حقق المنتخب الوطني خلال كأس أمم إفريقيا المقامة حاليا في مصر، إنجازا لم يتكرر منذ “الكان” الذي نظمتها الجزائر سنة 1990، وتوج بها أشبال المرحوم عبد الحميد كرمالي، وبلغ “محاربو الصحراء” الدور الثاني رسميا من البطولة الإفريقية، عقب فوزهم على منتخب السنغال مساء الخميس الماضي بملعب 30 جوان بالقاهرة برسم الجولة الثانية، وهو إنجاز لم يتحقق منذ 29 سنة، بحيث لم يفز “الخضر” بمواجهتين متتاليتين في أكبر منافسة إفريقية منذ الطبعة ال 22 بالجزائر. ولا يختلف اثنان في أن “محاربي الصحراء” أكدوا أنهم أحد المرشحين بقوة للتنافس على التاج القاري هذه المرة، بفضل الصرامة التكتيكية وتطبيق اللاعبين لتعليمات المدرب جمال بلماضي بنسبة كبيرة أمام نجوم السنغال، بحيث أظهر رفقاء مبولحي قوة كبيرة على جميع المستويات بما فيها طريقة الدفاع في منطقتهم. وقد وجد المسؤول الأول عن العارضة الفنية ل”الخضر” الخطة المثلى للحد من خطورة المنافس، معتمدا على نفس التعداد الذي شارك في اللقاء الأول أمام كينيا ووظف لاعبين لم يكونوا ليشاركوا مع مدرب آخر أو مع مدربين سابقين مروا على المنتخب، ولكنهم تألقوا مع بلماضي، ومن بين نقاط القوة في النظام الدفاعي لمنتخبنا في مواجهة السنغال، هو الاعتماد على المراقبة اللصيقة، خاصة على نجمي الهجوم بالدي كايتا وساديو ماني، إضافة إلى عدم ترك مساحات كبيرة بين لاعبي الدفاع عند امتلاك الكرة ومن دونها. ورغم قوة وسرعة كايتا وماني، إلا أنهما لم يصنعا فرصا كثيرة ولم يتمكن نجم ليفربول من صنع الفارق والوصول إلى شباك الحارس رايس مبولحي، كما أن عدم مغامرة الظهيرين بن سبعيني ويوسف عطال في العمليات الهجومية لم يترك فراغات كبيرة في الخلف، أما الثنائي جمال بلعمري وعيسى ماندي، فقد قدما مباراة كبيرة ولم يرتكبا أخطاء كثيرة وحرما المهاجم نيانغ، من أغلب الكرات الأرضية أو العالية، مما قلّل من خطورة لاعب نادي رين الفرنسي، كما يجب التنويه بالتغطية الجيدة التي قام بها ماندي على الجهة اليمنى من الدفاع، فقد حرم ساديو ماني في عدة مناسبات من التوغل قطع بعض كراته الخطيرة في الشوط الثاني. وبرزت قوة “الخضر” أيضا في الفوز بالصراعات الثنائية في الكرات العالية، سواء في الركنيات أو المخالفات من خارج منطقة العمليات، فكل الكرات كانت ترد من الدفاع رغم القوة “المورفولوجية” للاعبي السنغال، ولم يكن يتوقع أحد، أن يتحول عدلان قديورة إلى أحد ركائز المنتخب الوطني، ولكن ذلك حدث مع بلماضي، الذي نجح لحد الآن في أغلب اختياراته، فخلال مباراة السنغال التي تعتبر مقياسا حقيقيا لمستوى “الخضر”، قام قديورة بدوره كما يجب كلاعب ارتكاز، ولأنه ليس لاعب مهاري، فإن دوره اقتصر على الاسترجاع وقطع الكرات والتغطية في وسط الميدان، فيما كانت صناعة اللعب من مهام بن ناصر وفيغولي، اللذين كان أيضا قريبين من قديورة. النظام الدفاعي الذي اعتمده بلماضي يقضي بمشاركة الجميع في محاولات استعادة الكرة من المنافس، بدءا من المهاجم بغداد بونحاح، فلاعبو الوسط والهجوم كانوا يدافعون أيضا بعودة الجميع لغلق المساحات عندما يمتلك السنغال الكرة في منطقة “الخضر”، وهو ما يتطلب لياقة بدنية كبيرة، والأخيرة لم تكن تنقص لاعبي المنتخب الوطني، الذين لم تدخل شباكهم أي كرة في المواجهتين السابقتين. نصف التشكيلة من خريجي البطولة الوطنية من النقاط الإيجابية التي تحسب للمدرب جمال بلماضي، هو حسن توظيفه لإمكانيات لاعبيه، كما أحدث ثورة على