الباقي المتبقي من البقية الباقية لبقايا “الخلاطين”، يطالبون في خرجات مريبة، بتأجيل محاربة الفساد، أو تعطيل هذه الحرب المشروعة إلى أجل غير مسمى، أو إشعار مسمّى بانتخاب الرئيس الجديد، والغريب العجيب أن هؤلاء يربطون بين تنافس المترشحين وبين اصطياد المفسدين، والحال أنه لا علاقة لهذا بذاك، بل إن المتفطنين لحقيقة المعركة، يدركون أهمية وجدوى اقتلاع جذور الفساد قبل انتخاب رئيس الجمهورية! المتضرّرون من الحرب المفتوحة على الإفساد، يناضلون من أجل توقيفها، وهذا بهدف الاستفادة من “هدنة” أو “مهادنة”، قد تتيح لهم الفرصة لاحقا في “عفو” يتأتى بعد مفاوضات وضغط وابتزاز ومساومة و”صفقة”، سيجنون ثمارها لوحدهم، ويكون فيها المواطن وطبعا الخزينة العمومية، أكبر وأوّل المتضررين من هذه الاتفاقية المشبوهة! من أهم المطالب التي رفعها الحراك وحققها تدريجيا هي محاربة الفساد، من خلال شعارات ولافتات “أكليتو البلاد يا السراقين” و”تتحاسبو قاع” و”الشعب يريد القصاص من العصابة”، وقد أثبتت الأيام، أن سقوط العصابة والحاشية وبطانة السوء، بعد رحيل الرئيس السابق، وتلاشي العهدة الخامسة، ومخطط التمديد، كانت بداية المحاسبة بعد تحرّر العدالة! توقيف الحساب والعقاب، يعني في ما يعنيه، استهداف نجاح مسعى محاربة الفساد والمفسدين وتفكيك قوانينه وآلياته وامتيازاته، ومعناه أيضا تحرير العصابة وعدم القدرة على استرجاع المسروقات والمال المنهوب من خزينة الدولة التي هي في الأصل والفصل ملك لكلّ الجزائريين، وعليه فإن العقلاء يعرفون جيّدا غرض الكمشة الداعية إلى تأجيل تأخير كشف الفساد والفاسدين! محاربة الفساد هو مطلب شعبي، ولا ينبغي أن يتوقف إلى غاية تحقيق النصر، بفضح جميع المفسدين ووقف النزيف واستعادة ما تم نهبه بالقانون والحماية والحصانة و”الهفّ”، ودون شك، فإن الرئيس القادم، مهما كان لونه وشكله، فإنه سيكون في أريحية من أمره، عندما يجد كلّ الوزارات والمؤسسات منظفة ومطهرة من أولئك الذي أكلوا مع السابقين واللاحقين، وبقاؤهم سيتيح لهم الفرصة ليأكلوا مع القادمين! قوّة الفاسدون قد تكمن في القدرة على التكيّف والتعايش، ولذلك فإن ما يحدث حاليا من مكافحة ومحاربة ومواجهة وتحييد، عن طريق التحقيقات والمحاكمات، لا يُمكنه برأي محايدين، إلاّ أن يُغضب متواطئين أو متورطين أو منتفعين أو “غمّاسين”، لم يقنعوا فلا يريدون أن يشبعوا، والأغرب من هذا وذاك، أنهم يجهرون برفضهم لمحاربة الفساد بحجة أن “الظرف غير موات”(..)، وأن المسألة “ليست أولوية”(..)، والحال أنهم يريدون التستّر على مفسدين أو مساعدتهم على الإفلات من العقاب!