اعترف محمد ميراوي وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، يوم أمس خلال اليوم التقييمي الثالث حول زراعة الأعضاء المنعقد بالمعهد الوطني للصحة العمومية بالأبيار، بأن عمليات زرع الأعضاء لا تسير بالوتيرة التي يتطلع إليها المسؤولون في الجزائر، وذلك بالنظر إلى عدد المرضى الذين ينتظرون في قوائم الانتظار فرصتهم في الظفر بعملية زرع تنهي معاناتهم مع المرض. وأكّد الوزير ردّا على سؤال “الشروق اليومي” بخصوص عدد المرضى في قوائم الانتظار أن القائمة لم تكتمل بعد وأن الوزارة بصدد الإشراف على إعدادها من خلال العمل الجاري على مستوى الوكالة الوطنية لزرع الأعضاء، لذا لا يمكن تقديم أي أرقام رسمية غير أن الآمال والتطلعات لا تزال بعيدة جدا عن الواقع يضيف الوزير. 660 عملية زرع خلال السداسي الأول للسنة الجارية واستعرض ميراوي آخر حصيلة لعمليات الزرع في بلادنا فرغم العدد التصاعدي المسجل في عمليات زراعة الأعضاء منذ عام 2015، وكذلك العمليات التي أجريت خلال السداسي الأول من هذه السنة إلا أن العمليات لم تتجاوز 153 عملية لزرع الكلى و7 عمليات زرع الكبد و228 عملية زرع الأنسجة و272 عملية زرع خلايا جذعية، وهي حصيلة بلغت في مجملها 660 عملية زرع، تعكس الفرق بين عمليات الزرع التي أجريت وعدد المرضى الذين يتواجدون في قائمة الانتظار. واعتبر وزير الصحة عمليات الزرع من متبرع متوفى، الوسيلة الأنجع من خلال وضع إطار قانوني تنظيمي لضمان تطوير نزع الأعضاء من المانح الميت وفقا لما ينص عليه قانون الصحة الجديد. وهنّأ الوزير الفرق الطبية المشاركة في عملية النزع متعدد الأعضاء التي تمت في شهر ماي المنصرم من مانح متوفى، حيث كانت أول عملية من نوعها في الجزائر مع التأكيد على مواصلة مثل هذه العمليات بصفة مستدامة ومنظمة في كل من الجزائر العاصمة، باتنة وقسنطينة. وكذا الفرق الطبية في المصالح الصحية العسكرية التي أنجز بفضلها 7 عمليات زرع كبد بالمستشفى العسكري بقسنطينة. وأفاد الوزير أن “برنامج زراعة الأعضاء في الجزائر تحت رعاية وزارة الصحة عرف قفزة نوعية، خاصة بعد صدور المرسوم الرئاسي سنة ٬2012 الذي استحدثت من خلاله الوكالة الوطنية لزراعة الأعضاء التي انطلقت في العمل سنة 2015، غير أنّ الوكالة تواجه في تنفيذ مهامها عدة تحديات تقنية وتنظيمية، يتطلب تجاوزها تضافر جهود جميع الفرق المكلفة بعمليات انتزاع وزرع الأعضاء لتطوير البرنامج الوطني لزرع وانتزاع الأعضاء، والأنسجة، والخلايا”. إلزامية الإعلان عن حالات الموتى دماغيا وكشف ميراوي عن حزمة من القرارات التي تم اتخاذها في هذا السياق من أجل تطوير وتنمية مجال زراعة الأعضاء من الموتى في بلادنا ومن أهمهما إلزام جميع المصالح الاستشفائية بالإعلان عن حالات الموتى دماغيا للانطلاق في الإجراءات حسب ما يقتضيه القانون فيما يخص ترخيص العملية والتأكيد على ديمومتها مع تعيين منسق وطني لمتابعة وإحصاء حالات الموت الدماغي بغية التبرع بالأعضاء وكذا تجسيد الاستراتيجية الوطنية للمناعة، حيث يقوم المختبر المرجعي الوطني في معهد باستور بضمان هذه المهمة، بالإضافة إلى تفعيل الاستراتيجية الوطنية لتسيير بنك الأنسجة في الجزائر وتطوير عملية انتزاع القرنية على المستوى الوطني و اعتماد الاستراتيجية الوطنية لتطوير زراعة الأنسجة والخلايا عند الكبار والأطفال، مع اعتماد برنامج وطني لزراعة الكبد عند البالغين والأطفال. وألح الوزير على اعتماد قائمة الانتظار الوطنية (LNA) للمرشحين المحتملين لعملية الزرع (من الأحياء، والمتوفين دماغيا) خلال الثلاثي الأخير من عام 2019 كخطوة أولى لتشغيل نظام معلومات زرع الأعضاء لضمان القيام بأنشطة الانتزاع المتعددة للأعضاء. من جهته، أوضح بورحلة مدير الوكالة الوطنية لزرع الأعضاء أن التحدي الذي ستخوضه الوكالة مستقبلا هو التوجه نحو الزرع من الموتى دماغيا وذلك بالتعاون مع مؤسسات وقطاعات عديدة خاصة في مجال التوعية والتحسيس بأهمية التبرع وإنقاذ حياة آلاف المرضى وسينضم إلى العملية التوعوية قطاع الشباب والرياضة والاتصال والشؤون الدينية وغيرهم. وقصد تطوير الزرع في بلادنا سيتم التركيز، حسب المتحدث، على تكوين الطاقات البشرية والفرق الطبية، مؤكدا توفير الإمكانيات لإنجاح العملية. وكشف بورحلة أنّ عمليات زرع الكلى والقرنية والخلايا الجذعية والكبد والأنسجة هي أكثر ما يزيد الإقبال عليه من قبل المرضى الجزائريين. البروفيسور ريان: 20 عاما ولم يقتنع الجزائريون بأهمية التبرع بدوره، أكد البروفيسور ريان رئيس مصلحة أمراض الكلى بمستشفى نفيسة حمود “بارني” والعضو بالوكالة الوطنية لزرع الأعضاء أن إجبارية التصريح بالموتى دماغيا للتبرع بأعضائهم لطالما كان من أهم المطالب لأزيد من 5 سنوات مضت مع توفير أسرة لإنعاشهم وفق ما تقتضيه أخلاقيات المهنة بالإضافة إلى التنسيق الاستشفائي وتطويره. وأكد ريان أن الجزائر تسير ببطء في مجال عمليات الزرع غير أن الإجراءات الأخيرة المتخذة تبشر بالخير وأنه يتم تجسيدها فعليا وفق مطالب وتوصيات المختصين. وقال ريان إن أكبر عائق هو ذهنيات مجتمعنا التي يجب أن تلين وتتوعى بالفائدة والأجر الذي سيناله المتبرعون بزرع الحياة في أجساد أخرى، وهو ما يتم العمل عليه لأزيد من 20 عاما مضى. وأوضح ريان أن عمليات زرع الكلى باتت روتينية للفرق الطبية الجزائرية وهي أقل تعقيدا من باقي العمليات، داعيا إلى معاقبة كل من يثبت تقصيره في نجاح عملية الزرع ومحاسبة الجميع للتمكن من التقدم نحو الأمام، موضحا أن حنو 10 آلاف مريض كلى يحتاجون لعمليات زرع وهو ما يمثل نصف مرضى القصور الكلوي المقدر عددهم ب23 ألف مريض.