التشكيلة، وكان لها وقع إيجابي على نتائج الخضر، عكس سلفه ماجر، الذي كان يقود الفريق إلى الهاوية، ولئن لم يختر مدرب نادي الدحيل السابق، إلا لاعبا محليا من نادي بارادو ضمن قائمةال23، إلا أنه أشرك في مواجهتي كينياوالسنغال خمسة لاعبين تخرجوا من البطولة الجزائرية الجزائرية، ويتعلق الأمر بالمهاجم بغداد بونجاح ويوسف بلايلي، نجما السد القطري والترجي التونسي تواليا، واللذان يقدمان مستويات كبيرة في”الكان”، كما اعتمد أيضا على كل من يوسف عطال ورامي بن سبعيني، خريجي أكاديمية بارادو وجمال بن العمري ابن نصر حسين داي المحترف في البطولة السعودية، فالأخير ورغم بعض الهفوات أمام السنغال، إلا أنه أكد علو كعبه كما تحلى ببرودة أعصاب أمام نجوم المنافس. ديلور “يغرد” بفوز “الخضر” على السنغال نشر الدولي الجزائري الجديد، أندي ديلور لاعب مونبلييه تغريدة عبر حسابه بموقع التواصل “تويتر”، يعبر فيها عن سعادته بالفوز الرائع أمام منتخب “أسود التيرانغا” الذي كان مرشحًا للفوز على الورق، وكتب أندي ديلور على حسابه الرسمي: “مباراتان، انتصاران، وشباك نظيفة، لنضع أرجلنا على الأرض، شكرًا جزيلاً للجماهير”. وشهدت المباراة دخول أندي ديلور في الخمس دقائق الأخيرة من المباراة، حيث اعتمد عليه المدير الفني جمال بلماضي بديلاً في مكان صاحب الهدف الوحيد في المباراة، يوسف بلايلي. يذكر أن هذه المباراة هي الثانية فقط رسمياً لأندي ديلور مع المنتخب الجزائري، بعد أن شارك احتياطيا أيضا في اللقاء الأول أمام منتخب كينيا، ودخل مكان لاعب السد القطريبغداد بونجاح. مبولحي: هذا وعدي للجماهير الجزائرية وعلينا التركيز قدم الحارس رايس وهاب مبولحي أحد أفضل المباريات مع المنتخب الوطني في مواجهة السنغال، حيث تصدى لعديد الكرات السانحة للتهديف وحافظ على نظافة شباكه ما منح الثقة لزملائه، لتحقيق الانتصار بهدف يتيم. وتحدث مبولحي الذي بدا سعيدا بهذا الانتصار في نهاية المواجهة، عن أهداف المنتخب الوطني في كأس إفريقيا المقامة حاليا في مصر، وقال: “علينا الآن أن نحافظ على تركيزنا، لأن القادم سيكون أصعب، خاصة أن عديد المنتخبات تألقت، وستكون صدامات كبيرة في الأدوار الأخيرة”، ورغم عدم حديثه كثيرا كما كانت عليه العادة، إلا أن مبولحي وعد الجماهير الجزائرية، بالقول: “نعاهد الشعب الجزائري على بذل أقصى مجهوداتنا، ويبقى التوفيق من الله”. يوسف عطال: هدفنا الوصول إلى أبعد دور ممكن في “الكان” أكد يوسف عطال أن مباراة السنغال كانت بمثابة المعيار الحقيقي لقدرات المنتخب الوطني، موضحا أن هدف “الخضر” هو الذهاب بعيدا في كأس إفريقيا 2019، الجارية وقائعها بمصر وتستمر إلى غاية 19 جويلية القادم. وقال عطال في تصريحات تلفزيونية عقب اللقاء: “مواجهة السنغال كانت اختبارا حقيقيا بالنسبة لنا ونجحنا فيه..كنا ندرك صعوبة هذه المباراة لكننا تعاملنا بشكل جيد للغاية..وكنا مثل المحاربين وحققنا الفوز”، وأضاف: “وضعنا رقابة لصيقة على ساديو ماني خاصة في الشوط الثاني..