أعرب الكيميائي الجزائري عماد الدين عزوز، عن أمله في استكمال مشروع ابتكاره العلمي الذي يشارك به في الموسم الحادي عشر من برنامج الاختراعات العربي “نجوم العلوم”، مؤكدا أن النموذج الأولي لجهازه الذي يكشف عن مرض السرطان قبل ظهور أعراضه قد “حقق نتائج مبهرة”. وتحدث عزّوز في حوار حصري خص به “الشروق” عن اختراعه “المسح الطبي للزفير” الذي تأهل به إلى مرحلة “النموذج الهندسي”، كما عرج على مشواره العلمي وتفاصيل حياته الشخصية. الجمهور الجزائري يعرف عماد الدين عزوز “المتسابق”، ولكن لا يعرف عماد الدين عزوز الإنسان، هل لك أن تعرفنا بنفسك؟ عماد الدين عزوز 35 سنة، ولدت في مدينة تلمسان، نشأت ودرست حتى مرحلة الثانوي في منطقة “سبدو”، تحصلت على شهادة الدراسات العليا والماجيستير في الكيمياء التحليلية بجامعة تلمسان، بعدها انتقلت إلى فرنسا ونلت الماستر في الكيمياء العضوية التحليلية والدكتوراه من جامعة “بيار وماري كوري”، اشتغلت في البحث العلمي ومدرسا بالجامعة، عدت إلى الجزائر وأعمل حاليا في مركز البحث العلمي والتقني في التحاليل الفيزيائية والكيميائية. كيف عرفت ببرنامج “نجوم العلوم” وشاركت فيه؟ عند بداية البرنامج في سنواته الأولى كنت مقيما بفرنسا ولم أكن على علم به، حتى شارك فيه صديقي عبد الرحيم بورويس في الموسم الثامن وفاز بالمركز الثاني، فشجعتني مشاركته على التقدم في الموسم العاشر مع مشروع لتنقية هواء السيارة الداخلي، وللأسف لم أنجح، ولكن هذا الرفض لم يمنعن من التقديم مرة أخرى هذا الموسم، والحمد الله نجحت هذه المرة بالوصول إلى هذه المرحلة بمشروعي الآخر. هل نجاح المتسابقين الجزائريين في بلوغ أدوار متقدمة من البرنامج شجعك على المشاركة؟ ليس بالضرورة، كان هناك كثير من الجزائريين الذين استطاعوا الوصول إلى نصف النهائي أو النهائي، ولكنني لا انظر إلى أن الجنسية هي عامل أساسي بالنسبة لنجاحهم، أعتقد أن نجاح صديقي عبد الرحيم هو الذي ألهمني في أن أشارك ومنحني دفعة قوية، الشيء الآخر الذي دفعني هو التحدي، فأنا شخص يحب تحدي نفسه. ما تقييمك لرحلتك في برنامج “نجوم العلوم” إلى حد الآن؟ وكيف عشتها بعيدا عن الكاميرات؟ إنها رحلة ممتعة، اجتزت مرحلة الطالب من زمان وأصبحت أستاذا جامعيا يقيم الطلبة والبحوث، ولكن البرنامج جعلني أعود مرة ثانية إلى مرحلة الطالب، حيث تعاملت مع أشخاص أعلى مني لتقييم مشروعي. ساعات العمل عندي خلال البرنامج كانت تبدأ من الساعة الرابعة فجرا وتنتهي عندما اذهب للنوم الساعة 11 مساء، ومع أن هذا الريتم من العمل مجهد، إلا أن الأدرينالين يجعلك دائما مستيقظا وعلى أعصابك، لأن الوقت من ذهب في نجوم العلوم بسبب قصر مدة المنافسة، حيث يجب على الشخص إعطاء كل جهده خلالها. كنت بعيدا عن أهلي وأولادي وزوجتي، والمشاركة لم تكن سهلة، لأننا نتنافس ونقيم أمام العالم وهو شيء كبير ومسؤولية يجب تحملها. وماذا استفدت؟ استفدت من جو التفاني في العمل والنقاشات مع الخبراء، “نجوم العلوم” مكان للتعرف على خبراء ومخترعين من كل الدول العربية والمقيمين في الخارج، فهي تجعلك تشعر بالخير والمواهب الموجودة في العالم العربي وتحيي الأمل في أن الشباب العرب يمكنه أن يبدع. ما المعوقات أو التحديات التي واجهتك أو قد تواجهك في تنفيذ ابتكارك؟ ابتكار المسح الطبي للزفير يحتاج إلى خبراء من جميع المجالات، والدعم المادي والعلمي لينجح. التحدي هو أن أصنع الجهاز وطريقة تحليل البيانات، ومع ذلك وباستخدام أدوات تقليدية استطعنا أن ننتج النموذج الأولي الذي أوصلنا إلى نتائج مبهرة. ماذا يمكن أن تقدم بهذا الابتكار للمجتمع والعالم العربي؟ لو استطعت أن أنقذ حياة شخص واحد، لفعلت وستغمرني السعادة، لدي العديد من الابتكارات ومنها المنشورة عند المنظمة العالمية للملكية الفكرية، ولكن “المسح الطبي للزفير” هو للعالم أجمع، رؤيتي أن هذا الابتكار هو لتوحيد العلماء والمختبرات باستخدام جهاز واحد فعال. تشارك في البرنامج بمشروع طبي، وفي الموسم الماضي توج مشروع من نفس المجال بلقب “نجوم العلوم”، هل تتوقع الفوز باللقب؟ هناك حضور قوي للاختراعات الطبية هذا الموسم، حيث تتمحور أربعة اختراعات من أصل ثمانية حول هذا الجانب مما يعطيها الاحتمالية الكبيرة بالفوز مرة أخرى في هذا الموسم. ما هي خططك المستقبلية؟ أنا في مفترق الطرق بين تكملة بحثي العلمي أو تأسيس شركة ناشئة، يجب أن أبحث عن بيئة أخرى تحفز الابتكار لأقوم بالقفزة من وظيفتي إلى ريادة الأعمال. في الأخير.. ما هي الرسالة التي توجهها للجزائريين من خلال “نجوم العلوم”؟ الجمهور الجزائري بطبعه جمهور عنيد، ويحب العلم والتألق. هناك العديد من المبدعين في الجزائر العميقة أحسن مني، لكنهم لم ينالوا الشهرة أو الفرصة، أقول لهم اركضوا وراء حلمكم حتى وإن وجدتم عراقيل، سافروا واطلبوا العلم ولا تفشلوا وستصلون إلى الهدف المسطر بإذن الله. ابن تلمسان “عازف للبيانو” ويملك مجموعة من المؤلفات الخاصة.. هذه التفاصيل الكاملة لمشروع عماد الدين عزوز في “نجوم العلوم”! بعيدا عن مهنته في الكيمياء التحليلية، عماد الدين عزوز، هو رجل متعدد المواهب الإبداعية، فهو ملم بالأعمال وعلوم الحاسوب والرياضيات منذ نعومة أظافره، كما أنه كان عازف بيانو لديه مجموعة من المؤلفات الخاصة. واجه عماد الكثير من التحديات خلال مشواره، ولكن هذا لم يمنعه من الحصول على أربعة براءات اختراع ونشر خمسة مشاريع بحثية حتى اليوم. وخلال دراساته وسفراته العابرة للقارات، تكوّن لديه إحساس فريد بالرابط بين الابتكار العلمي والتكنولوجيا، والذي ألهمه في نهاية المطاف للانضمام إلى برنامج “نجوم العلوم” ومشاركة روحه الإبداعية مع المجتمع العربي الأشمل. ورغم كل تجاربه، فإن مصدر إلهام عماد الدين قريب للغاية، فبعد وفاة اثنين من أقاربه (كلاهما من المدخنين الشرهين)، حوّل الكيميائي انتباهه إلى الدراسات العلاجية المتعلقة بالسرطان. ويقول: “لست فيزيائيًا أو عالم أحياء، أنا كيميائي. إن الانبعاثات الغازية لمرض السرطان هي فريدة من نوعها تمامًا كبصمات الأصابع. تختلف كيمياء الخلايا السليمة عن كيمياء الخلايا المصابة بالسرطان، ومن هنا نبعت فكرتي”. حلم الاختراع! إن الكشف المبكر عن السرطان هو من اختصاص المجتمع العلمي، وعماد يريد أن يكون جزءًا من الحلّ. حيث يهدف مشروعه إلى توفير طريقة مبتكرة لكشف الإصابة بالسرطان قبل ظهور الأعراض الأولية للمرض. وعلى عكس عينات الدم، فإن التنفس غير محدود. ومن خلال المسح الطبي للزفير، يصنف مشروع عماد حالة المريض من خلال التحليل الكيميائي للخلايا المصابة بالسرطان. ويمكن القول بأن القدرة على اكتشاف السرطان من خلال الجهاز التنفسي قد تعتبر حلًا لطيفًا وأقل تدخلًا للمجتمع الطبي. ما الفائدة من المشروع؟ يوفر جهاز المسح الطبي للزفير مستوى جديدًا من الدقة لأجهزة “أخذ عينات التنفس” الحالية. ويمنح المهنيين الطبيين الوقت للتشخيص قبل ظهور الأعراض لأول مرة. وسوف تستفيد البلدان النامية ذات الموارد المالية المنخفضة على وجه الخصوص من هذا النظام التشخيصي السريع. إنه ابتكار علمي حقيقي. وفي الموسم الخامس عام 2013، فاز الدكتور الجزائري محمد دومير بلقب “نجوم العلوم” عن اختراعه الذي يشخّص إصابات الحيوان وأوجاعه أثناء سيره، فيما حلّ الجزائري الآخر مراد محمد بن عصمان في المرتبة الرابعة من الموسم السابع عام 2015، وعادت المرتبة الثانية العام قبل الماضي للمخترع عبد الرحيم بورويس، صاحب ابتكار “ونداركيت” (القميص الذكي الخاص بمرضى التوحد)، وحققت سيليا خشني المرتبة الثالثة في آخر مشاركة للجزائريين في مسابقة الابتكار العربية الموسم الفارط، وقدمت مشروعا حول رصد الطائرات المسيَّرة “درونز” والتشويش عليها. “نجوم العلوم” برنامج تلفزيوني تعليمي وترفيهي، أطلق بمبادرة من مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، ويعتبر الرائد في العالم العربي في مجال الابتكار، كما يهدف إلى دعم وتشجيع رواد الأعمال الطموحين في مجال العلوم والتكنولوجيا في المنطقة ويتخطى عدد خريجي البرنامج 131 مخترع من 18 دولة عربية، ممن نجحوا في تحقيق النجاح تلو الآخر، فنجحوا في جمع أكثر من 14 مليون دولار أمريكي على شكل إيرادات ومنح وتمويل جماعي بشكل مستقل، وذلك فضلا عن فوزهم بمئات جوائز الابتكار، كما ساهم خريجي البرنامج في تأسيس شركات، وتوفير فرص عمل، والمشاركة في حوارات ملهمة، وبناء مدارس، ملهمين بذلك جيلا كاملا. للتذكير يعرض “نجوم العلوم” كل سبت على الساعة السابعة والنصف مساءً، دائما وحصريا على شاشاتكم “الشروق تي في”.