البرلمان الأوروبي، أو بالأحرى “نوائب” و”نائبات” فيه عاد مجدّدا ليحشر أنفه في الشأن الداخلي للجزائر، معلنا عن تخصيص “جلسة للوضع الجزائري”(..)، والحال أن هذا “البرلمائي” لا يريد أن ينشغل بمشاكل سربه، على شاكلة ما يحدث بفرنسا منذ عدّة أشهر بسبب ثورة “السترات الصفراء”، فالجزائر أقرب في خارطة البرلمان من فرنسا، ولذلك فهم مهتم ومنشغل وقلق وخائف.. طبعا على مصالح مجموعته التي لا يريدها أن تذهب هباء منثورا! بعيدا عما يسمى ب”الأيادي الخارجية”، فإن عودة هذه الهيئات الأجنبية إلى “الوضع الداخلي” كلما كانت الجزائر في منعرج حاسم ومصيري، يؤكد إلى ما لا نهاية، أن العلاقات الدولية، تنقسم إلى قسمين: قسم ظاهر بتصريحات واتفاقيات رسمية معلنة، وقسم خفي يخضع في أغلب الأحيان إلى التحريك والتوظيف والتأليب والاصطياد في المياه العكرة! من لا يعود إلى التاريخ والأرشيف، لا يمكنه بأيّ حال من الأحوال، أن يحلّل ظاهرة التدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية للدول، وليس من باب التهويل أو الترويع، عندما يقف الملاحظون عن عمليات “الحشر” ومحاولات الاستهداف التي تعرّضت لها الجزائر خلال عديد المراحل، كانت في أغلبها واردة من نفس الجهات وعلى ألسنة نفس الهيئات تقريبا! المصيبة أن التاريخ والأحداث السابقة واللاحقة، تكشف للأسف بالجملة والتجزئة، وهذا ليس سرا ولا سبقا، أن أفرادا ومجموعات معزولة وشاذة، ترتمي في كلّ مرّة بين أحضان هؤلاء “المتدخلين” في ما لا يعنيهم فيسمعون في كلّ مرة ما لا يرضيهم، وقد بدأ الردّ المفحم فعلا وقولا وعملا، عبر الفايسبوك وعلى ألسنة سياسيين ونخبة ومواطنين من الحراك بصوت واحد: “..اخطونا”! الجزائري بفطرته وغريزته، وبعقيدته المستنسخة عن أبجديات ومبادئ ثورة نوفمبر، يرفض التدخل في شأن عيره، إلاّ إذا كان من أجل إصلاح ذات البين والمساهمة في إطفاء نار الفتنة، كما يرفض رفضا قاطعا وبأيّ شكل من الأشكال، أن يتدخل غيره في أمور بيته، خاصة إذا كان مصدر “النسّيس” من جهات مشبوهة لا يأتي منها ومعها إلاّ الشرّ والعياذ بالله! الخوف من تضييع الجمل بما حمل، وخسارة الخروف والصوف معا، هو الذي يحرّك أولئك “الخلاطين” والمتآمرين الذين يبحثون عن “القمل في راس الفرطاس”، والذين مثلما تعوّد “أصدقاؤهم” و”حلفاؤهم” داخل الجزائر خلال السنوات الماضية على “الكوطة” وفيتو التعيين، فإنهم هم أيضا “والفو” سنّ الاتفاقيات ونتف الاستثمارات على المقاس والاستفادة أيضا من تقنين نهب الخيرات والثروات باسم التعاون والشراكة، وهذا هو بيت القصيد، في عودة ريمة وحليمة اللئيمة إلى عادتها القديمة!