نفى الاتحاد الجزائري لكرة القدم (الفاف) وجود أي نية لرئيسه خير الدين زطشي الاستقالة من منصبه، عقب الأزمة العاصفة التي اندلعت عقب عودة وفد المنتخب الوطني الأول من مصر حاملا كأس الأمم الإفريقية التي يتوج بها يوم 19 جويلية الماضي، وذلك بعد أن ترددت أنباء قوية عن عزم زطشي تقديم استقالته بسبب تهميشه وإقصائه من “التكريم” الرسمي من طرف رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، والجفاء والبرودة اللذان عومل بهما من طرف الرسميين، رغم أنه جزء من الانجاز المحقق بصفته رئيس أعلى هيئة كروية في البلاد. بيان “النفي” الذي أصدرته الفاف ليلة الخميس جاء في الوقت بدل الضائع، وبعد أن تم تداول خبر “الاستقالة الوشيكة” لزطشي بقوة وسط وسائل الإعلام الوطني وحتى الأجنبية، ما أحدث ضجة شديدة، وفتح الباب أيضا أمام العديد من التأويلات، والروايات، وأهمها احتمال لجوء زطشي ل”الحيلة” عبر الترويج لخبر استقالته عبر مقربيه، ردا على المعاملة “السيئة” التي لاقاها وجعل “السوسبانس” والإثارة والترقب سيد للموقف، وذلك قصد امتصاص الضغط الرهيب الذي تعرض له في الأيام القليلة الماضية، وكذلك قياس مدى درجة شعبيته وكيفية تفاعل جماهير المنخب مع أي انسحاب محتمل لرئيس الفاف، فضلا عن التلويح ب”عصا” المدرب جمال بلماضي ولاعبي المنتخب “أبطال إفريقيا” اللذان يملكان شعبية جارفة منذ تحقيقهم للقب القاري منذ أكثر من 29 سنة من القحط، بعد مشوار خرافي على “أرض الكنانة”، وتسرّبت في الفترة الأخيرة التي شهدت ترويجا قويا لاحتمال استقالة زطشي، معلومات تفيد بأن بلماضي ونجوم المنتخب الوطني سيسيرون على خطى زطشي في حال انسحب الأخير، في مؤشر لا يعدو سوى وسيلة ضغط ل”ليّ” ذراع كل من يريد “رأس” رئيس الفاف، الذي يريد تحصين نفسه وجعلها في موقع قوة محتميا ببلماضي ونجوم المنتخب الذين أضحوا يملكون وزنا قويا ومؤثرا، بل وتحوّلوا إلى رموز في البلاد. وحمل بيان الفاف الذي نفى فيه استقالة زطشي من منصبه، رسالة مشفّرة إزاء “إقصاء” زطشي من التكريم الرسمي، حيث ضم البيان رسالة شكر وعرفان لكل من ساهم في تحقيق اللقب القاري “بشكل عام” دون أي “تخصيص” مشددا على دور الجماهير، وجاء في البيان:”الاتحاد الجزائري لكرة القدم يوجه تشكراته لكل من ساهم من قريب أو من بعيد في هذا النجاح التاريخي، ما يوجه الاتحاد أيضا شكره العميق على كل رسائل التهنئة التي تلقاها من طرف الهيئات والرسميين الجزائريين، والممثليات الدبلوماسية بالجزائر، وكذا مدراء المؤسسات والمتعاملين الاقتصاديين العموميين والخواص وكذا الهيئات والشخصيات الأجنبية”، مضيفا:”كما تحيي الفاف بحرارة الشعب الجزائري وتنحني أمام الكمّ الهائل من العواطف والأحاسيس الجياشة والفخر والسعادة التي أظهرها بعد عودة المنتخب الوطني إلى أرض الوطن الذي والاستقبال غير المسبوق الذي خصصه له والذي سيبقى محفورا في ذاكرة وتاريخ الرياضة الجزائرية”. خلفيات الأزمة وراجت مطلع الأسبوع الماضي، أخبار كثيرة عن قرار خير الدين زطشي، تقديم استقالته من منصبه خلال اجتماع المكتب الفدرالي في شهر جويلية الحالي والذي كان مرتقبا يوم الخميس الماضي قبل أن يتم تأجيله ليوم الثلاثاء القادم، وهذا بسبب ما اعتبره رئيس الفاف “تجاهلا خلال تكريم “الخضر” من طرف رئيس الدولة عبد القادر بن صالح السبت الماضي، حيث لم يظهر المسؤول الأول على