أطلق الأطباء وأعوان شبه الطبي هذه الأيام حملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت شعار “أنا طبيب ولست إطفائيا” يستنكرون من خلالها التحامل عليهم وتحميلهم مسؤولية وضع منظومة الصحة الكارثية في الجزائر، وهذا بعد حادثة حريق الرضع بمستشفى الوادي وتحميل المسؤولية للطاقم الطبي حتى قبل الانتهاء من التحقيقات، كما استنكرت التنسيقية المستقلة للأطباء المقيمين إجراءات المتابعة القضائية “الاستعراضية” في حق الطاقم الطبي الجزائري رغم أن الحادثة وقعت في الغرفة الخاصة بالطاقم الطبي الكوبي. لا تزال تداعيات الحريق الذي نشب بمستشفى الأم والطفل بالوادي تلقي بظلالها على قطاع الصحة في الجزائر، وخاصة بعد اتخاذ الوزارة الوصية لجملة من الإجراءات التي تصب في مجملها في خانة تجريم الطاقم الطبي من أطباء ومسؤولي المناوبة وممرضين دون أخذ بعين الاعتبار نقص الوسائل والإمكانيات وسوء التسيير الإداري وعدم صيانة أجهزة الإنذار الخاصة بالحرائق التي كانت سببا رئيسيا في الكارثة، وما زاد الطين بلة هو معاقبة الطاقم الطبي الجزائري بدل الكوبي رغم أن الرضع المتوفين كانوا تحت رعاية ممرضة كوبية، وهو ما دفع بالعاملين في المستشفى إلى الإضراب عن العمل تضامنا مع زملائهم واستنكارا للقرارات العشوائية التي اتخذت حيال القضية. في السياق، أطلق الأطباء حملة استنكار عبر موقع الفايسبوك جاء فيها: “أنا طبيب ولست مسؤولا إداريا يجب أن يسهر على طلب واقتناء المعدات وحتى ولو راسلت الإدارة بخصوصها فلن يلتفت إلى مراسلتي أحد”، وعبر المعنيون عن امتعاضهم من تحميلهم مسؤولية فشل الوزارة في توفير مستشفيات تتوفر فيها أدنى معايير الاستشفاء وتلبي حاجيات المرضى، وكتب طبيب آخر يقول: “أنا طبيب ولست تقنيا لأصلح آلات وتجهيزات المستشفيات المتآكلة”! إلى ذلك أصدرت التنسيقية المستقلة للأطباء المقيمين بيانا لها أمس أكدت فيه على أنها لطالما حذرت من الوضعية الكارثية للمستشفيات وهو ما دفعها إلى خوض أطول إضراب في الجزائر دام ثمانية أشهر، كانت تطالب بنظام يضمن رعاية صحية عادلة ومتكافئة للجميع وحذرت من السياسة المنتهجة في القطاع وعواقبها الوخيمة على حياة الجزائر لكن –يضيف البيان- لا توجد أي إرادة للتغيير مع استمرار للهروب إلى الأمام والحول الترقيعية التي خلفت ضحايا أبرياء رضعا وجدوا أنفسهم بين ألسنة النيران في مستشفى سبق أن شهد حريقا مماثلا لكن دون اتخاذ إجراءات لحل الإشكال. وكشفت التنسيقية أن المستشفى الذي شهد الحادثة لا تتطابق فيه مصلحة المواليد الجدد مع معايير الأمن والسلامة إذ تتكون من مدخل وحيد يؤدي إلى أربع غرف مكتظة دون أي مخرج للنجدة مع قلة فتحات التهوية، إضافة إلى جدران مغطاة بصفائح مادة pvc القابلة للاشتعال، مع غياب تام حسبها لنظام إنذار الحرائق.