ثقافة الطفل وإن اعتبرها البعض ترفا فكريا إلا أنها أساس وأولوية في بناء الإنسان ثقافيا، وهي كذلك حجر الزاوية أو اللبنة الأولى لتشييد مجتمع يصنع المشهد الثقافي ويصدره لغيره عوض استيراده والاستنجاد بالغير لاصطناعه "ثقافة الولد" انعكاس لثقافة البلد أكد الكاتب والمفكر الجزائري، بشير خلف، أن ثقافة الطفل هي ثقافة فرعية في المجتمع إلا أن حالها وواقعها يخبرك عن الملامح الكبرى لثقافة المجتمع. فإذا كان المجتمع يولي أهمية كبيرة واعتبارا لقيمة معينة من القيم أو اتجاه محدد من الاتجاهات، فإن ذلك يظهر عادة في ثقافة الطفل. وتنفرد ثقافة الطفل بمجموعة من الخصائص والسمات العامة التي تميز هذه الثقافة. ولأن الطفولة مقسمة إلى عدة مراحل متعاقبة ومتداخلة قي بعضها البعض، وكل مرحلة تؤثر في الأخرى أيما تأثير سلبا أو إيجابا فلكل منها ثقافة خاصة تتوافق مع خصائص وحاجات الطفل في تلك المرحلة الطفولية، متناسبة مع نموه الإدراكي ومستواه المعرفي. والمشكلة في النشاط والإنتاج الثقافي الموجه للطفل في الجزائر الذي هو شبه منعدم عدم تمايز هذا النشاط والإنتاج من فئة عمرية لأخرى، ما يخلق نوعا من الجمود والركود في النمو المعرفي للطفل رغم نموه الإدراكي وتقدمه في السن، فيجب أن تكون لغة الخطاب والرصيد الثقافي الذي تحمله قصة أو مسرحية أو حتى رسوم متحركة موجهة لطفل ذي 6 سنوات يختلف عن عمل موجه لطفل في سن العاشرة، فالتطور الذهني للأطفال في هذه المراحل جد سريع وكبير. الطفل النجيب ليس بالضرورة هو طفل مثقف وأضاف بشير خلف إلى الخلط بين الثقافة والتعليم، فليس بالضرورة الطفل النجيب في المدرسة هو الطفل ذو الثقافة الواسعة، لأن الثقافة بمفهومها الشاسع المعقد تتعدى مواد المقرر الدراسي والتلقين السلبي وأسوار المؤسسة التربوية إلى ما وراء البيئة التعليمية التي عادة ما يكون هامش الإبداع فيها أقل، نتيجة لضخامة المناهج الدراسية والأساليب التقليدية التي يقدم بهاالأساتذة الزخم المعرفي الكبير لطفل يتشتت تفكيره خاصة مع الإصلاح التربوي الذي دخل حيّز التنفيذ ابتداء من الموسم الدراسي 2003/2004. والثقافة هي ليست تلقي المعارف التي هي عطاء مشترك وإنما الاكتشاف الفردي لها، لتنمية الإبداع الذي يعمل غيابه على إحداث نوع من التخلف في النمو الثقافي للطفل، وهذا ما هو قائم في المقررات الدراسية الجزائرية التي عادة ما تلغي الجانب الإبداعي في العملية التعليمية لسبب أو آخر: نكتب عن الأطفال أم لهم؟ سألت الكاتبة والأديبة غادة السمان: "لماذا لاتكتبين للأطفال؟ فأجابت بصراحة: "ليس لدي موهبة الكتابة للأطفال" فليس كل من يملك موهبة الكتابة الأدبية يمكنه الكتابة للطفل، فهي موهبة من نوع خاص، تجمع بين البساطة البعيدة عن السذاجة والرسالة التثقيفية الخاضعة لأسس بيداغوجية، تقدم المادة الأدبية في قالب يستصيغه الطفل فضلا عن الجانب الإخراجي لكتب الأطفال الذي يلعب دورا أساسيا بل سحريا في جذب الطفل للكتاب، و لعله الغائب الأكبر في كتاب الطفل الجزائري. وحسب الأديبة الجزائرية لطيفة عثماني "قد لاحظت أن كثيرا من الكتب الموجهة للأطفال تفتقر إلى عنصر الجذب، أو الهالة السحرية التي يجد الطفل نفسه ينساب وراءها ويتشبت بها". ورغم تصريحات محمد الطاهر قرفي، رئيس النقابة الوطنية لناشري الكتب، عن التوجيهات والمجهودات التي تسعى لترقية نوعية كتب الأطفال من الجانب الإخراجي إلا أن كتاب الطفل الجزائري ظهر بحلته الباهتة رغم بعض الجهود لبعض دور النشر في الصالون الدولي الثاني لكتاب الطفل والناشئة الذي انعقد في شهر أفريل الفارط بالعاصمة والذي يبقى مبادرة طيبة لدعم ثقافة الطفل. وأدب الطفل هو تلك الأداة الجيدة لنقل جزء من الثقافة العامة بصورة فنية ممتعة للطفل بقصص وروايات وبعض المقاطع الشعرية البسيطة. ولكن عادة ما يخلط الأدباء في الكتابة عن الأطفال والكتابة لهم حسب كاتب الأطفال العالمي "جون أيكن. زين العابدين جبارة