ونابولي، وآدم وناس المطلوب من فيورونتينا ورامي بن سبعيني المطلوب من بورسيا مونشن غلاد باخ ويوسف عطال المطلوب من أتلتيكو مدريد وتوتنهام، دون الحديث عن أعمدة المنتخب مثل مبولحي وفيغولي وماندي ومحرز وبراهيمي وجميعهم محكوم عليهم التألق حتى تخطفهم كبريات الأندية من دون الحديث عن كون فوزهم باللقب هو في حدّ ذاته أكبر تحفيز، ليكون أول منتخب يفوز باللقب بصيغته الجديدة الذي يضم 24 منتخبا وخارج الوطن، بخلاف لقب 1990 الذي لُعب في الجزائر وبثمانية منتخبات، ولأن دورة 1990 لُعبت في شهر مارس أي قبل مونديال إيطاليا بثلاثة فرق فقط، رفض منتخبا مصر والكامرون المشاركة فيها بالتشكيلة الأساسية، حيث أرسلت مصر منتخبها الثاني وخرجت من الدور الأول، وأرسلت الكامرون أيضا منتخبا من دون نجوم، باستثناء ماكاناكي وخرجت من الدور الأول، وهي التي أبهرت العالم بعد ذلك في إيطاليا وبلغت الدور الربع النهائي ولولا الحظ الذي ساعد منتخب إنجلترا في مباراة الربع النهائي لكان رفقاء روجي ميلا أول منتخب إفريقي يبلغ نصف نهائي المونديال، بمعنى أن دورة الجزائر شاركت فيها منتخبات مبتورة الجناحين. يعلم جمال بلماضي، بان عودته باللقب من مصر سيتوجه ملكا على الكرة لأنه سيحقق للجزائر أكبر وأهم لقب لها في تاريخها الكروي، وسيحسن من ترتيبها في الفيفا ويُشرك الخضر في كأس القارات التي ستٌلعب في قطر رفقة كبار العالم، ويعيد للجزائر هيبتها من خلال دورة من المفروض أن الفوز بها يعني ضرب سرب من العصافير بكرة أو حجر واحد. عدو المنتخب الجزائري الوحيد في مشاركته في كان مصر، هو الطقس الحار الذي لم يتعود غالبية اللاعبين المنافسة فيه، وهذا الطقس الحار والجاف، لن يلعبوا فيه مباراة واحدة وإنما سيعيشون فيه قرابة شهر يتطلب التضحيات ونسيان أنديتهم التي ستدخل غالبيتها في أجواء التحضير للموسم الكروي القادم، وفي حالة التتويج باللقب النفيس، فإن هذا المنتخب سيدخل التاريخ، ويتحول جمال بلماضي إلى أسطورة بالنسبة للجزائريين. ب. ع