"الرقاد وبيع البلاد"، و"راقدة وتمونجي"، مثلان شعبيان، يترددان هذه الأيام بين الجزائريين، خاصة بعد فرض حظر التجول والالتزام بالحجر المنزلي للوقاية من كورونا، حيث بشيء من المزح والترويح عن النفس، والتنكيت، تسترجع مثل هذه الأمثال والمقولات المتعلقة ب"الرقاد" دلالة على ضغط نفسي يمليه الظرف الاستثنائي وغير المعهود للكثير من الجزائريين، فيقول البعض لأصدقائهم، عندما يحين وقت حظر التجول وتقترب ساعة الثالثة زوالا: "تصبحون على خير". ولكن تحول هذا المزاح عند الكثير، إلى تطبيق فعلي على أرض الواقع، حيث يغرقون في النوم لساعات طويلة ينافسون بها "الكوالا"، الذي ينام 18 ساعة على الأقل، ويحول البعض الليل إلى نهار والنهار إلى ليل! الفورام: المبالغة في النوم تسبب أمراضا خطيرة وفي هذا السياق، حذرت الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث "فورام"، من اضطرابات النوم خلال الحجر المنزلي، لتأثيرها السلبي على الصحة، وما تسببه من مضاعفات لدى المصابين بأمراض مزمنة، كالسكري والضغط الدموي، والقلب، والمرضى عقليا وعصبيا، وقالت الهيئة، إن النوم لساعات طويلة، يهدد بانقطاع التنفس والسكتة القلبية، ويصيب بأمراض عصبية، والصداع، والقلق والاكتئاب واضطراب الذاكرة، مشيرة إلى أن كبار السن يحتاجون إلى 8 ساعات فقط للنوم بطريقة صحية سليمة، أما المراهقون فقد تصل مدة النوم المناسبة لسنهم إلى 10 ساعات، والأطفال إلى 11 ساعة. وأرجعت هيئة ترقية الصحة وتطوير البحث، أسباب اضطرابات النوم خلال الحجر الصحي، إلى الإدمان على الإنترنت وتصفح المواقع الإلكترونية، والإبحار في العالم الأزرق "فايسبوك" لساعات طويلة ليلا، هروبا من الملل، مما يضطر البعض إلى النوم نهارا، أو لمدة تقل عن 8 ساعات أو تزيد في اليوم الموالي. القلق والنرفزة واضطرابات النوم "كابوس" الحجر الصحي وبدوره، كشف البروفسور مصطفى خياطي، ل"الشروق"، عن تصنيف اضطرابات النوم، كمشكل ثان، يأتي بعد حالة النرفزة والقلق بسبب الحجر المنزلي، وهذا حسب دراسة لهيئة ترقية الصحة وتطوير البحث "فورام"، انطلاقا من عملية التشخيص عن بعد من خلال منصة إلكترونية تحمل أرقام الأطباء المتطوعين للعلاج عبر "الفايبر" و"الواتساب" و"آس آم آس". وقال خياطي، إن تصنيف المتصلين، الذين يستفسرون عن استشارات طبية وتشخيصا لحالتهم، وحسب الحالات المرضية وعددها، وطبيعتها، يؤكد أن المجموعة الأكبر هي لأشخاص يعانون النرفزة والقلق، وتليها مجموعة الذين لديهم مشكل في النوم، وهم في أكثرهم شباب، حيث يستغرق بعض الجزائريين أثناء الحجر المنزلي، في النوم لساعات طويلة، وفِي غير وقتها أحيانا، فيما يعاني البعض نقص النوم. وتوصلت دراسة هيئة "فورام"، إلى أن اضطرابات النوم، أدت إلى تناول أدوية وعقاقير، دون استشارة الطبيب، وهنا، يكمل الخطر، حسب، خياطي، حيث إن أكثر الضحايا لهذه الأدوية، غير الموصوفة بدقة لغياب الكشف الصحي، هم الأطفال، الذين أدى بقاؤهم في البيت، وإدمانهم على المواقع الإلكترونية، إلى لجوء بعض عائلاتهم، وجهلا منها، إلى تنويمهم بأدوية معينة. وأكد البروفسور مصطفى خياطي، أن الأدوية التي يشتريها بعض الجزائريين دون وصفة، لتنظيم نومهم، خلال الحجر الصحي، تتضمن أنواعا توصف لمرضى الصرع، وهذا قد يؤدي إلى إنهيار عصبي، أو خلل عقلي. اضطرابات النوم تهدد صحة الجزائريين ومن جهتها، أكدت الدكتورة رقية ناصر، المختصة في علاج الصرع، أن اضطرابات النوم تهدد صحة الجزائريين، وخاصة المصابين بالأمراض المزمنة، خلال فترة الحجر المنزلي، وترى أن الكثير من الشباب في الجزائر، خاصة منهم المنحرفين في المدن الكبرى، يسهرون ليلا، ويبقون لساعات طويلة خارج المنزل، ولكن في ظل حظر التجول، انقلبت لديهم الموازين، وهو ما أثر سلبا وبشكل واضح على نظام نومهم. وقالت الدكتورة رقية، إن النوم صباحا ولساعات تصل إلى منتصف النهار، خطر صحي وعقلي، يحدق بأفراد الأسرة الجزائرية، لاسيما الذين بحسبها، لديهم أمراض عصبية كالصرع، وأمراض عقلية تحتاج إلى تناول أدوية في وقتها.