الكرة الجزائرية، في الصورة الجماعية الرسمية التي ظهر فيها عبد القادر بن صالح مع اللاعبين والطاقمين الفني والإداري، كما لم يتحصل على وسام الاستحقاق، وهو ما جعل زطشي يحس بأنه غير مرغوب فيه ويشعر بالإهانة التي يجب أن تدفعه إلى رمي المنشفة في أقرب وقت ممكن. وعن أسباب “الجفاء” الذي عومل به رئيس الفاف وحسب مصادر متطابقة فإن زطشي، لم يول اهتماما لزيارة رئيس الدولة إلى مصر، حيث لم يكن في استقباله في مطار القاهرة الدولي بسبب انشغاله بالجمعية العامة للكاف، ومعترك الانتخابات التي دخلها عضو المكتب الفيدرالي عمار بهلول، فضلا عن الطريقة التي قابل بها زطشي رئيس الدولة والتي لا تمت بصلة لأعراف البرتوكولات التي تجبره على التواجد مع رئيس الدولة باعتباره حضر إلى القاهرة لغرض كروي وهو الوقوف مع المنتخب في اللقاء النهائي وتحفيزه على الفوز وتحقيق كأس إفريقيا وهو الهدف الذي حققه اللاعبون والمدرب وكل الطاقم الفني والإداري والأنصار الذين غزوا القاهرة عبر جسر جوي فاق 40 طائرة خصصتها الدولة الجزائرية، واشتدت الأزمة حول رئيس الفاف، بعد الرسالة التي بعث بها رئيس مجلس الأمة، صالح قوجيل، إلى المنتخب الوطني المتوج بكأس إفريقيا، والتي استثنت رئيس الفاف خير الدين زطشي دون غيره، فضلا عن عدم حضور زطشي إلى مبنى التلفزيون رفقة التاج الإفريقي ما أعطى مؤشرات قوية على أن المسؤول الأول عن الكرة الجزائرية أصبح غير مرغوب فيه ومغضوب عليه، وأنه مطالب برمي المنشفة. وفي سياق متصل، لم تستبعد بعض القراءات أن “ولاء” خير الدين زطشي لأفراد محسوبة على “العصابة”، خلال المرحلة السابقة، يكون وراء انقطاع حبل الود بينه وبين السلطة، خاصة وأن زطشي يواجه متاعب جمة طعنت في شرعيته ومدى قانونية تواجده على رأس الفاف بسبب التصاق اسمه بإسم أفراد من “العصابة”. النّص الكامل لبيان الاتحاد الجزائري لكرة القدم: “يواجه الاتحاد الجزائري لكرة القدم ببالغ الأسف منذ أيام، حملة شرسة قصد افساد احتفالات الجزائريين وإحباط معنوياتهم، رغم أن الجزائر بطلة إفريقيا في دورة مصر 2019، وذلك عبر الترويج لاستقالة الرئيس خير الدين زطشي الذي يؤكد رفقة أعضاء المكتب الفدرالي، بأن كل المعلومات الواردة من هنا وهناك في مخلف وسائل الإعلام، في هذا الشأن عارية تماما من الصحة..زطشي يمارس مهامه بشكل عادي على مستوى الهيئة الكروية..الكرة الجزائرية بحاجة للهدوء والسكينة، قصد السماح لكل القوى الحية التي تكوّنها بالعمل على الاستثمار في هذا الانجاز التاريخي، وضمان تتويجات وألقاب أخرى مستقبلا، خاصة على مستوى منتخبنا الوطني الذي يبقى بحاجة لدعم غير مشروط استعدادا للاستحقاقات القادمة.. الاتحاد الجزائري لكرة القدم يوجه تشكراته لكل من ساهم من قريب أو من بعيد في هذا النجاح التاريخي، ما يوجه الاتحاد أيضا شكره العميق على كل رسائل التهنئة التي تلقاها من طرف الهيئات والرسميين الجزائريين، والممثليات الدبلوماسية بالجزائر، وكذا مدراء المؤسسات والمتعاملين الاقتصاديين العموميين والخواص وكذا الهيئات والشخصيات الأجنبية..كما تحيي الفاف بحرارة الشعب الجزائري وتنحني أمام الكم الهائل من العواطف والأحاسيس الجياشة والفخر والسعادة التي أظهرها بعد عودة المنتخب الوطني إلى أرض الوطن الذي والاستقبال غير المسبوق الذي خصصه له والذي سيبقى محفورا في ذاكرة وتاريخ الرياضة الجزائرية”.