بالرغم من أن الخضر لم يتأهلوا بعد إلى أمم إفريقيا 2019، وبالرغم من الوجه الشاحب الذي ظهروا به أمام منتخبي غامبيا وبينين المتواضعين، إلا أن تصريحات جمال بلماضي التي كرّرها مرتين عندما قال بأنه سيتوجه إلى الكامرون في صيف 2019 من أجل التتويج باللقب القاري، وهو التصريح الجريء جدا الذي بعث الأمل في قلوب الجزائريين طمعا في أن يكسر الخضر عقدة طال أمدها وانتزاع اللقب القاري من قلب إفريقيا وفي الكامرون بلاد عيسى حياتو الذي حرم الجزائر من استضافة مونديال القارة السمراء وقدمه على طبق من فضة لبلدان أخرى أقل إمكانيات وتاريخ كروي من الجزائر. من غير المنطقي أن يبقى في خزانة الخضر لقب قاري واحد حصل عليه في عقر الديار، عندما كانت المنافسة تلعب بثمانية منتخبات فقط، ويصل أي منتخب للنهائي بعد لعبه أربع مباريات فقط، خاصة أنه في دورة 1990 في الجزائر لم تشارك مصر والكامرون بمنتخبيها الأساسيين ولعبتا بالفريق الثاني مما يعني أن دورة الجزائر شارك فيها ست منتخبات فقط، ولم تصل الجزائر منذ 28 سنة ولو مرة واحدة إلى الدور النهائي، بالرغم من امتلاكها لاعبين كبار في هذه المدة من أصحاب المستويات العالمية مثل علي بن عربية وموسى صايب ونذير بحاج وإبراهيم حمداني ورياض محرز وياسين براهيمي. وباستثناء رابح ماجر الذي تحدث عن التتويج باللقب القاري القادم، فإنه من النادر أن يراهن مدرب أمام الملأ على التتويج باللقب القاري وهو يعلم بأن الدورة القادمة ستلعب في شهر جوان الساخن وفي الكامرون حيث سيكون غالبية لاعبي الخضر قد أنهوا موسمهم الشاق، ونحن نعلم بأن أربعة عشر لاعبا من تشكيلة الخضر يلعبون حاليا الدوري المحلي والكأس وأيضا المنافسة الأوروبية مع سبعة لاعبين معنيين برابطة أبطال أوربا وسبعة يشاركون في أوروبا ليغ، ولا نظن بأن رياض محرز على سبيل المثال سيكون في شهر جوان بعد نهاية الدوري الإنجليزي في كامل قواه البدنية، والفوز باللقب القاري يتطلب تحقيق الانتصارات في كل المباريات أمام المنتخبات الإفريقية القوية المتأهلة للنهائيات، ومنتخبنا غير قادر على الفوز خارج الديار أمام منتخب من وزن غامبيا الضعيف جدا. يمضي الآن نصف قرن منذ أول مشاركة للخضر في نهائيات أمم إفريقيا في إثيوبيا في زمن الأسطورة حسن لالماس، ومنذ تلك الدورة استقبلت تونس المنافسة مرتين واستضافتها المغرب مرتين، ومصر مرتين وليبيا مرة واحدة ومع ذلك لم تستفد الجزائر من تنظيم الدورة في شمال القارة وعجزت عن تحقيق اللقب، ونادرا ما تلعب الجزائر مقابلات كبرى في قلب القارة السمراء، ولا يذكر الجزائريون إلا النادر منها مثل مباراتهم أمام مصر سنة 1980 في إيبدان في نيجيريا عندما كانوا منهزمين بهدفين نظيفين أمام رفقاء محمود الخطيب في الدور النصف النهائي، ولكن عصاد والمرحوم بن ميلودي قلبا النتيجة وتأهل الخضر بضربات الترجيح بعد تألق الحارس مهدي سرباح، ومباراتهم سنة 1984 في كوت ديفوار أمام غانا حيث قدموا للشياطين السود درسا كرويا راقيا وفازوا عليه بثنائية نظيفة، وأيضا مباراتهم في 2010 في أنغولا أمام كوت ديفوار حيث فازوا بعد الوقت الإضافي بثلاثية مقابل هدفين، وماعدا ذلك فإن اللاعبين يشتكون من الرطوبة ومن الحرارة ومن التحكيم ومن الظروف الإفريقية الصعبة، ويعودون بخفي حنين. يتطلب التتويج باللقب القاري الكثير من التركيز والتضحية، وليس الأحسن هو من يفوز باللقب، والجميل في بلماضي أنه لا يغفل طوال المباراة، حيث يعيشها أكثر من لاعبيه وهذا مطلوب في القارة السمراء التي يقول خبراء الكرة عنها بأنها تمنح اللقب القاري، لمن يتقن سرقة المقابلات واقتصاد الجهد وتوزيعه على المباريات ويكاد يكون اللاعب المهاري والخبير والتكتيك مجرد أمور زائدة في كأس أمم إفريقيا. ب. ع