نجحنا في السيطرة على سير اللقاء أمام خصم قوي بدنيا وفنيا”، وأردف: “أشكر الجماهير التي تساندنا دائما في كل المباريات.. ونسعى للوصول إلى أبعد دور ممكن في البطولة وتحقيق لقب كأس الأمم الأفريقية”. وأكد عطال أن المنتخب الوطني لعب كمجموعة واحدة وبروح قتالية، مع تطبيق كل نصائح المدرب جمال بلماضي، وقال: “طبقنا نصائح بلماضي ودخلنا كمحاربين وفزنا، قال لنا بلماضي من الضروري الفوز بالمباراة”، وقدم يوسف عطال مباراة بطولية وأداء جيدا مع تميزه في إيقاف تحركات نجم ليفربول الإنجليزي ساديو ماني على الجهة اليمنى. ويعد عطال من اللاعبين الشبان الذين تعول عليهم الجماهير الجزائرية لنحت مسيرة كروية رائعة. رياض محرز: نسير بخطى ثابتة لتحقيق كأس إفريقيا كشف رياض محرز في تصريحات بمنطقة الإعلاميين بعد نهاية مواجهة السنغال بملعب الدفاع الجوي بالعاصمة المصرية القاهرة، أن الفوز على “أسود التيرانغا” لم يكن سهلا على الإطلاق، مشيرا إلى أن الانتصار هو هدية لكل المشجعين الذين تنقلوا لمساندة “الخضر” بمصر. وقال رياض محرز: “لعبنا أمام منافس قوي ويملك عديد اللاعبين المميزين، هو ليس ساديو ماني فقط، بل منتخب منظم وقوي بروحه الجماعية”، وأضاف: “نهدي هذا الفوز للجماهير الجزائرية خاصة الذين شاهدناهم اليوم بالملعب لقد ساندونا بقوة ونحن نشكرهم لذلك”. وقال محرز إن المنتخب الوطني يسير بخطى ثابتة من أجل تحقيق لقب كأس الأمم الأفريقية وأشار إلى أن تحقيق الفوز على السنغال، منح “الخضر” ثقة كبيرة في صراع البطولة، مؤكداً أن المباراة المقبلة أمام تنزانيا ستكون غاية في الصعوبة، وأوضح أن الفوز سيكون مهما لتعزيز صدارة المجموعة، مشددا على رغبة جميع اللاعبين في إسعاد الجماهير الجزائرية. عبد العالي إيريدير: الجماعية تفوّقت على اللعب الفردي وهذا رأيي في قديورة وفيغولي أرجع المدرب المساعد السابق لمنتخب قطر الأول عبد العالي إيريدير، فوز المنتخب الوطني على أسود التيرانغا، أمس الأول، برسم الجولة الثانية للمجموعة الثالثة بفضل هدف يوسف بلايلي، إلى ثمرة تربص قطر الذي عاد بالفائدة على أشبال بلماضي، وأضاف ايريدير أن إحصائيات هذا اللقاء تتكلم وحدها على أحقية أشبال بلماضي بهذا الفوز، حيث تفوق هذا الأخير على المدرب اليو سيسي تكتيكيا وبدنيا، وعاد بنا ابن ولاية ميلة عبد العالي إيريدير إلى الوراء قائلا: “أعرف هذا المنتخب منذ أن كان يدربه الفرنسي برونو ميتسو الذي يعود له الفضل في تأهل أسود التيرانغا إلى مونديال 2002، حينما أطاحوا بديوك فرنسا”. واعتبر إيريدير فوز “الخضر” على نجوم السنغال مؤشرا ايجابيا، وتوقع بأنهم سيذهبون بعيدا في كأس أمم إفريقيا الحالية، وصرح: “الناخب الوطني جمال بلماضي عرف كيف يسير اللقاء، كما أنه تغلب تكتيكيا على أليو سيسي، كما أن أسود التيراتغا صورة طبق الأصل لفريق 2002، لكن اللعب الفردي طغى كثيرا عليهم عكس المنتخب الجزائري الذي تفوق عليهم جماعيا”، وأضاف المدرب السابق للمنتخب الأولمبي القطري بأن المشكل السلبي لزملاء ماني أنهم لم يحسنوا الانتشار وسط الميدان، ولما تفوق عليهم أشبال بلماضي في المنطقة المذكورة كانت الانطلاقة الحقيقية وحتى أن هدف يوسف بلايلي جاء من تلك المنطقة. وأبدى مدرب اتحاد عين البيضاء السابق تفاؤله بمشوار “الخضر” في هذا “الكان” لكنه حذر من استباق الأحداث وطالب بضرورة مواصلة العمل في صمت، لكنه انتقد اللجنة الفنية للاتحاد الإفريقي عن اختيار بن ناصر أحسن لاعب في اللقاء للمرة الثانية واعتبر بأن فيغولي أو قديورة أحسن منه، وعن لقاء تنزانيا الاثنين المقبل برسم الجولة الأخيرة قال: “أعرف جيدا عقلية بلماضي بحكم أنه عمل معه في منتخب قطر وأتوقع أنه سيجري تغييرين أو ثلاثة على الأكثر في التشكيلة للمحافظة على الانسجام، لأن التغيير فيه أشياء إيجابية وأخرى سلبية”، وأكد في الأخير بأن التغيير سيمس الوسط والهجوم، في حين سيحافظ على نفس التركيبة في الدفاع.