أزيد من 9 ملايين تلميذ لفظتهم المدرسة ورمتهم في أحضان الحجر المنزلي للوقاية من كورونا، هذا الفيروس الذي منعهم من اللعب سويا في مساحات الحي والتمتع مع أوليائهم في المنتزهات والحدائق، وحتى زيارة الأهل والأقارب، والسفر بعيدا عن مدينتهم.. أطفال ومراهقون تعودوا الركض ولو كان بأيديهم لطاروا في السماء ونافسوا أسراب الطيور، فلا يمكن بسهولة كبح حيويتهم الجامحة. وبات حسب المختصين في علم النفس والاجتماع، أمام الأولياء مسؤولية كبيرة لاحتواء تصرفات أبنائهم وما يصدر عنهم من ردات فعل، جراء الحجر المنزلي، ولحمايتهم من عدوى فيروس كورونا المستجد، ومنعهم من الخروج واللعب مع اقرأنهم والاختلاط بالغير، كما هي فرصة لتعديل السلوك بالحرص على النظافة وملء أوقات الأطفال بالمطالعة والمشاركة في شؤون البيت. حجر الأطفال فرصة لتعديل السلوك وأوضحت رئيسة مخبر الأسرة، البروفسور صباح عياشي، أن التلاميذ خرجوا من الجانب المعرفي إلى السلوكي من خلال تطبيق ميداني لآليات النظافة، والمشاركة مع أوليائهم في شؤون المنزل، وهذا تعويضا لأوقات كانوا يقضونها في اللهو واللعب، كما أن حسبها، الخوف من العدوى، شد انتباه الطفل إلى ما هو تطبيقي أكثر مما هو معرفي، وأن الحملات التضامنية التي يطلع عليها بعض الأطفال على منصات التواصل الاجتماعي، وفي الأحياء وتتحدث عنها وسائل الإعلام، ستترسخ كسلوك في مرحلة تنشئتهم. وقالت إن التربية تعديل للسلوك، وإن نظافة اليدين، والمحيط تطبيق على أرض الواقع، وإن 9 ملايين تلميذ خرجوا من المدرسة وهم يواجهون اليوم إشكالية الحياة المتعلقة ب"كورونا"، فإن هذه الأخيرة رمت بهم في مختبر التجربة. كورونا قد تحد من فوضى الحياة عند بعض الأسر وفي السياق، أكد الدكتور أحمد رواجعية، أستاذ علم الاجتماع، أن الكثير من العائلات الجزائرية تعيش نوعا من فوضى الحياة، واللامبالاة بأساليب الوقاية والنظافة، وهذا كان يغرس في شخصية أطفالهم، معتبرا أن الإفراط في التقبيل والمصافحة يتخذه البعض كوسيلة للنفاق على حساب عدم الاحتراز من عدوى المرض والنظافة. وقال إن أطفالا كثيرين، يضعون النقود في أفواههم، وهذا السلوك حملوه من آبائهم، حيث يلاحظ حسبه، بعض السائقين يمسكون مفاتيح السيارة وحتى النقود بالفم، بل ويصافحون الأشخاص ويطيلون إبقاء أيديهم في أيدي الآخرين دون لامبالاة بالعرق، وكلها تصرفات انتقلت إلى الأطفال، حيث أن كورونا حسبه، فرصة لمراجعة الذات، والانتباه إلى أخطاء الماضي. ويعتقد الدكتور رواجعية، أن جائحة فيروس كورونا المستجد، سوف تغير في بعض أنماط الحياة، وبعض السلوكيات، لكنها ليست بشكل جذري، لأن عقلية التفكير التقليدي والمرتبط بالعادات والتقاليد يصعب تغييرها بسهولة. ويرى أن التلاميذ يجدون اليوم أنفسهم، وجها لوجه مع أوليائهم، ومع وسائل التواصل الاجتماعي، ووسائل الإعلام، حيث تصبح مسؤولية هذه الجهات كبيرة وذلك بالحرص على تفادي جوانب سلبية قد تضر بالطفل. شبكة ندى: الأطفال والعائلات الهشة تحتاج رعاية مضاعفة وفي سياق الموضوع، حذرت شبكة الدفاع عن حقوق الطفل "ندى"، من المرحلة التي يمر بها التلاميذ، والمراهقين، وخاصة بعد فرض الحجر المنزلي عليهم، وقال رئيس الشبكة، عبد الرحمان عرعار، إن الطفل يشعر الآن بالخوف والتغير في حياته الطبيعية، وأن على الأولياء أن يبحثوا عن بدائل لمواجهة أبنائهم فترة الحجر المنزلي، حيث أن الوقاية والبقاء في البيت للحماية من انتشار كورونا، خيار لا بد منه. وأكد أن شبكة "ندى"، تتفاعل مع الأطفال عبر موقعها الالكتروني، وتقوم بدور النصح وتقديم دروس الوقاية، كما أنها خصصت فرقا للتضامن مع الأطفال اللاجئين، والمتشردين والذين دون مأوى، وأبناء العائلات الهشة، وهذه الفئاتهي حسب عرعار، الأكثر حاجة إلى رعاية. كما حذر، رئيس شبكة "ندى" للدفاع عن حقوق الطفل، الأولياء من إهمال التعامل النفسي مع أبنائهم في مرحلة الحجر الصحي، ودعاهم إلى منعهم من اللعب في الشارع، والاختلاط مع أشخاص آخرين، ومراقبتهم أثناء تصفحهم للانترنت، والتفرج على بعض القنوات.